«إف-35» خارج حسابات الهند.. 3 أسباب وراء القرار

رفضت الحكومة الهندية رسميًا اقتناء مقاتلات إف-35 الأمريكية، الطائرة الشبحية الأبرز في ترسانة واشنطن العسكرية، وفق وكالة بلومبرغ.
ويشير تقرير لوكالة بلومبرغ الأمريكية، إلى أن القرار الهندي يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو الاستقلالية الدفاعية ورفض التبعية التكنولوجية للولايات المتحدة.
ونقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين -طلبوا عدم الكشف عن هويتهم- أن الهند أبلغت واشنطن بعدم نيتها المضي قدمًا في أي صفقات تسليح كبرى جديدة معها، على الرغم من حملة الضغط المكثفة التي تقودها الأخيرة لدفع نيودلهي نحو زيادة وارداتها الدفاعية.
وأوضح أحد المسؤولين أن الحكومة الهندية "تركز على إقامة شراكات تقوم على التصميم المشترك والتصنيع المحلي للمعدات الدفاعية"، في الوقت الذي لا يسمح فيه برنامج مقاتلة إف-35 إلا بهوامش ضيقة من التخصيص، ما يجعلها غير متوافقة مع الرؤية الهندية للسيادة الدفاعية.
وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من المحاولات الأمريكية لعرض المقاتلة على الهند، كان آخرها في فبراير/شباط الماضي حين قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطائرة كجزء من مقترح شراكة استراتيجية وعسكرية موسعة.
غير أن التوترات التجارية بين البلدين، بما في ذلك فرض واشنطن تعريفات جمركية جديدة على المنتجات الهندية، ساهمت في تعقيد العلاقات، خاصة بعد حادثة توقّف مقاتلة إف-35 بريطانية لمدة 39 يومًا داخل الهند، والتي أثارت سخرية واسعة على المنصات الهندية.
وعلى المستوى العملياتي، ظلت مقاتلة إف-35 مثار جدل في الأوساط الهندية منذ البداية بسبب القيود الأمريكية المشددة على كيفية استخدام المقاتلات، لا سيما تلك من الجيل الخامس، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بتحكم كبير في برمجيات الطائرة ومكوناتها.
وحتى داخل حلف الناتو، لم تحظَ سوى بريطانيا وإسرائيل بهامش مناورة حقيقي في تشغيل هذه المقاتلة، ما يزيد من وجاهة المخاوف الهندية بشأن استقلالية القرار العسكري.
في الوقت ذاته، كشفت الهند عن نيتها مواصلة المفاوضات مع روسيا للحصول على المقاتلة الأخرى، سو-57. وأكد وزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ في يوليو/تموز أن المحادثات بشأن سو-57 لا تزال جارية، رغم الضغوط الأمريكية المتواصلة على نيودلهي للحد من علاقاتها الدفاعية مع موسكو، وهي ضغوط لم تجد صدىً كبيرًا لدى صانعي القرار في الهند، حتى مع التهديدات بفرض عقوبات اقتصادية.
وفي ظل تأخر مشروع المقاتلة المحلية من الجيل الخامس -AMCA- والتي لا يتوقع دخولها الخدمة قبل أواخر ثلاثينيات هذا القرن، تبدو سو-57 الخيار الواقعي الوحيد المتاح أمام الهند في الأفق القريب.
وقد ازدادت جاذبية الطائرة الروسية بعد أن عرضت موسكو في مايو/أيار الماضي صفقة ترخيص إنتاج موسعة تتضمن منح نيودلهي وصولًا كاملًا إلى الشيفرة المصدرية للطائرة - عرض غير مسبوق من حيث مستوى الشفافية ونقل التكنولوجيا، ويعزز الفارق بينه وبين ما تتيحه واشنطن لمستخدمي إف-35.
وخلص التقرير إلى أن هذا الرفض لا يعني إغلاق الهند الباب أمام التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، لكنه يرسم بوضوح حدود الشراكة القائمة على الندية والاستقلال، لا على الوصاية والتبعية التكنولوجية.