تحولات المجتمع المصري في رواية سِويدية
المؤلفة عاشت جزءًا كبيرا من أحداث روايتها «ثلاث سويديات في القاهرة» في مصر وتقدم من خلالها تفسيرًا لما يحدث في مصر في السنوات الأخيرة
عن الدار المصرية اللبنانية بمصر، صدرت رواية «ثلاث سويديات في القاهرة» للكاتبة السويدية آن إيديلستام، عن قصة حقيقية، عاشت المؤلفة جزءًا منها بكامل تفاصيلها في القاهرة، وتقدم من خلالها تفسيرًا للأجيال الجديدة التي تريد أن تفهم طبيعة ما يحدث في مصر في السنوات الأخيرة.
تسرد المؤلفة بأسلوبٍ أدبي، راقٍ، قصة ثلاث سويديات، يمثلن ثلاثة أجيال مختلفة؛ ساقتهن الأقدار للحياة في مصر، ومن خلالهن، ترصد المؤلفة التحولات الحادة التي شهدها المجتمع المصري منذ عشرينيات القرن العشرين، وحتى يناير 2011.
في 25 يونيو 1888م، هناك في أقاصي الشمال الأوروبي البارد، يندلع حريق هائل يأتي على منزل ومطعم «رانهيلد» و«ألفريد» في ساندس ﭬـال، وعلى عدد كبير من البيوت المجاورة لبيتهما، لكن يستطيع «ألفريد» بمساعدة والد «رانهيلد» إعادة تأسيس مطعم جديد والاستفادة بزبائنه المتعاطفين مع العائلة المنكوبة.
تأتي «هيلدا» إلى الحياة عام 1889م، و«هيلدا» هي السيدة الأولى من ثلاث سيدات سويديات عِشن في القاهرة، تحكي الأحداث قصتهن على لسان السيدة الأخيرة - الحفيدة - «آن إيديلستام»، مؤلفة الكتاب، التي تتحدث عن جدتها قائلة: «ما زلتُ أذكر جدتي. أُغمض عيني، وأتذكر كل تفاصيلها: شعرها الملفوف، الابتسامة التي تضيء وجهها، وقرطها الماسي الذي ما زلت أرتديه. لازمتني جدتي وذكرياتها، ومن خلالها لازمتني مصر طيلة حياتي دون حتى أن أدرك أو أشعر بهذا».
انطلاقا من الخلفية التاريخية السابقة، وتدور أحداثها بالكامل في السويد، تبدأ قصة السيدات الثلاث في القاهرة، حين يقع الشاب «طورشتين» في حب «هيلدا»، ويفكر في الزواج منها، لكنه ينتقل للعمل في مصر كقاضٍ بالمحاكم المختلطة التي كانت منتشـرة آنذاك، ويصل «طورشتين» بالفعل إلى القاهرة في أكتوبر 1926، لتلحق به «هيلدا» بعد ذلك، ويتم الزواج في القاهرة، ثم ينتقلان للعيش في مدينة المنصورة، حيث يعمل «طورشتين» في محكمتها المختلطة.
تسافر «هيلدا» إلى السويد لتضع مولودتها خوفًا من عدم رعايتها طبيًّا بشكلٍ مُرضٍ في مصر، ثم تعود بابنتها «إنجريد» - ستصبح السيدة الثانية من السيدات الثلاث - التي تقضي طفولتها وشبابها في مصر، ولا تعرف لها وطنًا غيره، لكنها تضطر لمغادرة مصـر إلى السويد بشكل نهائي قبيل ثورة 23 يوليو 1952م، وهناك تلتقي دبلوماسيًّا شابًّا اسمه «أكسيل إيديلستام»، الذي يصبح زوجها فيما بعد.
تُنجب إنجريد من أكسيل ابنتهما «آن» - السيدة الثالثة، والراوية التي تقوم بمهمة حكي سيرة السيدات الثلاث اللاتي عشن في القاهرة - ولا تنسى «إنجريد» عشقها لمصر، حتى يفاجئها زوجها بأنه تم تعيينه سفيرًا للسويد في القاهرة، وتعود «إنجريد» مرة أخرى إلى وطنها مصر بعد سنوات من البعاد، كزوجة للسفير السويدي في القاهرة، وسرعان ما تلحق «آن» بوالديها لتحيا معهما في مصر، وتبني ذكرياتها الخاصة بها.
هكذا وباكتمال سرد قصة السيدات الثلاث، ومن خلال حياتهن في القاهرة، نتعرَّف على شكل الحياة المصرية عبر فترة زمنية طويلة نسبيًّا، عبر ثلاثة أجيال، ونعرف كيف كان يفكر المصريون؟ وكيف كانوا يعيشون؟ ونلمس - مع السيدات الثلاث - مدى تغيُّر الحياة والتدهور الذي سيضرب المجتمع والبشر والأماكن، حيث تختفي ملامح الجمال من الشوارع والمباني والحدائق بمرور السنين، وزيادة عدد السكان، وانتشار السيارات في الشوارع، وتغيُّر سلوك الناس..
تتحدث «آن» عن عودتها إلى مصر بعد فترة انقطاع، فتقول: «بدأت التفكير بجدية في الذهاب إلى مصر، ولكني لم أكن واثقة مما سأجده بعد سنوات البعد الطويلة. فكرت في الصدمة التي أُصيبت بها والدتي بعد عقود من الغياب، والفرق الشاسع الذي وجدته بين أيام الطفولة، والمراهقة الوردية، وبين ما آلت إليه الأمور. هل سأستطيع التعرف على القاهرة بعد سنوات الفراق؟ ماذا لو أصابني الإحباط؟ أليس من الأجدر بي أن أحتفظ بالذكريات السعيدة دون العودة مرة أخرى؟ انتصر فضولي في نهاية الأمر على كل هذه الأفكار، وقررت السفر إلى مصر».
مؤلفة الرواية، آن إيديلستام، باحثة اجتماعية في علم الأجناس البشرية، ومؤرخة إسلامية، وصحفية، تتحدث السويدية، والفرنسية، والإنجليزية.
aXA6IDEzLjU4LjIwMC4xNiA=
جزيرة ام اند امز