انسحاب روسيا من سوريا.. هل تفوق دهاء بوتين على أوباما مجددا؟
بوتين باغت أوباما بإعلان سحب قواته من سوريا في خطوة برهنت على فشل المحللين ومسؤولي الاستخبارات في توقع تحركات الدب الروسي.
"هل خدع بوتين أوباما؟" .. تساؤل طرحته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، حول براعة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المناورة، عندما باغت نظيره الأمريكي باراك أوباما، بإعلان سحب قواته من سوريا، بينما حاولت قراءة ما وراء هذه الخطوة، التي برهنت على فشل المحللين الأمريكيين ومسؤولي الاستخبارات في توقع تحركات الدب الروسي.
وفي تقرير بعنوان "هل تفوق مكر بوتين على أوباما مجددًا"، قالت المجلة المرموقة، إن إعلان بوتين، أمس الإثنين، أن بلاده ستبدأ الانسحاب من سوريا، يظهر أنه أخذ واشنطن على حين غرة، وأحيا المخاوف من أن الزعيم الروسي يفوق أوباما براعة في مناوراته.
وبعد 6 أشهر فقط من جر العلاقات الدولية إلى حالة من الفوضى، إثر شن ضربات جوية في سوريا، أعلن بوتين أن "المهام التي وضعت أمام وزارة الدفاع قد اكتملت بصورة كاملة"، مضيفًا أنه أمر بانسحاب "الجزء الرئيسي" من القوات الروسية في سوريا.
هذا الإعلان، ترك مسؤولي البيت الأبيض في حالة من الارتباك، حيث تجنب المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست أسئلة الصحفيين، بينما حاول آخرون جمع المعلومات بسرعة.
الخروج الروسي السريع من سوريا، سوف يدحض حجة الرئيس أوباما بأن بوتين قد سار إلى "مستنقع" الحرب الأهلية في ذلك البلد، وأنه سوف يندم، وهي القضية التي أثارها مؤخرًا في مقابلة مع مجلة "أتلانتيك"، حيث قال إن روسيا "أجهدت" و"تنزف" في سوريا.
وقد تغلب بوتين مرارًا على أوباما، خلال العامين الماضيين، بداية من ضم "شبه جزيرة القرم" في مارس/آذار 2014، إلى الحملة العسكرية في سوريا، حيث فشل المحللون الأمريكيون ومسؤولو الاستخبارات في توقع أي من الخطوتين، ما أثار استياء أوباما.
وفي مؤتمر صحفي، الشهر الماضي، سأل مراسل وكالة "بلومبرغ" أوباما عما إذا كان بوتين "تغلب" عليه في سوريا، فأجاب: جزئيًّا، لأن الغارات الجوية الروسية تظهر ضعف موقف الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي حين، لم يحمل تدخل بوتين في سوريا، تكلفة على غرار الغزو السوفييتي لأفغانستان، عام 1979 رغم تحذيرات أوباما في هذا الشأن، إذ ربما خشى الزعيم الروسي أن المشاركة لفترة طويلة، قد يتحول في نهاية المطاف إلى "المستنقع" الذي توقعه أوباما.
وثمة ما يدعو للاعتقاد بأن بوتين لا يرحل من سوريا وفقًا شروط مرجوة، ففي الخريف الماضي، قال إن هدف روسيا في سوريا محاربة الإرهابيين، وهي مهمة لم تكتمل بعد، رغم وقف إطلاق النار الهش الذي يصادف الذكرى السنوية الخامسة للحرب الأهلية في البلاد خلال الأسبوع الجاري.
و"داعش" ما زال يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي، وهو واقع يشير إليه محللون كدليل على أن بوتين لم يكن صادقًا في هزيمة "داعش"، ويهتم في الأساس بالمكاسب الاستراتيجية لمساندة حليفه الأسد.
إيفلين فاركاس مساعدة وزير الدفاع الأمريكي السابقة لشؤون روسيا، قالت إنه "إذا تحققت أهدافه (بوتين) إلى حد كبير، إذا من الواضح أنه لم يكن يحاول هزيمة داعش".
لكن الحملة الجوية الروسية في سوريا قوّت بلا شك الأسد، حليف موسكو المقرب الوحيد في الشرق الأوسط، الذي كان يواجه خطر السقوط أمام تقدم القوات المعارضة المسلحة- بما في ذلك المعتدلين نسبيًّا- الذين تدعمهم وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، قبل أن تبدأ روسيا قصفهم في الخريف الماضي.
ولكن أفعال بوتين لا تتطابق مع خطابه في كثير من الأحيان، ويبقى أن نرى ما إذا كانت روسيا سوف تسحب فعليًّا الجزء الأكبر من قواتها، حيث قالت الحكومة الروسية، أمس، إنها ستحافظ على وجودها في قاعدة بحرية وقاعدة جوية في سوريا.
"لا أحد يقول إن الدعم الجوي الروسي سيتوقف بنسبة 100%"، حسبما قال مسؤول في الحكومة الروسية لمجلة "بوليتيكو"، مضيفًا: "لا تحتاج هذه القوة الكبيرة إذا كان هناك وقف إطلاق نار".
وبينما لا يزال واضحًا، التأثير الذي سيخلفه إعلان بوتين على عملية السلام متعددة الجنسيات بهدف التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، يشير بعض المحللين إلى أن بوتين تزايد إحباطه إزاء الأسد، الذي كان معارضًا بشدة لاتفاق السلام، حيث نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية في يناير/كانون الثاني الماضي، عن مسؤولين في الاستخبارات الغربية، أن بوتين ضغط على الأسد للتنحي.
وتقول "رندا سليم" من معهد الشرق الأوسط، إن "توقيت هذا الإعلان، الذي يتزامن مع بدء محادثات جنيف، هو إشارة واضحة إلى الأسد أنه يجدر به أن يدخل المفاوضات بحسن نية".
ورأت "سليم" أن "هذا القرار هو نتيجة لتزايد السخط الروسي من الأسد. وبوتين قام فقط بموازنة علاقات القوة داخل قاعة المفاوضات في جنيف".
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز