"التحطيب" .. اللعب بالعصاة فخر الرجال بصعيد مصر
"التحطيب" لعبة مصرية خالصة يتوارثها أبناء الصعيد في مصر، ويفتخرون بأنها "لعبة الرجال".
يفتخر أبناء الصعيد في جنوب مصر بأنها "لعبة الرجال" يتوارثونها من جيل بعد جيل ومن عائلة إلى أخرى، إنها لعبة" التحطيب" أو" اللعب بالعصا" كما يطلق عليها.
وتعد لعبة" التحطيب" مصرية خالصة وتتركز في صعيد مصر في محافظات سوهاج وأسوان والأقصر وقنا، ورغم أنها قد تبدو لع بة غريبة حيث يتقاتل فيها شخصان باستخدام عصاة وغالبًا ما يتم هذه التقاتل على أنغام ألة المزمار، إلا أن اللعبة لا تزال تجد إقبالًا كبيرًا بين" الصعايدة" الذين يعتبرونها غية الرجال.
ولعل هذا الولع الشديد بلعبة التحطيب هو ما دفع مصطفى وساف وهو شاب من أبناء محافظة سوهاج إلى إحياء هذا الفن هو وأفراد عائلته.
وساف، خريج كلية أداب قسم آثار يتحدث عن اللعب بالعصاة بفخر شديد يراها لعبة الكبار، وينفي عن" العصاة" صفة الشر؛ فهي لا تستخدم للأذى كما أوضح في حديثه لـ"بوابة العين"، وإنما يتطلب الأمر سرعة بديعة وذكاء وقدرة عالية على التركيز والإتقان.
بدأت فكرة إنشاء مركز لتعليم فن التحطيب بين وساف وأفراد عائلته منذ 5 سنوات، ولا يعتمد المركز على الربح مطلقًا، بل يتم تعليم أبناء المحافظة وغيرهم اللعب بالعصاة دون مقابل في إحدى الساحات الكبيرة الخاصة بالعائلة.
وتعود جذور فن التحطيب إلى مصر الفرعونية، حيث وجدت نقوشات على المعابد الفرعونية، والعصاة التي استخدمها قدماء المصريين كانت مصنوعة من نبات البردي المعجون حتى لا تسبب إصابات بالغة للاعبين وبمرور الوقت تغير نوع العصاة من الشومة الغليظة وحتى عصاة خفيفة من الخيزران.
وعن قواعد اللعب بالعصاة يقول وساف: "القاعدة الأولى والأخيرة هي الأدب في التعامل؛ فالصغير يحترم الكبير، وعلى الكبير البدء باللعب ورفع العصاة أولًا"، كما أن الضيف الوافد على العائلة هو من يقوم برفع عصاه أولا بدءًا في اللعبة.
وينتشر اللعب بالعصاة في الأفراح والمناسبات السعيدة والمواليد، حيث يقوم أحد الرجال المشاركين في اللعبة بالحركة عكس الآخر وتبدأ اللعبة، كما أن إمساك العصاة باليد اليمنى من أساسيات اللعبة.
ويضيف أن اللعبة لا تعتمد على البنيان القوي للرجال، بل هناك مواصفات أخرى يتطلب وجودها فيمن يمارسون هذه اللعبة مثل الشدة والحرفة.
وعن حدوث إصابات أثناء اللعب يؤكد وساف، أنه ليست من قواعد وأخلاقيات التحطيب؛ فهي لعبة لا يراق فيها دم، ولكن قد تحدث بعض الإصابات الصغيرة اللاإرادية من الكثير من الألعاب القتالية.
ويبدأ اللعب بالعصاة عندما يتقابل رجلان يمسك كل منهما بيمينه بعصاة، وقبل البدء عليه تقديم التحية للمزمار ثم بعض الحركات الاستعراضية ثم حركات الرش على الظهر، وهناك مجموعة من الشباب يشكلون دائرة حول اللاعبين، حيث يكون لهم دور تأميني أثناء اللعبة إذا ما غلبت الحماسة أحد اللاعبين، وفي نهاية اللعبة يتعانق اللاعبان اللذان يرتديان الزي الصعيدي وهو "الجلابية".
بلهجة الواثق يتحدث أمين الفيومي عمار، الذي يعمل مدرسًا، ويعد أحد مدربي هذه اللعبة قائلًا: "لعبة العصاة في دم كل الصعايدة، ولا يلعبها سوى الرجال؛ فليس للنساء نصيب من هذا الفن".
يحل التحطيب ضيفًا أساسيًّا في جميع مناسبات الصعيد المبهجة، ويرى عمار أن هناك إقبالًا كبيرًا من قبل شباب الجنوب على تعلم فن التحطيب مهما بلغت درجاتهم العلمية؛ فهي تراث فرعوني توارثه الصعيد ولا يزال يعمل بكل السبل على إحيائه وتطويره.
ويعيب عمار عدم اهتمام المؤسسات الثقافية في مصر بهذا الفن رغم عشق الأجانب له في كل مرة يزورون الصعيد، حيث يحرص الكثيرون على حضور احتفالات التحطيب وسط إعجاب الكثيرين منهم، مطالبًا وزارة الثقافة بضرورة المساهمة في إحياء هذا التراث.
عزة النفس والكرامة عنوان للعبة التحطيب كما يؤكد عمار في حديثه لـبوابة "العين" الإخبارية؛ فهي فخر للرجال على حد وصفه.
ويشير عمار إلى أن حركات اللاعبين المحسوبة على إيقاع المزمار تضفي على اللعبة متعة كبيرة وتخرجها من تصنيفها كلعبة قتالية؛ فهي فن من الطراز الأول قبل أن تكون لعبة تنمي قيم الشهامة والإقدام لدى لاعبيها.
فيديو يظهر لعبة التحطيب:
aXA6IDMuMTQ0LjQ3LjExNSA=
جزيرة ام اند امز