"النائب" و"الصحفي".. صراع القط والفأر في البرلمان المصري
منذ بدء جلسات البرلمان المصري في يناير/كانون الثاني الماضي والعلاقة بين نوابه ووسائل الإعلام تتسم بالتوتر الدائم
توصف العلاقة بين البرلمان المصري منذ بدء أولى جلساته في 10 يناير/كانون الثاني الماضي ووسائل الإعلام، بأنها على غير وفاق وفي توتر دائم.
يرى عدد كبير من أعضاء مجلس النواب، الذي عقد أولى جلساته في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، أن الإعلام أسهم بقوة في إسقاط نظام جماعة الإخوان المسلمين، ووقف وراء تصنيفها جماعة إرهابية، وأسهم في تأليب الرأي العام ضدها، ومن ثم كان أول قرار اتخذه بعد أولى جلساته الإجرائية، واختيار رئيسه علي عبدالعال، وهيئة مكتبه، هو منع بث الجلسات تلفزيونيًّا.
وتسبب هذا القرار في انقسام رؤى النواب وقتها، بين مؤيد بشدة، بحجة أن عددًا كبيرًا من أعضاء البرلمان يمارسون الحياة السياسية والنيابية لأول مرة، ومعارض بشدة من هواة الظهور أمام كاميرات التليفزيون، بينما تحفظ عدد من النواب على منع بث الجلسات، باعتبار ذلك أمرًا مؤقتًا حتى يرتب البرلمان أوراقه، ومنعًا لإثارة الشارع المصري.
وقال النائب السيد الشريف، وكيل المجلس في وقت سابق، إنه بعد عرض الحكومة بيانها أمام البرلمان يوم 27 مارس/آذار الجارى، سيتم مناقشة قضية منع بث جلسات البرلمان من عدمه.
سابقة برلمانية حدثت في مجلس النواب الحالي، حين قرر البرلمان الاستعانة بالشرفة العلوية المخصصة للصحافيين البرلمانيين، وضمها للقاعة الرئيسية وتخصيصها للنواب، بحجة التغلب على ازدحام النواب الذي ارتفع عدده إلى 594 نائبًا بعد إلغاء مجلس الشورى (الغرفة البرلمانية الثانية)، وفقًا للدستور، وتم نقل صحفيي الشئون البرلمانية إلى الشرفة العلوية الثالثة، والمخصصة لاستقبال ضيوف البرلمان.
لم يكتف مجلس النواب بذلك، وأصدر عدة قرارات، من بينها منع استخدام الكاميرات، وأن تقتصر شرفة الصحافة على الصحافة المكتوبة فقط، ومنع التصوير بالكاميرات، سواء كانت فيديوهات مصورة، أوتصوير فوتغرافي.
وشمل القرار منع وجود المصورين في القاعة الرئيسية "تحت القبة"، خلال عقد الجلسات بشكل دائم، وتم تحديد دقائق لكل ثلاثة من المصورين.
"السادة المصورين..خارج القاعة من فضلكم"، عبارة يرددها رئيس البرلمان كثيرًا، إذا لاحظ انقضاء الدقائق المتفق عليها مع المصورين، علي عبدالعال، كما قرر منع التصوير بشكل نهائي، في البهو الفرعوني المخصص لاستراحة النواب بعكس ما كان يحدث في البرلمانات السابقة، بعد شكوى النواب من التقاط صور لهم في أثناء تناولهم الطعام، الأمر الذي اعتبروه "غير لائق".
وفد من نقابة الصحفيين المصريين، برئاسة النقيب يحيى قلاش، التقى عبدالعال، ناقلا له شكوى المحررين البرلمانيين، والتضييق عليهم، ووعدهم عبدالعال بإعادة النظر، ولم يحدث تغيير.
وفي 14 مارس/آذار الجاري، التقى رئيس مجلس النواب علي عبدالعال عددًا من رؤساء التحرير، ونقيب الصحفيين، ووجه رئيس البرلمان اللوم إلى الصحافة، بسبب التغطية الإعلامية للبرلمان خلال الفترة الماضية، وقال لهم الصحافة ظلمتني لأنني أدير أكبر عدد من النواب في تاريخ المجلس النيابي، الأمر الذي يترتب عليه صعوبة التحكم فيهم، في ظل عدم وجود أحزاب للأغلبية.
قد لا يكون هناك نوع من التدخل فيما يكتبه الصحفيون في البرلمان، ولكن أبرز عبارة تقال لهم عند رؤية النواب لهم في أثناء تأدية عملهم، "اتقوا الله فيما تكتبون.. وفكروا في مصر.. ولا تكونوا مثل البنزين الذي يزيد إشعال النيران".
النائب مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، أول من قرر معاقبة الإعلام بطريقته؛ حيث حاول جمع توقيعات لإغلاق إحدى القنوات الفضائية، بسبب غضبه من الإعلامي عمرو أديب بسبب خلاف شخصي، ووقف مرتضى صارخًا في إحدى الجلسات مهددًا ومتوعدًا الإعلامي الذي رأى أنه أخطأ في حق الشعب المصري كله، ولكن لم ينجح مرتضى في ذلك؛ لأن عددًا من أعضاء المجلس رأوا أنها تصفية حسابات شخصية بين النائب والإعلامي، ويجب على البرلمان أن ينأى بنفسه بعيدًا عنها.
ويواجه البرلمان المصري تحديًا آخر؛ حيث قرر ما يزيد على 100 نائب تقديم طلب لرئيس المجلس للمطالبة بعقد جلسة خاصة، لفتح ما أسموه "ملف الفوضى الإعلامية".
وقال النائب سيد فراج، إنه سيقدم هذا الطلب لرئيس المجلس، خوفًا مما أسماه بدولة "القنوات الفضائية الخاصة، التي يملكها رجال أعمال، وتسعى لبث سمومها يوميًّا من خلال برامجهم غير الهادفة".
النائب فراج رأى أن هذه البرامج ليس لها هدف سوى تدمير مصر وشعبها، وأن جميع الحكومات السابقة من بعد ثورة ٢٥ يناير/كانون الثاني 2011 وحتى الحكومة الحالية، تتحمل ما تشهده مصر من العري والإسفاف الإعلامي وبرامج التهييج ضد الدولة المصرية بجميع مؤسساتها التنفيذية والقضائية والتشريعية.
وقال إنه "إذا لم يتدخل البرلمان بفتح ملف الإعلام وما به من فوضى غير مسبوقة، سيكون هناك عواقب وخيمة جراء هذا العبث الإعلامي، الذي يركز على إظهار السلبيات فقط"، مشددا على ضرورة "سن تشريعات لضبط الأداء الإعلامي".
فهل يستطيع البرلمان المصري تقليم أظافر وسائل الإعلام، وفتح هذا الملف ومناقشته، واتخاذ إجراءات صارمة به؟
الإجابة ستظهر عقب إقرار اللائحة الداخلية، وتشكيل اللجان النوعية، وبالتحديد لجنة الثقافة والإعلام، التي سيكون هذا الملف على طاولتها، وهي التي تضم بين أعضائها نوابًا من المنتمين للحقل الصحفي والإعلامي.
aXA6IDE4LjIxOS4xNS4xMTIg جزيرة ام اند امز