قبل نحو 6 أيام من الآن، كانت المعارضة السورية تنظر إلى روسيا باعتبارها شريكًا في صناعة الأزمة
قبل نحو 6 أيام من الآن، كانت المعارضة السورية تنظر إلى روسيا باعتبارها شريكًا في صناعة الأزمة، لا سيما بعد تدخلها العسكري في سوريا، الذي ساعد على دعم بشار الأسد، غير أن لغة الخطاب تغيرت تماما خلال الستة أيام الماضية بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب القوات الروسية من سوريا.
وبدأت روسيا التدخل عسكريا في سوريا قبل نحو خمسة أشهر، وتحديدًا في 30 سبتمبر 2015، عندما قام سلاح الجو الروسي بتوجيه ضربات جوية في الأراضي السورية، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت عبارة "روسيا جزء من الأزمة" تلوكها ألسنة المعارضة في كل مناسبة، وهو ما جعلها لا تتعاطى مع أي دعوة للحوار أو مبادرة تخرج من موسكو.
ويعود تاريخ استخدام هذه العبارة قبل نحو ستة أشهر من التدخل العسكري المباشر لروسيا في سوريا، وجاءت على لسان وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل، ردًّا على الرسالة التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقمة العربية في شهر مارس 2015.
وبينما كان بوتين يتحدث في رسالته عن حلول للأزمة السورية، قال الفيصل لبوتين: "أنتم جزء من الأزمة".
وبعد التدخل العسكري المباشر، أعيد استخدام العبارة نفسها كثيرًا في تصريحات المعارضة السورية، وتصدرت عنوانًا لتصريحات نقلتها صحيفة "عكاظ" السعودية عن هشام مروة النائب السابق لرئيس الائتلاف السوري في 29 يناير 2015.
وكان مروة يعلق في هذه التصريحات على الدعوة التي أطلقتها موسكو لاستضافة مؤتمر للحوار بين النظام السوري والمعارضة، فقال "كيف تدعو لحوار لحل الأزمة وهي جزء منها".
واستخدم معارضون سوريون مفردات ربما تكون أقوى من تلك العبارة في حديثهم عن التدخل الروسي في سوريا، مثل وصفهم له بـ"الاحتلال"، ومن بين هؤلاء المعارض هيثم المالح رئيس اللجنة القانونية بالائتلاف السوري، الذي لا ينسى استخدام هذه الكلمة عند الحديث عن التدخل الروسي في الأزمة، بل إن كثيرًا من البيانات الصحفية التي خرجت عن المكتب الإعلامي للائتلاف السوري كانت تحرص على استخدام الكلمة نفسها.
وانتقل خطاب المعارضة السورية من هذه الأوصاف القاسية، إلى لغة خطاب تبدو أكثر هدوءًا تجاه روسيا، بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الانسحاب من الأراضي السورية قبل 6 أيام، لتصبح بانسحابها جزءًا من الحل، بل باتت هي الملاذ لإنقاذ مفاوضات "جنيف 4" من التعثر.
وظهر ذلك واضحًا في تصريحات المعارضين السوريين، ومنهم برهان غليون العضو البارز في الائتلاف السوري، الذي سألته مجلة المسيرة اللبنانية عن رأيه في قرار الرئيس الروسي البدء بسحب قواته الأساسية من سوريا، فقال إن هذا القرار يمكن أن يحدث ثغرة في حائط الأزمة السورية المسدود منذ سنوات.
وتابع: "هو قرار جدي وموجه بشكل أساسي ضد النظام ورئيسه بشار الأسد، خاصة بعد تصريح لوزير الخارجية السوري وليد المعلم أظهر وكأن النظام يتصرف على أنه متنصر، وغير عابئ بما يقرره حلفاؤه الروس الذين دعموه على مدى خمس سنوات وأنقذوه من الانهيار في الأشهر الأخيرة".
وجاءت تصريحات غليون متأثرة بما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الخميس الماضي، نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية في موسكو، قالت إن بوتين أبدى استياءه من تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل أيام، التي تحدث فيها عن أن منصب الرئيس خط أحمر في مفاوضات جنيف.
وقالت المصادر إن بوتين طلب ترجمة حرفية لكل ما ورد في تصريحات المعلم، مشيرة إلى أن روسيا اعتبرت كلامه استفزازيًّا، خاصة أنه جاء بالتزامن مع المفاوضات.
ولم يتأثر غليون وحده بما جاء في الصحيفة، بل إن هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية باتت تنظر إلى روسيا باعتبارها المنقذ لمفاوضات "جنيف 4".
وقال يحيى قضماني، نائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، في مؤتمر صحفي بجنيف أمس الأحد، "نأمل أن تستخدم روسيا نفوذها على نظام الأسد للدخول في مفاوضات جادة بشأن الانتقال السياسي".
وينظر مراقبون لهذا التحول في لغة خطاب المعارضة تجاه روسيا، بأنه ربما جاء استنادًا إلى مواقف بدأت تتبدل تجاه سبل حل الأزمة خلال "جنيف 4"، بينما يراه آخرون "متسرعًا"، لا سيما أن النوايا الروسية من هذا الانسحاب لا تزل القوى الدولية حائرة في فهمها إلى الآن.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز