بالصور: "اللمبي" الأول.. أبوه تاجر يهودي هاجر من اليمن واستوطن أفريقيا
70 ألف نسمة يؤمنون بأنهم "شعب الله المختار".. والأبحاث الجينية تثبت انتساب أغلبهم إلى النبي "هارون".. ويتوزعون بين 4 دول.
"اللمبي" الأول ليس المقصود به تلك الشخصية الهزلية التي قدمها الفنان محمد سعد في فيلمه الشهير، الذي يحمل نفس الإسم، وإنما هو إشارة إلى الشخص الأول الذي تنتسب إليه طائفة الليمبا، التي تقول إن جذورها يهودية الأصل، وتستوطن مالاوي وزيمبابوي وشمال دولة جنوب أفريقيا، مع مجموعة قليلة في موزمبيق، وتعد من أشهر ما يعرف بظاهرة "اليهودية السوداء"، أي القبائل اليهودية في أفريقيا.
والليمبا مجموعة عرقية، يقدر عدد أفرادها بنحو 70 ألف نسمة، وينتسبون إلى 3 قبائل أساسية هي: باليمبا، باسينا، وباموانيا، ويتحدثون بلغات البانتو، التي تضم 522 لغة، ويجري التحدث بها في المنطقة الجغرافية التي يعيشون بها. وما زال أبناء هذه الطائفة يمارسون طقوسا دينية تشبه إلى حد كبير طقوس الديانة اليهودية. ويقول العلماء إن هذه الطقوس انتقلت إليهم كتراث وعبادة شفهية غير مكتوبة عبر الأجيال. ورغم أن الكثير من أبناء الليمبا باتوا اليوم يدينون بالديانة المسيحية إلا أنهم ما زالوا يحتفظون ببعض الطقوس والعادات اليهودية.
ويؤمن أبناء الليمبا أن أجدادهم الأوائل كانوا تجارا يهودا، هاجروا من فلسطين إلى اليمن، ومن هناك إلى أفريقيا، منذ 2500 سنة. ويؤمنون بأن هؤلاء التجار كانوا رؤساء 11 سلالة هي: بوبا، هاميسي، سرمانا، توفاكرا، دوما، مهاني، هاجي، ساديكي، ساريفو، مانجا، وكالعادة هناك سلالة مفقودة. وأقدم هذه السلالات هي "بوبا"، التي استوطنت المنطقة المعروفة اليوم باسم "صنعاء" في اليمن.
أما سلالة هاميسي فنقلت الجالية إلى شرق أفريقيا عبر البحر، حيث تفرعت هناك، فبقي جزء منها في إثيوبيا، فيما تجول الباقون في أرجاء أفريقيا، جنوبا، على الساحل. ويقول أبناء الليمبا إنهم استوطنوا في تنزانيا وكينيا واقاموا هناك "صنعاء الثانية".
وانتقل جزء آخر إلى مالاوي، ومن هناك إلى زيمبابوي وجنوب أفريقيا. ويقول أبناء الليمبا إن آبائهم هم من بنوا مدينة زيمبابوي الأولى، لكن أبحاثا أكاديمية تنسب تأسيس المدينة إلى قبيلة أخرى. ويؤمن أبناء الليمبا بأن الرب لم يكن راضيا على سلوك الطائفة فشتتهم في أنحاء قارة أفريقيا. وبمرور الزمن تزوجوا بنساء أفريقيات. وتشير الأبحاث إلى أن أبناء الليمبا كانوا معروفين بتخصصهم في الطب والذهب والنحاس والحديد. وأعتاد ابناء الجالية أن يبيعوا الذهب إلى التجار العرب في الشرق والبرتغاليين في الغرب.
وكما ذكرنا هناك الكثير من الطقوس والعادات اليهودية التي يمارسها ابناء الليمبا، ما يعزز قولهم إنهم من ابناء الشعب اليهودي. ولكن في الوقت نفسه هناك من هذه العادات والطقوس ما يشير إلى ارتباطهم بالعرب والإسلام.
من ذلك على سبيل المقال أن ابناء الليمبا موحدين، ويؤمنون بوجود إله واحد للكون، يطلقون عليه اسم "مواري". ويحفظون حرمة يوم السبت، المقدس لدى اليهود، فيقدسه ابناء الليمبا أيضا ويسبحون فيه الرب المسمى لديهم كما ذكرنا "مواري"، كما يشكرونه على أنه اصطفاهم، فهم يعتبرون أنفسهم "شعب الله المختار".
ولا يأكل أبناء الليمبا لم الخنزير ولا أي طعام ورد تحريمه في التوراة، ولا يخلطون اللحم بالحليب. كما أنهم يباركون الطعام ويشكرون الرب "مواري" قبل كل وجبة. ويقومون بذبح الحيوانات وفقا للشريعة اليهودية. ويمارسون ختان الذكور. ويمكن ملاظة رسوم نجمة دآود على اشهاد قبورهم. ومن عاداتهم ألا يتزوجوا من خارج القبيلة.
المثير في الأمر أنه في عام 1988 قام علماء بمجال الوراثة من الولايات المتحدة وإسرائيل وإنجلترا بتحليل الكروموسوم "واي" لذكور الليمبا، فاكتشفوا لديهم جينات كهنوتيا تدل على اصلهم اليهودي فعلا، بل وقالوا إنهم بموجب هذه النتائج ينحدرون جينيا من نسل هارون، شقيق النبي موسى عليه السلام. وبرز الأمر عند قبيلة "بوبا"، التي تبين وجود جين الكهنة اليهودي لدى 52% منهم.
ورغم كل ذلك يرفض السواد الأعظم من حاخامات إسرائيل اعتبار هذه القبائل من ابناء الشعب اليهودي. ومع ذلك أيضا بدأ الكثير من ابناء الليمبا تعلم اللغة العبرية، وزار بعضهم إسرائيل، التي تسعى إلى استغلالهم سياسيا وسياحيا وإعلاميا.
aXA6IDMuMTQ5LjIxNC4yMjMg جزيرة ام اند امز