ضريبة على الثروة غير المنتجة.. تهديد للتأمين على الحياة في فرنسا
عتبرت إذاعة «20 مينيت» الفرنسية، أن مشروع موازنة 2026 في فرنسا، يحمل عدداً من التعديلات التي يمكن وصفها بأنها «غامضة» أو «غير موفّقة».
من أبرزها تلك التعديلات؛ إنشاء ضريبة جديدة على «الثروة غير المنتجة»، وهي خطوة قد تخلّف آثاراً سلبية كبيرة على الاقتصاد الفرنسي.
ففي 31 أكتوبر/تشرين الأول، صوت النواب الفرنسيون على تعديل يقضي بفرض ضريبة على الثروة غير المنتجة، تشمل من بين ما تشمل، التأمينات على الحياة المودعة في "صناديق اليورو".
ورأت الإذاعة الفرنسية أنها "فكرة سيئة تبدو جيدة"، لكنها في الواقع قد تكلف الدولة ثمناً باهظاً: إذ إن 30% من هذه الصناديق تمول الديون السيادية، و57% منها تستثمر في الشركات الفرنسية. وإذا تراجع الإقبال عليها، فسيضطر البلد إلى الاقتراض من جهات أخرى وبكلفة أعلى.
وأشارت الإذاعة الفرنسية أن الأخطر أن هذه الضريبة قد تدفع الفرنسيين إلى تحويل أموالهم نحو الاستثمارات الأجنبية، متخلين عن دعم اقتصاد بلادهم. نعم، هي بالفعل "فكرة سيئة متخفية في هيئة مبادرة إصلاحية".
ووفقاً للإذاعة الفرنسية فإنه على الرغم من أن فرنسا معروفة بقدرتها على ابتكار ضرائب غير مألوفة، فإن تصويت 31 أكتوبر/تشرين الأول بدا استثنائياً؛ إذ شمل التعديل فرض ضريبة على كل ما لا ينتج دخلاً: مثل السيولة، الأعمال الفنية، اليخوت، الأصول المالية، وحتى التأمين على الحياة بصناديق اليورو.
وأشارت "20 مينيت" الفرنسية أن هذا البند الأخير تحديداً قد يجعل الضريبة الجدية، غير منتجة على الإطلاق، في "تأثير دومينو" اقتصادي معقد، قد تتحول هذه الخطوة إلى تهديد للتأمين على الحياة، وللمدخرين، ولنظام الدين العام، وحتى للدولة نفسها.
ونقلت الإذاعة الفرنسية عن أندريا غانوفيللي، الشريك المؤسس لـGreen-Got، قوله: "الدولة تطلق رصاصة على قدمها".
هل تصبح المدخرات المفضلة لدى الفرنسيين بلا جدوى؟
ويبلغ متوسط عائد التأمين على الحياة في صناديق اليورو نحو 2.6٪. لكن فرض ضريبة جديدة بنسبة 1%، وفق ما أقرته الجمعية الوطنية، سيجعل هذه الصناديق شبه غير مجدية، بل قد تسجّل عوائد سلبية بعد احتساب التضخم.
وأكد سيريل غاربويس، المؤسس المشارك لـCashbee: "ستصبح هذه المدخرات أقل ربحية من حساب السندات " ليفريه A".
وأشار إلي أن النتيجة، على الأرجح سيتخلى كثير من الفرنسيين عنها، رغم أنها المنتج الادخاري الأكثر شعبية في البلاد.
وتبلغ قيمة التأمين على الحياة 2.084 تريليون يورو، وهو أكبر تجمّع للمدخرات في فرنسا، مع امتلاك ثلثي الفرنسيين لعقد تأمين على الأقل. ويقع 1.7 تريليون من هذا المبلغ في صناديق اليورو وحدها.
ركيزة أساسية لتمويل الدين العام الفرنسي
ولفتت "20 مينيت" إلي أن الضريبة ستطبق فقط على العقود التي تتجاوز قيمتها مليوني يورو، ما يعني أن نصف العقود الصغيرة (أقل من 10 آلاف يورو) لن تتأثر.
وقال غاربويس إن "إضعاف المدخرات الأكثر شعبية لدى الفرنسيين يظلّ أمراً غير منطقي"، خاصة أن وصف الثروة غير المنتجة لا ينطبق فعلياً على صناديق اليورو.
وأوضح أن 57% من هذه الصناديق تستثمر في الشركات الفرنسية، و30% تموّل جزءاً من الديون السيادية، مضيفاً " بالتالي، فإن تراجعها سيجبر الدولة على الاقتراض من جديد وبفائدة أعلى، مما يعني مزيداً من الدين والعجز، ودخول البلاد في دوامة مالية خطيرة.
وتابع:" الأمر نفسه ينطبق على الشركات التي ستفقد مصدراً مستقراً لتمويل استثماراتها".
تحويل المدخرات نحو الاستثمارات الأجنبية
واعتبر جيرار بيكيرمان، رئيس جمعية الادخار والتقاعد الفرنسية، أن الضريبة قد تجلب للدولة بين 400 و500 مليون يورو، لكنها ستكلّف في المقابل ما بين 5 و6 مليارات يورو سنوياً في زيادة تكلفة خدمة الدين العام.
وأضاف أن الأسوأ أن المستثمرين قد يحولون أموالهم نحو التأمينات المرتبطة بوحدات الحساب، وهي مستثناة من الضرائب علي العقارات مهما بلغت قيمتها، رغم أنها أكثر خطورة وتستثمر بشكل واسع في الأسواق الأجنبية، وهو ما يعني عملياً دعم اقتصاد دول أخرى على حساب الاقتصاد الفرنسي.
سوء فهم كامل لرهانات الضريبة
ورغم المخاطر، يرى أندريا غانوفيللي جانباً إيجابياً وحيداً: "تشجيع الفرنسيين على الاستثمار في منتجات أكثر ربحية وأعلى مخاطرة خطوة جيدة في المبدأ"، لكنه يضيف: "لكنني لا أعتقد أن هذا هو هدف الضريبة.
وأضاف: أظن أن النواب رأوا حجم الأموال في التأمين على الحياة وقالوا ببساطة: لنفرض عليها ضريبة، من دون أن يفكروا، على ما يبدو، في النتائج.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE4IA==
جزيرة ام اند امز