بالصور.. مزار "فاطمة" بالبرتغال.. قصة أميرة أندلسية خلدها المسيحيون
تدابير أمنية غير مسبوقة تحت عنوان "فاطمة 2017" تحيط بواحد من أهم المزارات المسيحية في العالم.
تدابير أمنية غير مسبوقة تجري بالبرتغال استعدادا للاستقبال فرنسيس الثاني بابا الفاتيكان، الجمعة، للمشاركة في "فاطمة 2017"، وهو احتفال ديني مسيحي يجري في محيط "مزار فاطمة"، وهو واحد من أهم المزارات المسيحية في العالم.
مزار فاطمة أو كنيسة فاطمة في البرتغال، يثير تساؤل الكثيرين عند سماع الاسم، فكيف لكنيسة أن تحمل اسم فاطمة الذي حملته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.
عنوان المزار
الحقيقة أن فاطمة التي حمل المزار الشهير في البرتغال اسمها، كانت ملكة عربية وقعت في الأسر في إحدى الحروب.
ووفقا للروايات التاريخية، تعود القصة لعام 1492 عند سقوط مدينة غرناطة بعد عدة معارك شنها الجيش المسيحي ضد المسلمين في الأندلس، فكانت تدور معركة دامية عند قصر الملح بقيادة الملك ألفونسو الأول، وانتصر جيشه وغنم من جيش المسلمين، وكان من ضمن السبايا أميرة أندلسية من أميرات القصر تدعى "فاطمة"، فكانت من نصيب حاكم مدينة "أوريم" وتزوجها وجعلها على دينه، واشتهرت الأميرة بالمستوى العالي من الثقافة والعلم والآداب، ودرايتها الشديدة بالشعر واللغات، فكانوا يصفونها بالمكتبة المتنقلة.
وكانت جميلة الوجه، خلوقة وطيبة القلب مع الجميع، وأصبحت محبوبة بين كل طبقات المجتمع، لدرجة أن سمى الناس القصر الذي كانت تعيش فيه والمنطقة المجاورة باسمها "قصر وساحة فاطمة"، ومع مرور الوقت، أصبحت هناك قرية صغيرة قرب "أوريم" تدعى "فاطمة"، على بعد 123 كيلومترا من شمال لشبونة لم يكن أحد يعرف هذه القرية الصغيرة، التي كانت تتكون من 25 بيتا فقط، إلا أنها الآن أصبحت من القرى المشهورة بسبب الأميرة فاطمة، التي عاشت فيها بقية عمرها.
لماذا بني المزار؟
جرت العادة عند بناء دير أو كنيسة أن يطلق عليها اسم القرية أو المدينة التي شُيد فيها، وقد سبق بناء مزار فاطمة حدث كبير معروف تاريخيا.
وحسب الروايات التاريخية المرتبطة بذلك المكان، والمتصلة بالإرث المسيحي الديني، يعد يوم 13 يوليو/تموز عام 1917 ـ قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى ـ يوما تاريخيا في قرية "فاطمة" والبرتغال بأكملها، حيث خرج 3 صغار من رعاة الأغنام لهذه القرية، هم لوسيا وابن عمها فرنسيسكو وأخته خاسينتا، بعد أن أنهوا صلوتهم وتسبيحهم، وصعدوا تلة، لإحضار بعض الأحجار الصغيرة للعب بها، فظهر لهم ضوء قوي في السماء، اعتقدوا أنه برق، وأن الجو سيصبح سيئا، ما يستدعى جمع الغنم والعودة إلى القرية سريعا، وعند نزولهم ظهر لهم الضوء مرة أخرى، فشاهدوا امرأة يحيط بها هالة نور ساطع، بيدها مسبحة بيضاء.
وقالت لهم إنها السيدة العذراء ويجب عليكم دعوة الناس للصلاة والتقرب من الرب أكثر، بعد أن ابتعدوا عنه وانشغلوا بماديات الدنيا، وأنها ستعاود التجلي مرة أخرى في الثالث عشر من كل شهر.
وصارت التجليات تثير اهتمام المسيحيين الكاثوليك بصورة رئيسية، وبعض الإيطاليين والإسبان، ليتفقوا في عام 1928 على بناء كنيسة ضخمة في موقع التجلي، بمساعدة الشاهدة الباقية الوحيدة من الأطفال الثلاثة، بعد وفاة فرانسيسكو وأخته خاسينتا بوباء الإنفلونزا، الذي اجتاح أوروبا عام 1919، بينما كبرت ابنة عمهما لوسيا، ودخلت الدير ودرست الكهنوت، وأصبح اسمها الأخت لوسيا.
أقيمت الكنيسة الكبيرة على التلة، التي حدث عليها التجلي في القرية، وأصبحت مركزا للقرى، وأطلقوا عليها اسم "كنيسة القديسة فاطمة".
رواية أخرى
وهذه يؤيدها من يجزمون بأن التسمية منسوبة للسيدة فاطمة الزهراء، فيقولون إن الرعاة الأطفال الثلاثة عندما شاهدوا العذراء ذات المسبحة، قالت لهم من بين ما قالت إنها فاطمة بنت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودعتهم لبناء موقعا للعبادة في المكان نفسه، إلا أن هذه الرواية لا تلقى قبولا كبيرا بالبرتغال، نظرا لأن القرية المسماة بفاطمة كانت موجودة قبل تاريخ واقعة الرعاة، وأن العرف المسيحي جرى على تسمية الكنيسة باسم القرية أو المدينة وهو ما حدث مع المزار الذي أطلق عليه اسم فاطمة، نسبة لقرية فاطمة آنذاك.