أيها السفير المغلوب على أمره، إنكم تورطون قطر يوماً بعد الآخر، وتزجون بها في أتون أزمات وصراعات.
في كل مرة يحاول فيها تنظيم بلادك "تنظيم الحمدين" أن ينأى بنفسه عن دعم التطرف وتمويل الإرهاب، فإنه يفشل في ذلك فشلاً ذريعاً، بل ويثبت أنه بالفعل متورط في المؤامرات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة. لقد تبنى هذا التنظيم منذ اندلاع أزمته سياسة الإنكار، ونفي أي اتهامات توجه له حول علاقته بالجماعات المتطرفة والإرهابية والمليشيات المسلحة في المنطقة، لكن مع انكشاف علاقته بهذه الجماعات، وزيادة أزماته وتصاعد حالة الاحتقان في الداخل تجاه مواقفه، بدأ يلجأ إلى ما يمكن أن يُطلق عليه سياسة "صرف الأنظار" التي تستهدف تخفيف الضغوط السياسية التي تُمارس عليه، وذلك من خلال إطلاق الأكاذيب وإثارة الشائعات التي تستهدف تشويه صورة دول المقاطعة، وتحريض منابره الإعلامية وأذرعه السياسية على نشر الكراهية والتعامل مع هذه الأكاذيب باعتبارها حقائق.
وبدت هذه السياسة واضحة في التعامل مع الأزمة اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية، حينما اعتبر وزير خارجية تنظيم بلادك محمد بن عبدالرحمن، في تعليقه على التقرير الذي أصدرته الأمم المتحدة حول الأوضاع في اليمن، مؤخراً أنه تقرير يدعو إلى القلق، وقال إن "نبذ الانتهاكات وجرائم الحرب في أي بقعة واجب أخلاقي وإنساني"، وذلك في إشارة واضحة إلى تأييد ما تضمنه هذا التقرير من مغالطات وتناقضات بشأن استهداف دول التحالف العربي للمدنيين في اليمن، في الوقت ذاته فإن مقالك في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يكشف أيضاً عن الانتهازية الصارخة لتنظيم الحمدين ومحاولة استثمار هذا التقرير الأممي الذي يفتقر إلى المصداقية في تشويه صورة دول التحالف العربي في اليمن، وخاصة السعودية والإمارات، حينما كررت في هذا المقال سلسلة الأكاذيب التي اعتاد تنظيم الحمدين ترديدها في الإعلام الدولي والدوائر السياسية الغربية، والتي من بينها "أن السعودية والإمارات تمولان الجماعات الإرهابية وتعقدان صفقات معها في اليمن"، و"أن دول التحالف مسؤولة عن استهداف المدنيين".
ليس من المستغرب أن يدافع تنظيم الحمدين باستماتة عن هذه المليشيا الإرهابية، ويتجاهل جرائهما في وقت يعلم فيه الجميع أن هذه المليشيا -وحليفها إيران- هي العامل الرئيسي وراء استمرار الأزمة اليمنية وتفاقم معاناة الشعب اليمني.. فهل وصلت الرسالة يا سعادة السفير؟
سعادة السفير، تنظيم بلادك الذي يردد هذه الأكاذيب يواصل مسلسل سقوطه السياسي والأخلاقي، ليس فقط لأنه يتناسى أن قطر كانت أحد أعضاء التحالف العربي في اليمن قبل اندلاع الأزمة مع دول الرباعي العربي، وكانت تؤيد وقتها -حتى ولو ظاهرياً- أهداف التحالف وطبيعة العمليات التي يقوم بها من أجل استعادة الشرعية وعودة الأمن والاستقرار إلى اليمن الشقيق، وإنما أيضاً لأن يؤكد ارتهانه الكامل لإيران، وتبنيه لموقفها من أزمات وقضايا المنطقة، وخاصة الأزمة اليمنية، حتى ولو كانت على حساب المصالح الخليجية والعربية.
أيها السفير المغلوب على أمره، إنكم تورطون قطر يوماً بعد الآخر، وتزجون بها في أتون أزمات وصراعات لا تستنزف فقط قدراتها المالية، وإنما تقودها أيضاً إلى مواجهات مع الولايات المتحدة والقوى الكبرى، فحينما يدافع تنظيمكم عن سياسات إيران العدائية في اليمن، ويوظف منابره الإعلامية في النيل من دول التحالف العربي، والتشكيك في إنجازاتها وجهودها الإنسانية في اليمن، ويتجاهل عن عمد جرائم الحرب التي ترتكبها مليشيا الحوثي الإرهابية، سواء في إطلاق الصواريخ الباليستية التي تستهدف الأراضي السعودية، أو في استهداف المدنيين العزل في اليمن واستباحة دماء الأبرياء وتجنيد الأطفال والنساء واستخدامهم كرهائن ودروع بشرية في مواجهاته مع الجيش اليمني، فإنما يؤكد للجميع أنه يتاجر بشعارات حقوق الإنسان، ويوظفها لخدمة أجندته السياسية، كما أنه يتحدى في الوقت ذاته إرادة المجتمع الدولي، التي تطالب إيران بالكف عن تدخلاتها في الشأن اليمني، ووقف تهريب الأسلحة إلى مليشيا الحوثي الإجرامية.
لن تنجح سياسة "صرف الأنظار" التي يتبناها الآن تنظيم الحمدين في تحقيق أهدافها، سواء في تخفيف الضغوط التي تمارس عليه من ناحية أو في تشويه صورة التحالف العربي من ناحية ثانية، بل على العكس فإنها ستعمق من مأزق بلادك وعزلتها، لأن الجهود الإنسانية والإنمائية التي تقوم بها دول التحالف، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تحظى بتقدير اليمن، حكومة وشعباً وكذلك بإشادة الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية المختلفة، لأنها تستجيب لتطلعات الشعب اليمني وتعمل على تحقيق أهدافه في التنمية والبناء والأمن والاستقرار الشامل، بل وتقوم الدولتان بدور فاعل على الأرض في التصدي للتنظيمات المتطرفة والإرهابية في اليمن، بشهادة الولايات المتحدة والقوى الكبرى، خلافاً لما حاولت الترويج له في مقالك، والتي أعادت التساؤل مجدداً حول طبيعة دور قطر التآمري والتخريبي في دول المنطقة، وكيف تحولت أنت أيها السفير وتنظيم بلادك إلى أداة في أيدي إيران توظفكم في أي وقت تريد، تارة في تسييس الحج وتشويه صورة المملكة والمطالبة بإدارة دولية للإشراف على الحرمين الشريفين، وتارة ثانية بتشويه صورة التحالف العربي والدفاع عن مليشيا الحوثي الإجرامية في اليمن والترويج لتقرير أممي يفتقد الموضوعية، وتارة ثالثة بمحاولة دق أسفين في العلاقات بين الإمارات والسعودية، وتحريض إعلامكم على بث أكاذيب تشير إلى أن "الإمارات تمكنت من السيطرة على صانع القرار السعودي وعلى العديد من المؤسسات والشخصيات في المملكة، حتى أصبح قرار الرياض في أبوظبي"، في محاولة لإحداث وقيعة بين الدولتين، ظنا منكم أن مثل هذه الأكاذيب تزعج الدولتين، لكنها في الحقيقة لا تجد من يصدقها أو يعيرها أدنى اهتمام، والدليل على ذلك تزايد مستوى التنسيق بين قيادتي الدولتين، والترابط بين شعبيهما، اللذين يؤمنان بحتمية المصير المشترك.
في الوقت الذي تواصل فيه السعودية والإمارات جهودهما لاحتواء أزمات المنطقة، والتصدي للتهديدات التي تواجه الأمن القومي الخليجي والعربي، فإن قطر، بقيادة تنظيم الحمدين، تواصل مسلسل التآمر والخيانة، وتستمر في دعم التنظيمات المتطرفة والمليشيات المسلحة التي تنال من أمن واستقرار الدول العربية، وليس أدل على ذلك من إشادة القيادي في مليشيا الحوثي الإرهابية محمد علي الحوثي بمواقف تنظيم الحمدين، بل ووصفه لوزير خارجية بلادك قبل أيام من خلال تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بأنه "من دعاة السلام ضد الأزمات المحاكة لشعوب المنطقة"، ولهذا ليس من المستغرب أن يدافع تنظيم الحمدين باستماتة عن هذه المليشيا الإرهابية، ويتجاهل جرائهما في وقت يعلم فيه الجميع أن هذه المليشيا -وحليفها إيران- هي العامل الرئيسي وراء استمرار الأزمة اليمنية وتفاقم معاناة الشعب اليمني.. فهل وصلت الرسالة يا سعادة السفير؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة