نيويورك تايمز: اجتماعات ناجحة في أبوظبي تضيء نفقا معتما حول المناخ
وفرت اجتماعات أخيرة في أبوظبي بعض التفاؤل بشأن اختلاف وجهات النظر والأجندات الدولية فيما يتعلق بمكافحة تغير المناخ.
انتهت محادثات مؤتمر المناخ السنوية التي أجرتها الأمم المتحدة العام الماضي "COP27" باتفاق تاريخي لتعويض الدول الفقيرة عن الدمار الناجم عن الكوارث المناخية التي تفاقمت بسبب الانبعاثات من الدول المتقدمة، وفي حين لم يتم الانتهاء تقريبًا من التفاصيل المتعلقة بصندوق الخسائر والأضرار، بما في ذلك الدول والمؤسسات المالية التي ستساهم، وأين ستذهب الأموال، لكن الأمر نوقش أخيرا قبل أيام في اجتماع في أبوظبي.
وذكر مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أنه بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر COP27 في مدينة شرم الشيخ المصرية العام الماضي، فإنه سيتم إطلاق الصندوق هذا العام، وسيكون مقره في البداية في البنك الدولي، وسيكون للدول النامية مقعد في مجلس إدارته، كما سيكون على زعماء العالم التصديق على الخطة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP28، المقرر انطلاقه بعد أسبوعين في مدينة دبي.
واعتبر الكاتب "ديفيد جيليس" أن الاتفاق يمثل نقطة محورية في المسعى الطويل لتحمل الدول المتقدمة، التي أحرقت أغلب الوقود الأحفوري الذي تسبب في ارتفاع حرارة الكوكب، على مساعدة الدول الفقيرة التي تتحمل أقل قدر من المسؤولية، ولكنها الأكثر معاناة من تغير المناخ.
نقطة مضيئة
وبعد اجتماع أبوظبي، قال أفيناش بيرسود، مستشار المناخ لرئيس وزراء بربادوس، الذي يمثل دول الكاريبي في المحادثات: "لقد تمت مناقشة الخسائر والأضرار لفترة طويلة". ويشير بيرسود إلى أن تلك كانت نقطة حاسمة حيث تم الاجتماع بهدف إنشاء صندوق يساعد الدول على التعافي وإعادة البناء وقد كانت خطوة مهمة إلى الأمام.
وفي حين يمكن النظر إلى الاتفاق باعتباره تقدما على مسار دبلوماسية المناخ، إلا أنها تكشف بعض التوترات التي من المرجح أن تشكل المناقشة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ المقبل في دبي. فقد سئمت العديد من الدول النامية من مطالبتها بتخفيض انبعاثاتها على حساب النمو الاقتصادي الذي تحتاج إليه بشدة.
ولا تزال هذه الدول تنتظر الحصول على تمويل بمئات المليارات من الدولارات، للتحول إلى الطاقة النظيفة وبناء سبل الحماية ضد تغير المناخ، وهو ما وعدت به البلدان الأكثر ثراء قبل أكثر من عقد من الزمان، ولكنها لم تنفذه بالكامل قط.
وتشعر الدول الغنية بالقلق من تحمل المسؤولية عن الأضرار المناخية، وتخشى أن تواجه مسؤولية غير محدودة. وفي حين تعمل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية على زيادة استخدامها للطاقة المتجددة، إلا أنها تواصل توسيع إنتاجها من الوقود الأحفوري.
ورغم ذلك، فإن الاتفاق على صندوق الخسائر والأضرار يمضي قدماً ليشير إلى أن المجتمع الدولي لا يزال قادراً على العمل معاً في الجهود الرامية إلى التكيف مع عالم يعاني من ارتفاع درجات الحرارة بسرعة، ولو حتى كان هذا التعاون بوتيرة بسيطة.
وأشار الكاتب إلى العالم البنغلاديشي البريطاني سليم الحق، الذي يحظى باحترام واسع الذي لعب دورًا رائدًا في محاولة إقناع الدول المتقدمة بتعويض الدول النامية عن الآثار الضارة لتغير المناخ، وقد تُوفي في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن عمر يناهز 71 عامًا.
500 مليون دولار ميزانية الصندوق
ومن المتوقع أن يصل الحجم المستهدف الأولي لصندوق "الخسائر والأضرار" إلى 500 مليون دولار. وهذا مبلغ كبير، ولكنه مبلغ زهيد مقارنة بتريليونات الدولارات التي قد تكون مطلوبة لتغطية تكاليف الكوارث المناخية واسعة النطاق في السنوات المقبلة.
وفي نهاية مفاوضات العام الماضي في شرم الشيخ، وقع الوفد الأمريكي على الاتفاق النهائي، لكنه قوضه على الفور بتعليقات تشكك في التزامه.
وقال الوفد: "نأسف لأن النص لا يعكس توافق الآراء بشأن الحاجة إلى الوضوح بشأن الطبيعة الطوعية للمساهمات، وقالت وزارة الخارجية إن أي مساهمات في ترتيبات التمويل، بما في ذلك الصندوق، تكون على أساس طوعي بحت.
واعتبر الكاتب أن اختيار مقر الصندوق في البنك الدولي يثير شكوكا عميقة، حيث إن البنك، الذي تسيطر عليه إلى حد كبير الدول المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة، له تاريخ طويل في إثقال كاهل الدول الفقيرة بالديون. وقالت آن هاريسون، مستشارة المناخ في منظمة العفو الدولية: "لا ينبغي للبنك الدولي أن يدير هذه المبادرة".
ولكن على الرغم من أن الكثيرين كانوا غير راضين عن الصفقة، إلا أن البديل كان أسوأ.