تصريحات العبادي تكشف صراع أذرع إيران في العراق
رئيس الوزراء العراقي السابق يكشف صراع أذرع إيران في بلاده وخوف أتباع نظام ولاية الفقيه، مع ازدياد ضغوط واشنطن لإنهاء إرهاب طهران
كشف رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي -بهجومه على سياسات خلفه عادل عبدالمهدي ومليشيات الحشد الشعبي- عمق الانقسام الذي وصل إليه النفوذ الإيراني في العراق، بعد تضييق الولايات المتحدة الأمريكية الخناق على نظام طهران وأذرعه في الشرق الأوسط.
- فضحه تصريح العبادي "المتأخر".. صراع لحلفاء إيران على كعكة العراق
- العبادي يقر بالتغلغل الإيراني في العراق
وشن العبادي الذي يتزعم ائتلاف النصر في مجلس النواب العراقي، خلال مقابلة مع فضائية العراقية شبه الرسمية مساء الجمعة الماضي، هجوما عنيفا على سياسة الحكومة العراقية الحالية ورئيسها عادل عبدالمهدي، وحذر من اصطفاف العراق مع إيران والتضحية بالوضع العراقي الراهن، مشيرا إلى أن عبدالمهدي أعاد فتح نوافذ مغلقة مع إيران كان أغلقها عندما كان رئيسا للوزراء، ما بين الأعوام ٢٠١٤-٢٠١٨.
وانتقد العبادي قيادات في مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، مؤكدا "أصبحوا أثرياء على حساب المال العام"، مشيرا إلى استيلاء هذه القيادات على عقارات باهظة الأثمان في بغداد ومدن العراق الأخرى.
ودعا العبادي -الذي بدأ منذ نحو شهر محاولات لتشكيل جبهة معارضة داخل مجلس النواب العراقي- الحكومة إلى حصر السلاح بيدها ومعاقبة كل من يهدد أمن العراق، واستغرب في الوقت ذاته من التهديديات التي يطلقها قادة المليشيات ضد أمريكا دفاعا عن إيران، مقرعين طبول الحرب في العراق بينما تعيش إيران بسلام.
ونفى العبادي أن تكون إيران قدمت السلاح للعراقيين في الحرب ضد إرهابيي داعش مجانا، وأكد أن "إيران باعت للعراق السلاح بأغلى من سعره في السوق، والنصر الذي تحقق على الإرهاب تحقق بجهود وتضحيات العراقيين بمختلف مكوناتهم".
تصريحات العبادي ليست الأولى التي يهاجم بها النفوذ الإيراني في العراق منذ انتهاء فترة رئاسته للحكومة العراقية في ٢٤ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لكنها تعتبر الأكثر حدة من ناحية الهجوم على إيران ومليشياتها في العراق.
وفضحت تصريحات العبادي -الذي يعتبر أحد أبرز قيادات حزب الدعوة الموالي لنظام ولاية الفقيه الإيراني، في الوقت الذي تحاصر الولايات المتحدة الأمريكية النظام الإيراني أذرعه في الشرق الأوسط عسكريا واقتصاديا وسياسيا، وتزيد من ضغوطها على هذا النظام يوما بعد يوم للحد من إرهابه- الصراع بين أذرع إيران على العراق، وعمق الانشقاق بين صفوف النفوذ الإيراني، وحالة الخوف التي تطغى على أتباع النظام الإيراني في العراق، الذين بدأوا يعلنون انسحابهم من محور طهران، مع ازدياد ضغوط واشنطن وعزمها على إنهاء الإرهاب الإيراني.
تقاسم للأدوار
وتؤكد المراقبة السياسية العراقية شذى العبيدي أن تصريحات العبادي تأتي في إطار لعبة تقاسم الأدوار التي يلعبها النفوذ الإيراني في العراق.
وأضافت العبيدي، لـ"العين الإخبارية"، أن "المليشيات والأحزاب العراقية الموالية لإيران تعلم جيدا أن أمريكا عازمة على إنهاء النفوذ الإيراني، لذلك اتفقت على تقاسم الأدوار، قسم ينتقد إيران لكسب الرأي العام الدولي كي تكون المظلة التي سيتظلل بها القسم الآخر، الذي يقرع طبول الحرب ويهدد المصالح الأمريكية، وبذلك تتفادى أي ضربات أو عقوبات أمريكية".
ولفتت إلى أن "العبادي معروف بعلاقاته مع رموز النظام الإيراني، وفي مقدمتهم قاسم سليماني قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الخارجي، لذلك لا يمكنه أن يهاجم إيران إلا بعد الحصول على الضوء الأخضر منها".
وازداد الوضع على الساحة العراقية تدهورا الأسبوع الماضي إثر الهجوم الصاروخي الذي شنته مليشيات الحشد الشعبي -بإشراف مباشر من مليشيا فيلق القدس- على السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، لكن الصاروخ لم يصب السفارة ووقع بالقرب منها دون أن يخلف أي أضرار بشرية أو مادية.
وبدأت مليشيات الحشد الشعبي بتكثيف تهديداتها للولايات المتحدة الأمريكية عقب إدراج واشنطن الحرس الثوري الإيراني على لوائح الإرهاب الدولية في 8 أبريل/نيسان الماضي.
ويسعى النظام في طهران إلى جر واشنطن إلى المواجهة مع مليشياته على الأراضي العراقية، كي يجنب الحرس الثوري ومليشيا حزب الله اللبنانية الإرهابية المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية.
الأقرب للمنطق
واعتبر الكاتب والصحفي العراقي علي البيدر تصريحات العبادي عن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي الأكثر وضوحا والأقرب من المنطق.
وتابع البيدر لـ"العين الإخبارية" "عبدالمهدي يعمل تحت ضغوط وإرادات إيرانية تسيره وفق ما تريد، لكن في الوقت نفسه هذه التصريحات لا تجعل العبادي بمنأى عن الاتهامات الموجهة له من قبل المراقبين والمتابعين للمشهد العراق، فخلال السنوات الأربع التي ترأس فيها مجلس الوزراء أفسح المجال أمام التدخل الإيراني أكثر من غيره من المسؤولين العراقيين، حتى أصبح القرار داخل العراق إيرانيا، وأصبح هذا القرار الأكثر حضورا سواء على المستوى الإقليمي أو الوطني".
وتسعى المليشيات الإيرانية إلى زعزعة الاستقرار في العراق وتهديد أمنه وعزله عربيا ودوليا، كي تبقى ساحة إيرانية ينفذ عبرها الحرس الثوري عملياته الإرهابية ضد دول الخليج العربي والشرق الأوسط، ضمن مشروع نظام ولاية الفقيه الإيراني لتصدير الإرهاب إلى العالم.
aXA6IDE4LjExNy4xMDcuNzgg جزيرة ام اند امز