عبدالرزاق جرنة.. روايات قادت ابن زنجبار إلى نوبل الأدب
يتميّز الروائي عبدالرزاق جرنة المولود في زنجبار والمقيم في بريطانيا، الذي نال جائزة نوبل في الأدب، بأعماله التي تغوص في آثار الاستعمار والهجرة على الهوية.
وهو كوفئ بالجائزة الأدبية الأرقى تقديراً لسرده "المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات"، بحسب لجنة التحكيم التي أشادت بـ"تمسّكه بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط".
وكان الروائي قد قال في مقابلة أجريت معه في فرانكفورت سنة 2016: "أريد بكلّ بساطة أن أكتب بطريقة تكون أقرب ما يكون إلى الحقيقة وأن أقول (ما فيه نُبل)".
وعبدالرزاق جرنة هو أول كاتب أفريقي ينال نوبل الأدب منذ 2003. وهو ظنّ الأمر "مزحة" عندما أبلغ بفوزه بالجائزة.
وفي مقابلة مع مؤسسة نوبل، دعا أوروبا إلى اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من أفريقيا بمثابة ثروة، مشددا على أن هؤلاء "لا يأتون فارغي الأيدي".
لجأ عبدالرزاق جرنة المولود في زنجبار، وهو أرخبيل يقع قبالة ساحل أفريقيا الشرقية بات جزءا من تنزانيا، إلى بريطانيا في نهاية الستينيات بعد بضع سنوات من الاستقلال في وقت كان عرب المنطقة يتعرّضون للاضطهاد. ولم يتسنّ له أن يعود إلى زنجبار سوى في العام 1984.
وفي مقال نشرته صحيفة "ذي جارديان" البريطانية سنة 2004، كشف عبدالرزاق جرنة أنه بدأ يكتب في الحادية والعشرين من العمر، بعد بضع سنوات من استقراره في بريطانيا.
وهو أخبر أنه وقع في شباك الكتابة، بحسب تعبيره، من دون أن يكون قد خطّط لذلك، موضحاً: "بدأت أكتب بلامبالاة وبشيء من الخوف من دون أي تصوّر مدفوعاً برغبة في الإفصاح عن المزيد".
ونشر منذ العام 1987 عشر روايات، فضلا عن قصص قصيرة. وهو يكتب بالإنجليزية حتى لو كانت السواحلية لغته الأم.
وتتطرّق رواياته الثلاث الأولى "ميموري أوف ديبارتر" (1987) و"بيلجريمز واي" (1988) و"دوتي" (1990) إلى تجارب المهاجرين في المجتمع البريطاني المعاصر.
وهو تمايز خصوصاً بروايته الرابعة "بارادايس" التي تجري أحداثها في شرق أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى. ورشّحت الرواية لجائزة "بوكر" الأدبية البريطانية العريقة.
أما "أدماييرينج سايلنس" (1996)، فهي تروي قصّة شاب يغادر زنجبار ويهاجر إلى بريطانيا حيث يتزوّج ويزاول التدريس. ويؤثّر فيه سفره إلى بلده بعد عشرين عاماً من مغادرته إلى حدّ كبير ويلقي بظلاله على زواجه.
ورأى الأكاديمي لوك برونو أن أعمال جرنة "تطغى عليها مسائل الهوية والهجرة وهي مقولبة بموروثات الاستعمار والاستعباد".
وهو كتب على موقع المعهد الثقافي البريطاني أن "روايات جرنة تقوم كلّها على الآثار المدمّرة للهجرة إلى بيئة جغرافية واجتماعية جديدة على هوية شخصياتها".
وتروي "باي ذي سي" (2001) الحائزة جائزة أدبية فرنسية سنة 2007 قصّة صالح عمر وهو طالب لجوء مسلم متقدّم في السنّ يعيش في مدينة ساحلية في إنجلترا.
وكتب الأديب الفرنسي الذي يتحدر من جيبوتي عبد الرحمن وابري سنة 2010 في "لو موند ديبلوماتيك" أن "روايات جرنة المتجذّرة في التاريخ الاستعماري للشرق الأفريقي والعابقة بالأساطير السواحلية المطعّمة بلغة ساحرة تبحر بين القصص الإرشادية والتعايش مع آلام المنفى والاستكشاف الذاتي والتأمّل في حالة البشر".
وقد نشرت روايته الأخيرة في العام 2020 تحت عنوان "آفترلايفز" وهو يتطرّق فيها إلى الاستعمار الألماني لأفريقيا.
ويعيش عبد الرزاق جرنة في برايتون في جنوب شرق إنجلترا وهو درّس الأدب في جامعة كينت حتّى تقاعده منذ فترة قصيرة.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yNSA= جزيرة ام اند امز