حصاد أبي أحمد في 4 أشهر.. 10 مصالحات تاريخية تنهي عقودا من الخلافات
رئيس الوزراء الإثيوبي الذي تبنى طريقة الحوار لتهدئة الاضطرابات الداخلية، اتبع الأسلوب ذاته في عقد مصالحات لتصفية الخلافات الخارجية.
خلال 4 أشهر، نجح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في إنهاء إرث من العداوات والخلافات بين أديس أبابا وجيرانها وبين مكونات المجتمع نفسه، في خطوات متلاحقة ومثيرة للدهشة استحقت احترام المجتمع الدولي، وبفضل اقترابه من حلفاء يستثمرون في ثقافة السلام.
وفيما كان أبي أحمد يعيد جسور الثقة داخليا بإعادة دمج المعارضة في العملية السياسية في البلاد، واصل جولاته لرأب تصدعات المجتمع الإثيوبي، من دون أن يغفل جسر الهوة التي تفصل بلاده عن دول الجوار.
مصالحات خارجية
أبي أحمد الذي تبنى طريقة الدبلوماسية والحوار لتهدئة الاضطرابات الداخلية وتصفية الخلافات القبلية، اتبع الأسلوب ذاته في عقد مصالحات خارجية لتحسين علاقة بلاده بجيرانها وحل أي خلافات قائمة معها.
ففي تحول مفاجئ وغير متوقع جاءت المصالحة التاريخية بين أديس أبابا وأسمرا لتنهي نزاعا طال لأكثر من عقدين مع الجارة إريتريا، بعد توقيع "إعلان أسمرا" ليبدأ عصر جديد من السلام والصداقة، ويفتح البلدان صفحة سلام جديدة تنهي سنوات من الخلاف.
وأعلنت إثيوبيا وإريتريا انتهاء الحرب بينهما وبدء مرحلة السلام، ووقّع أبي أحمد، والرئيس الإريتري أسياس أفورقي "إعلان سلام وصداقة" مشترك في العاصمة الإريترية أسمرا، أوائل يوليو/ تموز الماضي.
ولم يغفل أبي أحمد دور الدول الصديقة التي ساعدت بلاده في مسعاها نحو السلام، وشارك في قمة ثلاثية بين إريتريا وإثيوبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي أكدت دعمها لكل جهد أو تحرك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أي بقعة بالعالم.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، لعقد القمة الثلاثية في قصر الرئاسة بأبوظبي في 24 يوليو/تموز، وقلدهما وسام "زايد" تقديرا لجهودهما في إطلاق مسيرة السلام بين بلديهما.
ونجح أبي أحمد في فتح خط تصالحي جديد مع مصر واستطاع أن يحقق تحولا غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، وذلك خلال أول زيارة له إلى القاهرة في 10 يونيو/حزيران والتي استمرت لمدة يومين، وبحث خلالها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وملف سد "النهضة" الإثيوبي.
وقد توافق الطرفان، خلال الزيارة، على تبني رؤية مشتركة بين إثيوبيا ومصر، قائمة على احترام حق كل منهما في تحقيق التنمية، دون المساس بحقوق الطرف الآخر.
وأصدر السيسي عفوا رئاسيا لـ30 إثيوبيّا من المحكوم عليهم بالمحاكم المصرية، ليغادر المفرج عنهم القاهرة على طائرة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.
تهدئة نزاعات الداخل
أخذ أبي أحمد على عاتقه، منذ اليوم الأول له في السلطة، إجراء المصالحات بين القوميات والشعوب الإثيوبية في مختلف الأقاليم، وبدأ هذا النهج أولا بزيارات لمختلف الأقاليم الإثيوبية.
البداية كانت من إقليم الصومال الإثيوبي شرق إثيوبيا في الـ7 من أبريل/نيسان الماضي، بهدف إنهاء نزاع حدودي مع إقليم "الأرومو" اندلع في سبتمبر/أيلول 2017، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى ونزوح نحو 600 شخص إلى إقليم "هرر"، واستطاع أبي أحمد أن يوفق بين شعبي الإقليمين في مصالحة تاريخية.
المصالحة الثانية لأبي أحمد، كانت في مدينة "أمبو"، معقل المعارضة بإقليم "الأرومو"، عندما زارها في 11 أبريل/نيسان، من أجل تهدئة الشباب في المدينة، التي تعرف بالعداء الشديد للحكومة السابقة، وكانت منطلق الاحتجاجات التي شهدتها إثيوبيا خلال السنوات الثلاث الماضية، ونجح بالفعل في تحقيق سلام واستقرار بالمدينة.
وفي 13 من أبريل/نيسان زار أبي أحمد مدينة مقلي حاضرة إقليم تقراي (شمالا) للقاء سكان المدينة وطمأنة شعب تقراي بالحفاظ على مصالحهم.
ثم توجه في الـ20 من أبريل/نيسان إلى مدينة جوندر التاريخية في إقليم أمهرا لتهدئة الأوضاع، خاصة بعد أن شهدت المدينة أعمال عنف استهدفت مواطنين من إقليم تقراي واستطاع أبي أحمد، أن يخمد أعمال العنف التي شهدتها المدينة خلال السنوات الماضية.
وما أن أنهى زيارته إلى مدينة جوندر اندلعت أزمة قبلية أخرى في مدينة أواسا حاضرة إقليم شعوب إثيوبيا في الـ28 من أبريل/نيسان في الإقليم الذي يقطنه أكثر من 56 قومية من أصل ما يزيد على 80 قومية إثيوبية، وقد أسفرت عن نزوح الآلاف، ونجح أبي أحمد، خلال زيارة للمنطقة، في وقف أعمال العنف القبلي التي شهدتها شعوب جنوب إثيوبيا.
وتركزت جميع زيارات أبي أحمد للأقاليم الإثيوبية، على الاستماع لمطالب شعوب هذه الأقاليم والصراعات القبلية التي تنشب بين الحين والآخر، واستطاع أن يحظى بدعم قوي من جميع الأقاليم الإثيوبية.
ولم يكتفِ أبي أحمد بزيارة الأقاليم والمدن المضطربة فحسب، ولكنه اتجه إلى مصالحة أخرى وهي إطلاق سراح المعتقلين والسجناء، وأفرج في الـ30 من مايو/أيار عن 756 معتقلا سياسيا، بينهم المعارض البارز أندر جاتشاو سجي، ضمن عملية مصالحة وطنية أسقط خلالها التهم عن اثنين من أبرز المعارضين في الخارج، وهما رئيس حركة "قنبوت سبات" برهانو نجا، والناشط السياسي مدير شبكة "أروميا الإعلامية" جوهر محمد، وسمحت السلطات الإثيوبية للمعارضة السياسية بالعودة إلى البلاد وعادت قيادات من "جبهة تحرير أورومو المتحدة" المعارضة بعد قضاء نحو عقدين في المنفى.
مصالحات دينية
وعلى غرار المصالحات القبلية والقومية والسياسية التي نجح في إنجازها لتهدئة النزاعات والقضاء عليها في الداخل والخارج، اتجه أبي أحمد نحو حل الخلافات التي تتعلق بأمور دينية.
ففي مبادرة منه تمكن أبي أحمد من التوفيق بين المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ولجنة تحكيم المسلمين بإثيوبيا بعد قطيعة بينهما دامت لأكثر من 5 سنوات إثر خلافات بينهما حول إدارة الشؤون الإسلامية ومدرسة الأولية الإسلامية التي كانت تديرها في السابق هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.
كما توجت آخر مصالحة رعاها أبي أحمد بين الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بالولايات المتحدة بعودة بطريرك إثيوبيا الرابع من منفاه بعد 27 عاما.
وعاد البطريرك "مركوريوس" إلى أديس أبابا، مطلع الشهر الجاري، ضمن وفد رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الذي اختتم زيارة غير رسمية إلى الولايات المتحدة استغرقت 6 أيام، التقى خلالها نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، في واشنطن، وقاد مصالحة تاريخية بين الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا والكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بالولايات المتحدة، توجت باتفاق يعيد للأنبا "مركوريوس" مكانته كرئيس للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية بأديس أبابا.