فرسان السعودية يغزون "سفاري بقيق".. خيول مسرعة وبارود متطاير
فعاليات المهرجان أعادت ذكريات الحياة البرية القديمة لأهالي منطقة بقيق وأنعشت موروثات الصحراء المندثرة بعروض الخيول المثيرة
جذبت عروض فرسان السعودية وهم يطلقون البارود من البنادق التقليدية ممتطين ظهور الخيول المسرعة أنظار المئات من زوّار مهرجان "سفاري بقيق لتراث الصحراء" الذين توافدوا من محافظات المنطقة الشرقية بالمملكة.
وانطلقت فعاليات النسخة الرابعة من المهرجان في موقع على طريق "الدمام - الرياض" السريع، الخميس، ومن المقرر أن تستمر حتى 18 يناير/كانون الثاني، ومحافظة بقيق، 75 كيلومترا جنوب مدينة الدمام، هي نقطة التقاء بين دول الخليج.
والمهرجان تنظّمه لجنة التنمية السياحية بمحافظة بقيق، بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وبلدية المحافظة والبلديات التابعة لأمانة المنطقة، ومشاركة الجهات الحكومية والأمنية بالمحافظة، ويقام ضمن فعاليات مواسم الترفيه السعودية.
في السعودية ورث البعض هواية سباق الخيل من آبائهم، ويعملون على توريثها لأبنائهم، إذ أعادت فعاليات المهرجان ذكريات الحياة البرية القديمة لأهالي المنطقة، وأنعشت موروثات الصحراء المندثرة بعروض الخيول المتنوعة والمثيرة، وقدمت نموذجا أشبه بحقيقة حياة البادية الماضية.
وتحلق المئات من الرجال والنساء والأطفال من مختلف الأعمار حول سياج ميدان الفروسية؛ لمشاهدة عروض فرسان الصحراء بمهاراتهم القتالية العالية وهم يرتدون الزي التقليدي المطرز، لاستحضار حقيقي للمعارك التي شهدتها أرض الجزيرة العربية قبل نحو 150 عاما.
وعمد المشاركون في المهرجان من الزوّار والعوائل إلى توثيق أجمل اللقطات التراثية المتعلقة بسباق ومراس الخيول ومشاركتها مع الأحباب والأصدقاء، باعتبارها من أكثر الفعاليات إثارة في المهرجان الذي يتزامن مع عطلة منتصف العام الدراسي.
يقول عبدالله الدوسري، أحد سكان محافظة بقيق، إنه يحضر دائما المهرجان بشغف، وإن عروض الخيل والبارود تعد من أكثر الفقرات التي تشد انتباه الحضور، خاصة فئة الشباب، بجانب الفعاليات المخصصة لمحبي تراث الصحراء من داخل السعودية وخارجها.
ويضيف الدوسري لـ"العين الإخبارية": "في السابق كان يطلق على عروض الخيل والبارود مسميات مختلفة منها "المجاميع" و"المكحلة"، وفيها يمتطي عدد من الفرسان خيولهم المسرعة فوق رمال الصحاري ممسكين بالبنادق القديمة، ثم يطلقون البارود منها، دفاعا عن الأرض والعرض والدين والأعداء والمتربصين".
ويشير إلى أن الجمهور يتفاعل بشكل أكبر مع فعالية الخيول وإطلاق البارود استلهاما للماضي، نظرا لأن المقاتلين القدامى كانوا يستخدمون بنادق البارود بكثرة في حروبهم.
ويتابع: "كان في السابق من لديه البندقية والفرس يعد فارسا مغوارا ومن حماة القبائل، أما اليوم فمن يملكها هو من حماة الموروث الشعبي القديم وتراث الصحراء".
يوضح الدوسري أن هذه البنادق صناعة سعودية وكذلك البارود الذي يصنع من الفحم والملح، موضحا: "كان الفرسان لديهم خبرة كافية في حشو ماسورة البندقية بالبارود بنسبة معينة، حتى لا تنفجر إذا ما جرى حشوها بكمية تفوق المطلوب".
ويضيف أن بنادق البارود كانت من أهم الأسلحة التي كان فرسان الجزيرة العربية يعتمدون عليها في الماضي؛ لإدخال الرعب في قلوب أعدائهم.
إلى جانب عروض الخيول وإطلاق البارود، يستمتع الزوار بعروض أصحاب الإبل، إذ تترجم حكايات قوافل الجمال القديمة والرحلات التي خاضها العرب على ظهورها كأحد أبرز مظاهر تراث الصحراء، بجانب الاستمتاع بمعارض التراث الشعبي.
تقول رهف جمال، سيدة أعمال تعمل ضمن الأسر المنتجة في المهرجان، إنها موجودة باستمرار في المكان وتتابع بين الحين والآخر الفعاليات المشوقة في المهرجان، وتسعد دائما بمشاهدة عروض الإبل وفرسانها.
وتوضح لـ"العين الإخبارية" أن هذه الفعاليات تخدم الأهالي الذين يتوافدون من جهات مختلفة لمشاهدة عروض الخيل والإبل، واستعراض الجمال وعروض الصقور والأمسيات الشعرية من شعراء السعودية ودول الخليج، معتبرة أن الجمهور متشوق دائما لتلك الفعاليات.
تضمن المهرجان عددا من الفعاليات المثيرة والبرامج التي تمتزج بها روح الصحراء وتراثها؛ لتحافظ على الهوية التراثية لموروث البادية، وجرى تهيئة ميادين ومسارح لعروض الإبل وأخرى للخيالة، إضافة إلى محميات الحياة البرية.
وجرى تأسيس ميدان للصقور لإطلاق مسابقة القنص على ظهور الإبل والخيل، والعديد من الأعمال التي تلبي احتياجات الزوار من جميع الفئات العمرية.
توقع محمد بن سعود المتحمي، محافظ بقيق رئيس اللجنة السياحية، أن يحقق المهرجان العديد من النجاحات على مستويات مختلفة، لا سيما أن النسخة الحالية تشهد مشاركات من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في عدد من الفعاليات المهمة.
وأشار المتحمي إلى أن مهرجان سفاري بقيق سيكون تجربة فريدة للزوار؛ لتنوع الفعاليات مع الأجواء الشتوية التي تتناسب مع الرحلات الصحراوية والفعاليات الأخرى التي يتميز بها مهرجان بقيق.
تضمن المهرجان رحلات سفاري على ظهور الإبل ومسابقة الصيد بالصقور ومضارب البادية المحيطة بميدان تراثي وسوق شعبي يستفيد منه الأسر المنتجة، والاستعراض اليومي للهجّانة.
كما تنافس الفرسان على الخيول العربية الأصيلة والمنافسات التقليدية الأخرى، وستكون الفنون الشعبية حاضرة خلال أيام المهرجان وعروض أخرى ضمن 55 فعالية متنوعة.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4yMDEg
جزيرة ام اند امز