عبدالله بن بيه: وثيقة أبوظبي للمواطنة تحترم الاختلافات الثقافية
الشيخ عبدالله بن بيه قال إن "وثيقة أبوظبي العالمية للمواطنة" المنشودة "لا تحاكم أحدا ولا تعيب عقود المواطنة".
قال الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إن وثيقة أبوظبي للمواطنة تحترم الاختلافات الثقافية والخصوصيات المحلية.
جاء ذلك في ورقة علمية قدمها ابن بيه في الملتقى الثالث من "حوارات المواطنة الشاملة" المنعقد في لندن.
وأكد الشيخ ابن بيه أن مفاهيم وقيم المواطنة لم تكن على مرّ العصور واختلاف الأقطار، على نمط واحد، في حقيقتها ومقوّماتها، بل ربما الأصوب أن نتحدث عن مواطَنات، تتسع أو تَضيقُ، بحسب السّياقات.
وأوضح أن "وثيقة أبوظبي العالمية للمواطنة" المنشودة، التي يسعى "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" لإعلانها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لا تحاكم أحدا، ولا تعيب عقود المواطنة في الدول والمجتمعات الإنسانية كافة، وإنما تغنيها وتثريها بالقيم الدينية، التي غابت عن المواثيق الدولية.
وتابع: "يسرني أن يتجدّد لقاؤنا اليومَ، هنا في ولتن بارك، لنستأنف ما كنّا بدأناه في الحلقات الحوارية السابقة في روما وأبوظبي، من التفكير في موضوع المواطنة، وبذل الوسع في وضعِ تَصوّر مؤصَّل، مستمدّ من النصوص الدينية، ومراعٍ للسياق الحضاري المعاصر، المتجسّد في الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية".
وأضاف ابن بيه: "تصور يفرض علينا عدم تجاهل الفروق المجتمعية والتباينات التاريخية والثقافية، والخصوصيات المحلية، فلا يمكن أن نؤسس لمواطنة متينة متجذرة في نسيجها المجتمعي؛ إلا بالحرص على ربط مفاهيمها؛ بثقافتها الموروثة، فلا يغترب الناس عن موروثهم، فتلتبس عليهم المفاهيم".
وأشار إلى أن هذا المنهج التأويلي مكنّا في "إعلان مراكش" من تقديم مصالحة بين الهوية الدينية والهوية الوطنية، ورفع التنافي المزعوم بينهما، وذلك من خلال تأصيل المفهوم الجديد للمواطنة؛ لتفعيل المشترك الإنساني، وتحييد عناصر الإقصاء والطرد.
وصدر إعلان مراكش في يناير/كانون الثاني 2016 عقب انتهاء أعمال مؤتمر شارك فيه أكثر من 300 من أهل الفتوى والعلماء والسياسيين والباحثين وممثلي الأديان في العالم الإسلامي وخارجه وممثلي هيئات ومنظمات إسلامية ودولية.
ودعا خلاله رجال الدين والشخصيات السياسية إلى إعمال مبدأ المواطنة لاستيعاب مختلف الانتماءات في العالم الإسلامي، وكذلك دعم المبادرات الهادفة إلى توطيد أواصر التفاهم والتعايش بين مختلف الطوائف الدينية.
وأكد أن التربية تساعد الإنسان على اكتساب طرق العيش في الجماعة، وتتجذّر في شخصيته قيم المواطنة، وبهذه القيم التي تقدمها التربية، ترتقي المواطنة إلى المؤاخاة، وتنتقل من الوجود المشترك إلى الوجدان المتشارك. وبذلك تصير بوتقة تنصهر فيها كل الانتمـاءات، وبقدر الانسجام والانتظام بين هذه العناصر في الجمـاعة يجد المواطن نفسه والجماعة مكانتها.
وجدّد ابن بيه دعوته للمضي قدما في سلسلة الحوارات المجتمعية، شريطة أن تكون جدية ومفتوحة، تشارك فيها جميع فعاليات المجتمع، خاصة المجامع الفقهية ومجالس الإفتاء وسائر الشركاء الأساسيين.
وأكد أن المواطنة تقوم على أسس كبرى هي المساواة في الحقوق والواجبات، ومبادئ الحرية وقبول التعددية، وهي أسس تحميها الدساتير، فلا ينبغي أن تكون محلّ خلاف، والإسلام كسائر ديانات العائلة الإبراهيمية، لا ينافي ما وصلت إليه التجربة الإنسانية في هذا المفهوم الحديث، وإن زاد عليها بالروح الأخلاقية التي يصبغها بها، التي قد تعوز الصيغ المعاصرة أحيانا كثيرة.
وتابع: "لا ينبغي أن نجعل ملتقياتنا الحوارية هذه، منابرَ لمحاكمة الدول، وسلب عقودها الاجتماعية وصف المواطنة، وإنما ينصبّ الحوار على ما وراء ذلك من إشكالية المعيارية، ومقصد تحسين المواطنة".
ونظم "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" ملتقى سابقا في أبوظبي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تمهيدا لإعلان "ميثاق أبوظبي العالمي للمواطنة" الشاملة في المحطة الأخيرة بأبوظبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بالتعاون مع وكالة "ولتن بارك" التابعة لوزارة الخارجية البريطانية، ومركز "كساب" للحوكمة الثقافية، التابع لمنظمة "أديان" اللبنانية.
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز