الحياد المناخي في أبوظبي.. مسار يدعمه «مجلس COP28 لصنّاع التغيير»
استضافت وزارة التغير المناخي والبيئة في متحف اللوفر أبوظبي، اليوم الخميس، المجلس الثاني ضمن مبادرة "مجلس COP28 لصنّاع التغيير".
وتتألف المبادرة من ثمانية مجالس، ومن المقرر عقدها قبل انطلاق مؤتمر الأطراف COP28 نهاية الشهر الحالي في دولة الإمارات، وذلك بمشاركة عدد من قادة وخبراء المناخ والممثلين الحكوميين لمناقشة سبل تعزيز جهود أبوظبي ودولة الإمارات العربية المتحدة في مسيرتها لتحقيق هدفها في الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
ويأتي عقد المجلس في أعقاب إطلاق "استراتيجية دولة الإمارات للحياد المناخي بحلول 2050" أمس، حيث توفر الاستراتيجية خارطة طريق ملموسة على مستوى الدولة لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات، وتعزيز طموح دولة الإمارات في أن تكون واحدة من أكثر الدول جهداً للتصدي للتغير المناخي والحد من آثاره.
ترأس المجلس كل من مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة ، وعويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي.
- مبادرة إماراتية تؤمّن المياه النظيفة لـ10 آلاف شخص بقرى ماليزيا
- وزير الإيكولوجيا والبيئة الصيني: ندعم الإمارات في استضافة ناجحة لمؤتمر COP28
حضر المجلس كل من محمد إبراهيم الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وعدد من قيادات وزارة التغير المناخي والبيئة، وهم محمد سعيد النعيمي وكيل الوزارة بالوكالة، والدكتور محمد سلمان الحمادي وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية، والدكتورة نوال الحوسني، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الخضراء والتغير المناخي، وشيخة أحمد آل علي وكيل الوزارة المساعد لقطاع المناطق بالوكالة.
وخلال المجلس، أكدت المهيري أن استراتيجية دولة الإمارات للحياد المناخي 2050، أحد أهم المحطات في مسيرة دولة الإمارات في العمل المناخي، وتعزز دور الدولة لتساهم بشكل أكبر في مواجهة التغيرات المناخية العالمية وفي الحد من ارتفاع حرارة الأرض بحلول عام 2030، وبذلك إيفاء دولة الإمارات بالتزاماتها المناخية وفق اتفاق باريس للمناخ.
واستعرضت الاستراتيجية وأهم ركائزها وأهدافها التي تتضمن استهداف 6 قطاعات رئيسية هي الطاقة والنفايات والبناء والنقل والزراعة والصناعة، بالإضافة إلى استحداث أكثر من 25 برنامجا حكوميا يتضمنون عددا من المبادرات والمشاريع لخفض الانبعاثات وإزالة الكربون.
وبينت أن الاستراتيجية ستساهم في التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال خلق أكثر من 200 ألف فرصة عمل وزيادة الدخل المحلي الإجمالي بنسبة 3%، مع تعزيز الصادرات.
وأوضحت أن الاستراتيجية كانت نتاج عمل مشترك على المستوى الاتحادي والمحلي، وبالتشاور مع القطاع الخاص وأطياف المجتمع، حيث تم عقد أكثر من 100 اجتماع وتلقي أكثر من 800 من الملاحظات والآراء المفيدة لتطوير الاستراتيجية.
وشددت المهيري أن التعاون ينبغي أن يكون هو النهج الأهم لتنفيذ الاستراتيجية على مستوى كل إمارات الدولة ومختلف القطاعات.
ورحب الحضور بالاستراتيجية الجديدة وناقشوا كيفية تبني جميع القطاعات والصناعات هذه الأجندة المستدامة لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز العمل المناخي في الدولة. وتحدث قادة المناخ عما تم إنجازه حتى الآن في مسيرة دولة الإمارات نحو الحياد المناخي، بما في ذلك العمل المناخي في دولة الإمارات وريادتها، بالإضافة إلى الاستثمارات في مشاريع الاستدامة على المستويين المحلي والدولي.
وتأتي الصناعة وقطاع الأعمال في طليعة الجهود التي تبذلها الدولة للتخفيف من آثار التغير المناخي وتداعياته وخلق مستقبل أكثر استدامة. ومن خلال الاستثمارات في الابتكار والتقدم التكنولوجي والعمل الجماعي يتم إيجاد الحلول. ويستكشف مؤتمر الأطراف COP28 الذي تستضيفه دولة الإمارات بعد 21 يوماً بنهاية الشهر الحالي، الأعمال والنتائج المناخية المبتكرة الحالية والمستقبلية في دولة الإمارات.
وتركزت نقاشات المجلس الثاني في أبوظبي على برامج المسرعات لتحقيق الحياد المناخي والمعوقات التي تحول دون ذلك وناقش الحضور إجابات على الأسئلة المتعلقة بالشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص، والمبادرات المحلية التي يتم تنفيذها في مجال تحول الطاقة وكيفية تعزيزها، وما هي الحواجز التشريعية أو السياسية أو الابتكارية التي تحد من التقدم الكامل نحو مستقبل أكثر استدامة، وما هي أشكال التعاون اليوم بين المجموعة الحاضرة التي يمكن أن تساهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف COP28 وفي المستقبل.
واختتمت المهيري حديثها قائلة " يعد هذا المجلس فرصة أخرى للمضي قدماً في تحقيق الحياد المناخي للإمارات. إن الأفكار والمناقشات التي سمعتها اليوم تعطيني أملاً كبيراً في أننا نسير على الطريق الصحيح نحو مستقبل محايد مناخياً وخالٍ من الانبعاثات. ومع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف COP28، حان وقت العمل الآن. وعلينا جميعاً التعاون وتوحيد الجهود والرؤى للخروج بأفكار طموحة تساهم في إيجاد حلول واضحة وقابلة للتنفيذ لتحقيق الحياد المناخي".
من جانبه، أشاد المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي بمبادرة مجلس COP28 لصناع التغيير، التي تهدف لإشراك مختلف أطياف المجتمع المحلي في تعزيز الحوار بشأن القضايا المتعلقة بتغير المناخ والتنمية المستدامة.
وقال خلال الجلسة "بفضل رؤية القيادة الرشيدة، أصحبت دولة الامارات أنموذجاً عالمياً في صناعة التغيير الإيجابي" مضيفاُ "إننا مطالبون بصناعة التغير الذي يحقق الأهداف المشتركة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة".
وأشار إلى نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، في ترسيخ مفهوم الاستدامة والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، حيث أدت جهود سموه إلى اتساع رقعة الغابات وباتت تغطي اليوم مساحات شاسعة من دولة الإمارات.
وحول جهود دولة الإمارات في تعزيز العمل المناخي أوضح أنه مع إطلاق دولة الامارات لمبادرتها الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، أصبحت أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي وتتماشى المبادرة مع المبادئ العشرة للخمسين القادمة كونها ستوفر فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات في الطاقة النظيفة والمتجددة 600 مليار درهم خلال الثلاثة عقود القادمة.
واختتم رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي الجلسة بكلمة مقتبسة لأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة والتي أشاد فيها بالمبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، حيث وصفها بأنها منارة الأمل.
وأكد محمد الحمادي خلال حديثه على أهمية محطات براكة للطاقة النووية والمساهمة في زيادة نسبة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة بدولة الإمارات، بما يساهم في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. مؤكداً أن بمجرد التشغيل الكامل لمحطات براكة، ستساهم في الحد من 22 مليون طن من الانبعاثات سنوياً وهو ما يعادل إزالة 4.8 ملايين سيارة من الطرقات.
وأشار في الوقت نفسه أنه من المهم أن يعلم كل أفراد المجتمع بصمتهم الكربونية من خلال استهلاكهم للطاقة والمياه والغذاء لأن ذلك هو خطوة على الطرق الصحيح لتحقيق كافة أهدافنا المناخية والبيئية في دولة الإمارات.
وخلال المجلس استعرض الحضور من ممثلي القطاع الخاص والجهات العلمية والأكاديمية وممثلي المجتمع، أهم التجارب والحلول التي تم تطبيقها على أرض الواقع من أجل دفع جهود دولة الإمارات نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050. كما تم استعراض العديد من الرؤى والملاحظات والأفكار التي تدعم هذا التوجه وعلى رأسها أهمية توظيف اللوائح والقوانين لتعزيز دورها في دعم المشاريع المستدامة والأفكار المناخية والبيئية الطموحة وتسهيل تشغيلها.
واستعرضت المناقشات أهمية الأبحاث العلمية والأكاديمية وتمويلها للمساهمة في جهود الحكومة والقطاع الخاص في تطبيق بعض التقنيات، وتقييمها بشكل علمي، خاصة فيما يتعلق بإزالة وتخزين الكربون وخفض البصمة الكربونية للكثير من المعدات والمنشآت.
وأكدت المناقشات أهمية أن يكون هناك إرادة أكبر من القطاع الخاص وتوظيف خططها المستقبلية ووضع أهداف أكبر لخفض البصمة الكربونية لأعمالها، مع ضرورة إتاحة المجال أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال، مع ضرورة تدريب العمال والتقنيين على النظم الجديدة المستدامة، حيث تمت الإشارة أيضاً إلى ضرورة الاهتمام بتدريب الشباب الإماراتيين من أجل مواكبة سوق العمل ومتطلباته مع تحول الإمارات للوصول إلى الحياد المناخي عبر مختلف القطاعات الحيوية.
وتطرق الاجتماع إلى أهمية رفع وعي المجتمع من أجل تعديل سلوكياته وترشيد الاستهلاك وتقبله للنظم الجديدة التي سيتم تطبيقها وسوف تؤثر على حياته اليومية، مثل نظم النقل الحديثة، واستهلاك الكهرباء والمياه، ووقف هدر الطعام وغيرها من السلوكيات.
وتعدُّ مبادرة "مجلس COP28 لصنّاع التغيير "- التي يتم تنظيمها بدعم من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان - سلسلة من مجالس نقاشية رفيعة المستوى وذات توجه عملي، سيتم عقدها في الإمارات السبع، وتركز على تحقيق طموحات دولة الإمارات في تطوير الحلول المناخية المبتكرة.
وسينعقد المجلس في كل إمارة خلال الأسابيع المقبلة، في إطار جهود فريق رئاسة COP28 لضمان مشاركة الجميع في المناقشات الحاسمة للمؤتمر، والتي ستنطلق في غضون 21 يوماً فقط.
وستوفر هذه الجلسات التي تستضيف مجموعة من الخبراء الدوليين والمحليين من شتى المجالات، فرصة لمناقشة التحديات المتعلقة بتغير المناخ، والمشاركة في تقديم حلول واضحة وقابلة للتنفيذ.
ويهدف "مجلس COP28 لصنّاع التغيير" إلى الجمع بين القيادات الحكومية وخبراء المناخ والمبتكرين المحليين وفئة الشباب، بطريقة تخلق مسارات جديدة لهم لمناقشة قضايا المناخ والاستدامة والفرص والتحديات والشراكات المتعلقة بتحقيق الحياد المناخي، مع تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه كل منهم في دعم أهداف المناخ المحلية قبل وأثناء وبعد مؤتمر الأطراف COP28.