الحد من الميثان.. ضيف جديد في معادلة المناخ
إن خفض مستويات غاز الميثان سيكون محسوسا بسرعة أكبر من خفض ثاني أكسيد الكربون، مما يساعد على الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050.
تبرز التقارير بانتظام التهديد المناخي الذي تفرضه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلا أن غاز الميثان -ثاني أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري الكوكبي وفرة على كوكب الأرض- كان موضع تجاهل إلى حد كبير، ويرى علماء المناخ أن خفض انبعاثات غاز الميثان وسيلة لكسب الوقت بشأن أزمة المناخ.
ويعد اتخاذ إجراءات عاجلة لخفض مستويات غاز الميثان أمرا ضروريا للمساعدة في تقليل مخاطر التغيرات المفاجئة التي لا يمكن تجنبها أو التي لا يمكن عكسها في مناخ الكوكب ولتأمين مستقبل يمكن العيش فيه للجميع، وفقا للتقرير التجميعي AR6 الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPPC): تغير المناخ 2023.
ولتحقيق هذه الغاية اقترح الاتحاد الأوروبي مؤخرا وضع حد لانبعاثات غاز الميثان على واردات الغاز اعتبارا من عام 2030. ومن الممكن أن يفرض هذا الاقتراح إذا تم تبنيه، ضغوطا على موردي الوقود الأحفوري في الاتحاد الأوروبي للحد من تسرب غاز الميثان من البنية التحتية للنفط والغاز.
- لماذا يضرب الجفاف المناطق الأكثر فقرا في العالم؟.. دراسة تجيب
- البرلمان الأوروبي: COP28 تحول تاريخي في العمل المناخي
قياس غاز الميثان
الميثان فعال للغاية في تسخين الكوكب. وعلى الرغم من أنه أقل وفرة، إلا أنه يحتوي على أكثر من 80 مرة من احتمالات الاحترار العالمي لثاني أكسيد الكربون على مدى فترة 20 عاما.
ولكن انبعاثات غاز الميثان تظل في الغلاف الجوي لفترة قصيرة نسبياً -حوالي 12 عاماً مقارنة بقرون بالنسبة لثاني أكسيد الكربون- قبل أن تتراجع، وهذا يعني أن الجهود الرامية إلى خفض مستويات غاز الميثان سوف يكون لها تأثير أسرع من ثاني أكسيد الكربون، لذا إن الحد من هذه الانبعاثات سيساعد بسرعة على تقليل سرعة ارتفاع درجة حرارة الكوكب على المدى القصير والمتوسط.
إن قياس مستويات الميثان في الغلاف الجوي للكوكب ليس علما دقيقا، لكن الأبحاث تظهر أن المستويات لا ترتفع بسرعة فحسب، بل إنها تدخل منطقة مجهولة.
وشهدت مستويات الميثان في الغلاف الجوي في عام 2022 رابع أكبر زيادة سنوية منذ بدء التسجيل في عام 1983، بعد الارتفاعات المسجلة السابقة في عامي 2020 و2021، وفقا للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).
وقد وصلت انبعاثات غاز الميثان في الغلاف الجوي إلى أكثر من ضعفين ونصف من مستويات ما قبل الصناعة، وفي حين أن نحو خمسي انبعاثات غاز الميثان تحدث بشكل طبيعي، فإن نسبة 60% المتبقية هي نتيجة للنشاط البشري.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الزراعة هي المصدر الرئيسي لانبعاثات غاز الميثان الناجمة عن الأنشطة البشرية، وهي مسؤولة عن نحو ربع الإجمالي البالغ نحو 145 مليون طن سنويا.
ولا يتخلف قطاع الطاقة كثيراً عن الركب، حيث يمثل الفحم والنفط والغاز والطاقة الحيوية حوالي 134 مليون طن في عام 2020. وغالباً ما توجد تسربات غاز الميثان في منشآت النفط والغاز سيئة الإدارة والتي تستخدم بنية تحتية قديمة أو غير فعالة.
ما هي الحلول؟
تتراوح حلول تخفيف غاز الميثان من تغيير النظام الغذائي للأبقار إلى تحديث البنية التحتية للوقود الأحفوري "المتسرب".
ومع اقتراب انعقاد محادثات المناخ COP28 التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة، يمكن لقواعد الميثان الجديدة التي اقترحها الاتحاد الأوروبي أن تساعد في تشجيع اتفاق أوسع بين زعماء العالم بشأن الحد من انبعاثات الميثان، وهو جزء حيوي من الجهود الرامية إلى الوصول إلى صافي الصفر بحلول عام 2050. وعلى هذا النحو، ساعدت التشريعات العالمية على التخلص التدريجي من المواد الكيميائية الخطرة المستنفدة لطبقة الأوزون من مركبات الكربون الكلورية فلورية التي كانت تستخدم عادة في المبردات والعوازل الرغوية.
وتهدف الدعوات الموجهة لموردي الوقود الأحفوري في الكتلة إلى تحديث أو استبدال البنية التحتية القديمة للنفط والغاز إلى المساعدة في منع تسرب غاز الميثان إلى الغلاف الجوي من آبار النفط والغاز القديمة وشبكات الأنابيب.
وتعد النرويج، أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي منذ أن خفضت روسيا وارداتها بعد غزوها لأوكرانيا، لديها واحد من أدنى مستويات كثافة انبعاثات غاز الميثان في العالم، وهنا قد يكون للقيود المقترحة على انبعاثات غاز الميثان تأثير محدود، وقد يكون من السهل اعتمادها.
وليس هذا هو الحال بالنسبة لبعض موردي الغاز الطبيعي الآخرين في الكتلة، مثل الولايات المتحدة أو الجزائر، حيث معدلات انبعاث غاز الميثان أعلى وتتطلب المزيد من الإجراءات العلاجية.
وتعتمد محاولات الاتحاد الأوروبي لتدقيق الغاز الذي يشتريه وإنفاذ التدابير اللازمة لإدارة ورصد وتنظيم انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن واردات الغاز الطبيعي بشكل أفضل على الإجراءات الدولية السابقة.
ويُظهِر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن خفض انبعاثات غاز الميثان الناجمة عن أنشطة بشرية بنسبة 45% من الممكن تحقيقه خلال هذا العقد، وهو ما من شأنه أن يمنع ما يقرب من 0.3 درجة مئوية من الانحباس الحراري العالمي بحلول عام 2045.
aXA6IDMuMTUuMTg2LjU2IA==
جزيرة ام اند امز