من قمة أبوظبي لإكسبو دبي.. الإمارات تعزز التضامن الخليجي
جهود استثنائية إماراتية لتعزيز التضامن الخليجي، منذ أول قمة خليجية شهدت ميلاد مجلس التعاون الخليجي في أبوظبي قبل 41 عاما وحتى اليوم.
ووظفت الإمارات إمكانياتها ودبلوماسيتها وإنجازاتها لصالح تعزيز مسيرة التعاون الخليجي، إيمانا منها بما يربط بين شعوب دول الخليج من روابط تاريخية قوية ومصير مشترك، وأن وحدة مجلس التعاون الخليجي وتضامنه أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الطموحات المستقبلية في ازدهار ورخاء شعوب الدول الأعضاء.
ومنذ أول قمة خليجية عقدت بدعوة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في أبوظبي مايو/أيار 1981، وتم خلالها الاتفاق رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحتى القمة الـ42 التي ستنطلق في العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء، تقوم الإمارات بجهود استثنائية للحفاظ على مجلس التعاون وتعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
إنجازات تعزز الأخوة الخليجية
وأسهمت دولة الإمارات في تعزيز الأخوة الخليجية، ليس فقط عبر القمم الخليجية التي استضافتها الإمارات والتي كانت محطات فارقة في تاريخ دول الخليج، بما نتج عنها من قرارات لصالح دعم الأمن والازدهار والاستقرار في المنطقة وتحقيق الرفاهية لشعوبها، وإنما من خلال كل إنجاز تحققه على أي صعيد.
وتنطلق القمة الخليجية الـ42 في الرياض، في وقت تستضيف فيه الإمارات "إكسبو 2020 دبي" الذي يعد أول إكسبو دولي يقام في العالم العربي، وأكبر حدث ثقافي في العالم، والتي وظفته الإمارات ليكون نافذة دبلوماسية وثقافية واقتصادية مفتوحة لتعزيز التعاون الثنائي مع مختلف دول العالم بشكل عام، ودول الخليج بشكل خاص.
وتنطلق القمة أيضا قبل نحو أسبوعين من بدء عضوية الإمارات مطلع يناير/كانون الثاني القادم في مجلس الأمن الدولي لمدة عامين، في إنجاز دبلوماسي أيضا ستوظفه لدعم الأمن والاستقرار في العالم بشكل عام، والخليج بشكل خاص.
إعلان العلا.. مبادرات رائدة
وتعد القمة الخليجية الـ42 هي أول قمة خليجية بعد رأب الصدع الخليجي خلال قمة العلا 5 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي تم خلالها طي صفحة الخلاف بين قطر من جانب ودول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر ) من جانب آخر.
والتزاما منها بتنفيذ ما تم في إعلان العلا، وثقة بالدور القيادي الحكيم للسعودية ودعما للجهود الدبلوماسية التي تبذلها في تعزيز وحدة وتماسك مجلس التعاون الخليجي، بادرت الإمارات بطي صفحة الخلاف.
وأجرى الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان زيارة إلى قطر 26 أغسطس/آب الماضي، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إماراتي رفيع منذ بدء الأزمة مع قطر قبل 4 سنوات. كما أنها الأولى من نوعها بعد اتفاق العلا خلال القمة الخليجية الـ41، والذي تم بموجبه طي صفحة الخلاف مع قطر.
هذه الزيارة، أكدت خلالها الإمارات أنها تمد أيادي السلام والتسامح، لطي صفحة الخلافات، حرصا على إعادة العلاقات الأخوية إلى سابق عهدها من جانب، وتحقيق التضامن الخليجي، ونزع فتيل أية توترات بالمنطقة، والرغبة في التفرغ لمعركة البناء والتنمية، مع تعزيز التعاون والتكامل انطلاقا "من واقع أن المصير واحد والنجاح مشترك"، وأن التعاون والتكامل كفيل بتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار لدول وشعوب مجلس التعاون الخليجي والمنطقة بأسرها.
ووضح ذلك جليا أيضا في المباحثات التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال زيارته للإمارات يومي 7 و8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ضمن جولته الخليجية.
وتناولت المباحثات أهمية تفعيل العمل الخليجي والعربي المشترك، وأكد الجانبان في بيان مشترك عقب الزيارة على مضامين إعلان العُلا الصادر في 5 يناير/كانون الثاني 2021، الذي نص على التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي أقرها المجلس الأعلى في دورته "36" في ديسمبر/كانون الأول 2015م وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة.
وتضمنت رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتعزيز الدور الإقليمي لها، من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات السياسية مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية وقوة وتماسك دول المجلس ووحدة الصف بين أعضائه.
توافق إقليمي
الرؤية الإماراتية لتعزيز التضامن الخليجي وتحقيق أمن دوله واستقرارها، تمتد مستهدفة توسيع إطار التوافق الإقليمي.
وضمن تلك الرؤية زار وفد إماراتي برئاسة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني إيران 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
زيارة تأتي بعد نحو 10 أيام من الزيارة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، إلى أنقرة 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي زيارة استبقها زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى سوريا في 9 من الشهر نفسه.
خطوات إماراتية متسارعة في اتجاهات عدة لتصفير الأزمات بالمنطقة ودعم أمنها واستقراره، إيمانا منها بأهمية بناء توافق إقليمي أكبر يضمن السلام والاستقرار في المنطقة ككل ويعود على دولها بالنفع والفائدة، وخصوصا في ظل التغيرات الكبيرة التي يشهدها النظام الدولي.
رؤية تجسد دبلوماسية دولة داعمة للسلام وداعية للحوار ترى أن الوضع الدولي والإقليمي الراهن يتطلب المزيد من الحوار والتعاون والتفاهم لتعزيز الثقة بالشكل الذي يجسر بين وجهات النظر المتعددة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك ، وخصوصا أن المنطقة لا تتحمل المزيد من الاستقطابات والمواجهات، وأن العقود المقبلة تحتاج إلى المزيد من التواصل والتكامل والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والصحية والغذائية.
وهو ما ترجمته عبر خطوات متلاحقة في أكثر من اتجاه خلال الفترة الماضية تجسيدا لدبلوماسية بناء الجسور الإماراتية الساعية لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة، عبر مد جسور الصداقة والتعاون والتسامح بين الشعوب وبناء علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة كافة.
وتعد تلك الدبلوماسية تطبيقا عمليا لمبادئ الخمسين التي اعتمدها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لتكون خارطة استراتيجية تحدد توجهات البلاد للخمسين عاما القادمة.
وتوظف الإمارات تلك الدبلوماسية لخدمة المصالح المشتركة للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وتحقيق الازدهار والتنمية لشعب دول المجلس، والمساهمة في تعزيز دوره الإقليمي والدولي.
هذا بالإضافة إلى سعيها لتعزيز وحدة الصف والتماسك بين دول مجلس التعاون وعودة العمل الخليجي المشترك إلى مساره الطبيعي، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
إكسبو.. مستقبل خليجي واعد
ووظفت الإمارات إكسبو 2020 دبي، لتحقيق تلك الأهداف، حيث حولته إلى نافذة تواصل مفتوحة لتعزيز التضامن الخليجي، إما من خلال حرص قادة ومسؤولي الإمارات على زيارة أجنحة دول مجلس التعاون الخليجي، ونقل رسائل تعزز الترابط والأخوة، أو من خلال استقبال مسؤولي دول الخليج بالمعرض وعقد مباحثات أو مناسبات وطنية تعزز التعاون الثنائي وتصب في دعم مسيرة التعاون الخليجي.
ويكاد لا يمر يوم منذ انطلاق إكسبو دبي مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا ويشهد حدث أو رسالة أو لقاء تصب في مسار تعزيز مسيرة التضامن الخليجي.
فقبل أيام، زار الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي جناحي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات في إكسبو 2020 دبي 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وقبلها بأيام أجرى الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، مباحثات لتعزيز التعاون مع الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية البحريني وذلك في إكسبو 2020 دبي.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد البحريني إكسبو 2020 دبي و شهد الاحتفال باليوم الوطني لبلاده.
أيضا زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي جناحي دولة الكويت ودولة قطر المشاركين في معرض " إكسبو 2020 دبي".
وأعرب عن سعادته بزيارة جناحي الكويت وقطر والاطلاع على أهم مبادراتهما في مشاريع المستقبل وموروثهما التراثي والتاريخي والثقافي والاجتماعي.
وقبلها بأسبوع، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لسلطان عمان الشقيقة الذي كان يزور البلاد لرعاية احتفالات الجناح العماني في معرض "إكسبو 2020 دبي " بمناسبة اليوم الوطني الحادي والخمسين للسلطنة.
وبحث الجانبان العلاقات الأخوية الراسخة التي تربط بين البلدين، وسبل تطويرها وتوسيع آفاقها بما يعود بالخير والنماء على البلدين.
وخلال زيارته لأجنحة قطر والكويت والبحرين في معرض دبي إكسبو 2020، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن قطر والبحرين والكويت "إخوة يجمعهم النسب والقرابة والمصير الواحد، وتجمعهم الإمارات العربية المتحدة على المحبة والسلام".
كما سبق أن زار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جناح المملكة العربية السعودية، وأثنى على ما شاهده من خلال الجناح والذي وظف أحدث التقنيات الرقمية في جنباته لإبراز تاريخ المملكة العريق.
وزار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجناح السعودي، وأشاد به مؤكدا أنه "إضافة قيمة ومتميزة لمعرض إكسبو تجسد تاريخ المملكة العريق ومسيرتها ورؤيتها الطموحة للمستقبل".
وفي تصريحات سابقة له، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أن "إكسبو 2020 دبي" يجسد تطلعات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو مستقبل واعد ومزدهر كما يعكس تاريخا من العمل الخليجي المشترك ومسيرة ملهمة وثرية قادتنا إلى تحقيق إنجازات نوعية في المجالات كافة.
تصريحات ولقاءات ومباحثات شهدها إكسبو2020 دبي تستبق القمة الخليجية الـ42، وتدعمها في تحقيق أهدافها في تعزيز ودعم مسيرة التعاون الخليجي وتوحيد الصف الخليجي.
كما تؤكد أن الإمارات توظف كل إنجازاتها لصالح تحقيق الأخوة الخليجية والدفع قدما نحو تحقيق التكامل بين أعضائه.