أكاديمية محمد السادس.. منجم مواهب يضع الكرة المغربية على طريق العالمية
شهدت كرة القدم المغربية تجربة رائدة في عام 2009، وقت افتتاح أكاديمية محمد السادس المتخصصة في اكتشاف المواهب الكروية هناك.
الملك محمد السادس أعطى الإذن بإنشاء هذه الأكاديمية للنهوض بكرة القدم المغربية، بعد سلسلة النكسات التي تعرضت لها على صعيد الأندية والمنتخبات، حيث أسدى توصياته بضرورة تطبيق المعايير الدولية من ناحية البنية التحتية وطرق العمل والإحاطة النفسية والاجتماعية.
الأكاديمية التي بلغت تكلفتها 13 ملايين يورو، تم تدشينها في سبتمبر/ أيلول 2009 ويشرف على إدارتها منير الماجيدي، السكرتير الخاص للملك محمد السادس ورئيس نادي الفتح الرباطي، في حين تكفل ناصر لارغيت، المدير الحالي لمدرسة شبان أولمبيك مارسيليا الفرنسي، بالإشراف عليها فنيا من خلال تنظيم عملية انتقاء المواهب والعمل على تطوير أدائها بالتعاون مع عدد من المدربين المغاربة والأجانب من أصحاب الخبرات.
الدفعة الأولى تضمنت 45 طفلا تم اختيارهم من جميع مناطق المملكة المغربية، وإخضاعهم لاختبارات فنية وبدنية قبل إدماجهم في صفوف الأكاديمية.
أكاديمية عملاقة
تمتد أكاديمية محمد السادس على مساحة 18هكتار تقريبا، وتحتوى على 5 أقسام منها المخصص للسكن الذي يضم 30 غرفة مزدوجة و4 غرف فردية، وأيضا فضاء للتسلية ومطبخ وقاعة طعام بسعة 100 فرد.
القسم الثاني بالأكاديمية يتضمن فضاء مخصص للدراسة يضم10 قاعات تدريس، بالإضافة لقاعة عملاقة مخصصة للندوات والمؤتمرات الإعلامية.
ويوجد بالأكاديمية أيضا قسم الطب الرياضي الذي يضم قاعة تقوية عضلات و4 غرف ملابس، فضلا على عيادة طبية وقاعة للعلاج الطبيعي، وأيضا حوض للمعالجة بالمياه المعدنية.
القسم الأهم بالأكاديمية مخصص للجانب الفني، حيث تتواجد فيه 5 ملاعب منهم 3 ملاعب من النجيل الصناعي.
القسم الأخير لأكاديمية محمد السادس هو الإداري، ويحتوي على مكاتب الإداريين والمدربين، فضلا على قائمة اجتماعات بـ100 مقعد، إلى جانب مسجد.
وتقوم طريقة العمل في الأكاديمية على الأسلوب نفسه الذي تعتمد عليه مدارس الشبان في أوروبا، والمتمثل في الجمع بين الرياضة والدراسة في ذات الوقت.
مدربو أكاديمية محمد السادس يركزون على 3 محاور، يهتم الأول بمرحلة ما قبل التكوين وتخص اللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، والثاني على التخصص مع اللاعبين بين 14 و16 عاما، والثالث خاص بالإعداد لدخول مرحلة الاحتراف (بين 16 و18 عاما).
ويبقى الهدف الأساسي للأكاديمية هو تكوين لاعبين مميزين، وفقا لأسس علمية تسمح لهم بفرض نفسهم على الصعيد الدولي، وهي أيضا هيكل غير ربحي، حيث أن جميع الأرباح التي تجنيها من عملية بيع نجومها يتم استثمارها في تطوير البنية التحتية.
الأكاديمية تقوم أيضا بدور اجتماعي، حيث تعمل على منح الفرصة للمواهب المغمورة في المناطق الداخلية للاستفادة من ظروف عمل ممتازة، تؤهلها لأن تحقق النجاح في عالم كرة القدم.
ويجمع العديد من الملاحظين في المغرب على أن تجربة أكاديمية محمد السادس حققت نجاحات كبيرة، بالرغم من حداثة عهدها.
ويقول الإعلامي المغربي عبدالرحمن إيشي رئيس القسم الرياضي بجريدة "لوماتين" في هذا الصدد: "تجربة أكاديمية محمد السادس تعتبر رائدة لأنها مكنت الكرة المغربية من الاستمرار في إعداد اللاعبين للمنتخبات الفئات السنية، في الوقت الذي تخلت فيه الأندية المغربية عن تلك المهمة".
وفسر بقوله: "جميع الأندية وتحت ضغط الجمهور، أصبحت تبحث عن الحلول السهلة عبر القيام بالتعاقدات، وأهملت بالتالي مسألة إعداد مواهب شابة، لكن أكاديمية محمد السادس استطاعت أن تغطي هذا النقص الحاصل في التكوين لدى الأندية".
واختتم : "اليوم نلاحظ أن أغلبية اللاعبين الذين يكونون النواة الصلبة للمنتخبات الوطنية الصغرى هم من أكاديمية محمد السادس، فمثلا منتخب أقل من 20 عاما يضم في صفوفه 7 لاعبين من الأكاديمية".
منجم مواهب
رغم حداثة عهدها نجحت أكاديمية محمد السادس في صناعة عدة نجوم أثبتوا وجودهم في دوريات القارة العجوز خلال الفترة الأخيرة.
ومن أبرز الأسماء التي تخرجت في أكاديمية محمد السادس، المهاجم الهداف يوسف النصيري لاعب فريق إشبيلية الإسباني، المتوج مؤخرا بلقب الدوري الأوروبي.
النصيري انضم لأكاديمية محمد السادس في 2011 وقضى فيها 4 سنوات، قبل أن يتعاقد في عام 2015 مع نادي مالاجا الإسباني.
المهاجم المتألق توهج مع "بوكويرونيس" لينضم لليجانيس في صفقة بلغت قيمتها 10 ملايين يورو، قبل أن يتعاقد في يناير/ كانون الثاني الماضي مع إشبيلية مقابل 20 ملايين يورو، كأغلى صفقة في تاريخ النادي الأندلسي.
ويعتبر النصيري لاعبا مهما للغاية في صفوف منتخب المغرب، حيث شارك معه في 32 مباراة سجل خلالها 10 أهداف وأسهم بتمريرتين حاسمتين.
لاعب آخر تخرج من الأكاديمية ونجح في إثبات وجوده في أوروبا، وهو حمزة منديل نجم ديجون الفرنسي.
المدافع الأيسر المولود من أب إيفواري وأم مغربية، لعب في الأكاديمية لمدة 5 سنوات وتحديدا خلال الفترة بين 2010 و2015، قبل أن ينضم في 2016 لنادي ليل الفرنسي.
تألق منديل مع نادي الشمال الفرنسي فتح أمامه أبواب الانضمام لنادي شالكه الألماني الذي ضمه لصفوفه عام 2018 مقابل 6 ملايين يورو.
وعلى غرار النصيري، يعتبر منديل لاعبا مهما في صفوف منتخب المغرب، حيث شارك معه في 18 مباراة أسهم خلالها بهدف وحيد.
نايف أكرد الوافد الجديد على استاد رين الفرنسي، بدأ مسيرته من بوابة أكاديمية محمد السادس أيضا في عام 2011، قبل أن يغادرها في 2014 نحو نادي الفتح الرباطي المغربي.
المدافع صاحب الـ24 عاما خطف الأضواء مع نادي العاصمة ، مما جعله يدخل اهتمامات نادي ديجون الفرنسي الذي تعاقد معه في عام 2018 في صفقة بلغت قيمتها 1.6 مليون يورو.