الاستقالة.. كابوس يغتال حلم الترشح لانتخابات فلسطين
بين الرغبة في الترشح للانتخابات والخوف من فقدان الوظيفة، يتراوح حال المئات من الفلسطينيين بسبب شرط قبول الاستقالة.
فبين الوظيفة وحلم الترشح يبرز شرط الاستقالة كابوسا يلقي بثقله على فلسطينيين مكبلين بهاجس حرمان العودة للوظيفة حال عدم الفوز، أو حتى عدم استكمال العملية الانتخابية لأي سبب كان، ما دفع المئات منهم إلى دفن آمالهم بالترشح ودخول المؤسسة التشريعية.
إعلامية معروفة فضلت عدم كشف هويتها، أكدت لـ"العين الإخبارية"، أنها تلقت عدة عروض للمشاركة في قوائم مستقلين على مستوى الوطن، لكنها واجهت مشكلة حقيقية في موضوع الاستقالة وقبولها.
وقالت: "هناك من عرض أن أكون في مركز متقدم بالقائمة، لكن للأسف لا أستطيع المغامرة بالوظيفة من أجل الترشح على قوائم مستقلين برامجهم غير ناضجة لإقناع الجمهور".
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية أنها ستبدأ، صباح السبت، استقبال طلبات الترشح للانتخابات التشريعية للعام الجاري، وذلك لمدة 12 يوماً تنتهي مساء الأربعاء 31 مارس/ آذار الجاري، حيث تتسلم اللجنة طلبات الترشح بالمقر العام بمدينة البيرة والمقر الإقليمي في غزة.
وأكدت الإعلامية أن "شرط قبول الاستقالة يحرمنا حقنا الأصيل في ممارسة حقنا بالترشح للانتخابات، ويرتب المنافسة بين عدد محدود من السياسيين ورجال المال والأعمال فقط، بينما يحرم قطاعات واسعة من الشباب والشابات الموظفين مثلا من حق الترشح".
وبقي شرط تقديم ما يفيد قبول الاستقالة من الوظيفة العمومية للترشح قائما رغم مطالبة الفصائل الفلسطينية، في جولة الحوار الأولى بالقاهرة، بتعديله ضمن سلسلة تعديلات مقترحة فشلت في إقرارها.
لمصلحة من؟
الدكتور بسام القواسمة، أستاذ القانون في جامعة الخليل، يرى أن الشروط التي عدل بموجبها قانون الانتخابات، بينها شرط قبول الاستقالة، تمت لمصلحة الفصيلين الكبيرين (حركتي فتح وحماس) للحد من تنافس الكثير من الشخصيات المعروفة بنضالها وخدمتها للجمهور ممن يعملون في الوظيفة العمومية.
وقال القواسمة لـ"العين الإخبارية" إن "الكفاءات موجودة عادة في الوظيفة العمومية أو بين العاملين في المنظمات الدولية، ولذلك شرط قبول الاستقالة يحرم موظفي الدولة".
وأكد أن هناك 250 ألف شخص من الموظفين ومن في حكمهم يمنعهم الشرط من ممارسة حقهم السياسي بالترشح لتمثيل الناس، مشددا على أن "هذا الشرط يحد من طموحات الآلاف ممن يمكن لهم التنافس".
ولفت إلى أن "هناك قوائم كثيرة ممن تسعى للتشكل سيفشلها شرط قبول الاستقالة من التشكل بشخصيات قوية، ولذلك لن ترى النور بعض تلك القوائم التي يسعى أصحابها لحجز مواقع لهم في البرلمان ليدافعوا عن حقوق الجمهور".
شرط تعسفي
أما رامي محسن، منسق حملة "بدنا انتخابات"، فوصف شرط قبول الاستقالة بأنه "تعسفي جدا وسيعيق مشاركة الآلاف أو ممن ينوون المشاركة في الترشح للانتخابات".
ويفسر محسن، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، شرط قبول الاستقالة بأكثر من سبب؛ "أولا لتجنب مشاركة خصوم كثر في الترشح، وجانب ثانٍ يعيق كل من يفكر بالمشاركة في الانتخابات خصوصا المستقلين والمرأة والشباب".
وقال: "هذا الشرط يجعل الشباب والنساء الموظفين يفكرون ألف مرة قبل الموافقة على شرط الترشح المجحف، لأنهم إن لم يفوزوا في الانتخابات فسيخسرون مرتين".
وسبق أن طالبت 120 منظمة فلسطينية الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتعديل قانون الانتخابات لإلغاء القيود المفروضة على الترشح.
وأصدرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية عريضة تحمل توقيع أكثر من 120 منظمة أهلية فلسطينية، تُطالب الرئيس بتعديل قانون الانتخابات الفلسطينية؛ لضمان المشاركة الأوسع لكل المواطنين وتحصين الانتخابات مجتمعيًا، من خلال إلغاء جميع القيود المفروضة على الترشح في انتخابات المجلس التشريعي.
وحثت العريضة الرئيس عباس على إلغاء الشرط المتعلق بقبول الاستقالة لرؤساء وموظفي المنظمات الأهلية وغيرها من الهيئات العامة، وخفض سن الترشح لعضوية المجلس التشريعي إلى 23 عامًا، ورفع الكوتا (الحصة) النسوية، وتخفيض رسوم التسجيل والتأمين، وحل قضية المحكوميات.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدر عباس مرسوما بالدعوة إلى انتخابات تشريعية في 22 مايو/أيار المقبل، ورئاسية في 31 يوليو/تموز من العام نفسه واستكمال المجلس الوطني في 31 أغسطس القادم.
وستكون الانتخابات التشريعية الأولى منذ العام 2006، والرئاسية الأولى منذ 2005.