انتخابات فلسطين.. مخاض عسير لتشكيل القوائم
قبل يومين من فتح موعد تسجيل القوائم المرشحة للانتخابات الفلسطينية، لا تزال بورصة القوائم والأسماء المرشحة مفتوحة على كل الاحتمالات.
وبالساعات الماضية، أثار تسريب إعلامي عن اتفاق حركتي "التحرير الوطني الفلسطيني" (فتح) و"المقاومة الإسلامية" (حماس)، على تشكيل قائمة مشتركة، جدلا بين التأييد والسخط واعتباره تكريسا لحالة الانتهازية للفصائل الكبيرة، قبل أن تجري توضيحات من قيادات في الجانبين دون نفي حاسم.
أمين سر اللجنة المركزية لـ"فتح"، ومسؤول ملف الحوار فيها، اللواء جبريل، أكد عدم الاتفاق على القائمة المشتركة، وأن شكل مشاركة الحركة وتوافقاتها سيحسمه اجتماع للجنة المركزية للحركة خلال الساعات القادمة.
أما موسى أبو مرزوق، عضو اللجنة المركزية لـ"حماس"، فأعلن أن حركته تفضل تشكيل قائمة ائتلافية، وهي جاهزة لسيناريو القائمة المنفردة.
ووفق مصادر متعددة، فإن حركتي فتح وحماس أتمتا تشكيل قائمتيهما مع فتح المجال لإمكانية بناء تحالفات في الساعات الأخيرة.
بورصة القوائم
إلى جانب قائمة "فتح" الرسمية، بات من المؤكد أن عضو اللجنة المركزية للحركة ناصر القدوة، سيشكل قائمة منفردة ضمن ما بات يعرف بـ"الملتقى الوطني الديمقراطي".
بدوره، أعلن التيار الإصلاحي الديمقراطي (الذي يقوده القيادي محمد دحلان) عزمه خوض الانتخابات بقائمة من كوادر (مفصولة من) فتح وكفاءات وطنية، وسط تقديرات بأن هذه الكتلة ستحظى بحظوظ جيدة في المنافسة الانتخابية.
ويؤكد رامي محسن، منسق حملة "بدنا انتخابات"، أن هناك حمى وتصارع وتنظيرات وأفكار كثيرة تتزاحم في الساعات الأخيرة، لمحاولة تشكيل قوائم بعيدا عن القوى السياسية، من ذلك أن عددا من المستقلين والأكاديميين والسياسيين ورجال الأعمال والمهنيين يعملون على تشكيل قوائم مستقلة بعيدا عن القوى السياسية.
وقال محسن لـ"العين الإخبارية"، إن هؤلاء يتصلون بالشباب ليضموهم في تلك القوائم، هم يسعون خلف الشباب لأنهم يشكلون نحو 60 في المئة من تعداد الفلسطينيين".
وأعلن إعلاميون بارزون وأكاديميون، في الساعات الأخيرة، أنهم تلقوا عدة عروض للانضمام لقوائم انتخابية، فيما أعلن آخرون انسحابات من قوائم مستقلة.
وأضاف محسن؛ "سنرى قوائم موجودة ضمن ائتلافات، وقوائم غير موجودة سنراها تنافس، وقوائم موجودة ستنسحب لأن التنافس ليس سهلا ومتطلباتها تحتاج إمكانيات غير متوفرة للشخصيات المستقلة".
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية أنها ستبدأ، صباح السبت المقبل، استقبال طلبات الترشح للانتخابات التشريعية 2021، ولمدة 12 يوماً تنتهي مساء الأربعاء 31 مارس/ آذار الجاري، حيث تتسلم اللجنة طلبات الترشح بالمقر العام في مدينة البيرة والمقر الإقليمي في مدينة غزة.
ووفق محسن، "هناك عروض كثيرة على نشطاء من الشباب لضمهم لقوائم كثيرة، لكن تلك القوائم تعاني غياب البرامج الحقيقية والواضحة، لذلك أعتقد أن هناك من يسعى لتشكيل قوائم تضمن تحقيق فوز لمشكل القائمة".
وتجري الانتخابات التشريعية وفق قانون التمثيل النسبي على مستوى الوطن، ويجب أن تضم القائمة الواحدة 16 شخصا على الأقل، ولتتمكن من الفوز، يجب أن تجتاز نسبة الحسم التي تصل إلى 1.5 %.
رهانات اليسار
رغم الرهانات الكبيرة على اليسار الفلسطيني لتشكيل قائمة موحدة تكسر ثنائية "فتح" و"حماس"، إلاّ أن الخلافات والتباينات لا تزال سيدة الموقف.
ويقر خالد منصور، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن جهود تشكيل تحالف بين قوى اليسار وشخصيات وطنية وحراكات قائمة حتى اللحظة، لم تنجح في الاتفاق على تشكيل تحالف يمثل تيارا ثالثا.
وقال: "هناك من يريد أن يحظى بأغلبية في القائمة، لذلك نحن كحزب شعب لدينا قائمة جاهزة إن لم نصل للتحالف".
وتسود تقديرات بأن عدم ائتلاف قوى اليسار سيحرم بعضها من اجتياز نسبة الحسم، لذلك تتعالى الأصوات في الساعات الأخيرة تدعو للاتحاد.
ووجه ممدوح العكر، عضو اللجنة التنسيقية للحراك الوطني الديمقراطي رسالة مفتوحة لقادة لكل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة المبادرة الوطنية، قال خلالها: "نحن أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر لسنوات عديدة قادمة لبناء الجبهة الوطنية الديمقراطية لتشكل كتلة شعبية ضاغطة ومؤثرة في صنع القرار الوطني، وكتيار وطريق ثالث لكسر الهيمنة الممتدة لعقود عدة ولفتح الطريق أمام إنهاء الثنائية بين حركتي فتح وحماس".
وحث العكر على عدم إضاعة هذه الفرصة، مقترحا إنجاز صيغة الضوابط وآلية العمل للقائمة في عملها اللاحق وآلية اتخاذ القرار، وتشكيل مجلس موسع بمشاركة كل المكونات لمتابعة عمل الكتلة لاحقاً طالما أنها ليست كتلة انتخابية عابرة، بل خطوة نحو مشروع وطني ديمقراطي لإنقاذ القضية الفلسطينية.
وتقدم الحراك الوطني الديمقراطي باقتراح لإعداد القائمة من 12 اسما على النحو التالي: 4 جبهة شعبية، و2 جبهة ديمقراطية و2 حزب شعب، و2 مبادرة وطنية و2 حراك مستقل، على أن يصار لترتيبها وفق صيغة تتمتع بروح عالية من المرونة التي تحتمها ضرورة نجاح المشروع وتستكمل القائمة بعد ذلك من فعاليات ونقابات وشخصيات وحراكات مطلبية.
أزمة المستقلين
ومع تداول أنباء أولية عن وجود ما لا يقل عن 7 قوائم تمثل المستقلين، تزداد التقديرات بتراجع فرصهم خاصة مع حالة الاستقطاب الانتخابي بين الفصائل الكبيرة.
وأعلنت ما لا يقل عن 4 شخصيات من قطاع غزة، انسحابها من قائمة كان من المقرر أن يشكلها الأكاديمي الراحل عبد الستار قاسم، ويرأسها حاليا البرلماني السابق حسن خريشة.
وقال خريشة لـ"العين الإخبارية": "نحن بصدد تشكيل قائمة من مجموعة من المستقلين حتى اللحظة لم تنجز القائمة لوجود إشكاليات تواجه كل قوائم المستقلين".
وأضاف أن كل قوائم المستقلين تواجه عقبات أهمها التنافس على المراكز المتقدمة في القوائم، والعقبات المالية التي يتطلبها تسجيل القائمة والدعاية، وهناك عقبة أخرى تواجه الكثير من القوائم المستقلة وهي استقالة المرشحين من وظيفتهم العامة وقبولها.
ويفرض القانون القائمة المرشحة دفع تأمين بقيمة 20 ألف دولار، وتقديم ما يفيد باستقالة جميع أعضائها من وظائفهم العمومية.
ووفق خريشة؛ فإن حتى الفصائل تعاني في تشكيل قوائمه، كما لم تتفق قوى اليسار حتى اللحظة على تشكيل قائمة موحدة، وهناك قوائم منبثقة عن قوى أخرى لا زالت تواجه عقبات.
وقال: "لا أعتقد أنه من السهل على تلك القوى أو المستقلين تجاوزها بسهولة، لكن الكل يسعى ويعمل لتحقيق الشروط للانطلاق نحو الانتخابات".
غياب الرؤية
بلال الشوبكي، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الذي واكب -بحكم اختصاصه- بورصة تشكيل القوائم، قال: "هناك كثيرون يعملون لتشكيل قوائم بعيدا عن الفصائل وخصوصا الفصيلين الكبيرين فتح وحماس، اعتقادا منهم أن عموم الفلسطينيين قد نفروا من سياسات الفصيلين خلال السنوات الأخيرة وما سبباه من انقسام امتد 14 عاما".
وأضاف الشوبكي، لـ"العين الإخبارية": "هناك حراك محموم لتشكيل قوائم سواء بين قوى سياسية مثل اليسار أو مستقلين ورجال أعمال وأكاديميين، وهذه المساعي لتشكيل العديد من القوائم للمستقلين تعكس حالة غياب الرؤية والقيادة لدى المستقلين".
ونبه إلى أن هذه القوائم التي يسعى المستقلون لتشكيلها يغلب عليها المناطقية أو القطاعية، ويتم تطعيمها بآخرين من خارج القطاع الواحد أو المنطقة الواحدة لتبدو مشكلة من كل مناطق الوطن..
وتابع: "حقيقة الأمر أن القائمين على هذه القوائم يسعون لتجاوز قانون الانتخابات المعدل الذي تقرر بموجبه إجراء الانتخابات على مستوى الوطن كقائمة واحدة، وليس على مستوى الدوائر، لذلك بعض الشخصيات الراغبة في الوصول للبرلمان تعمل على تشكيل قوائم لتضمن لها تحقيق الفوز الشخصي فقط وهذا خطير جدا".
وأشار إلى أن أغلب هؤلاء هم من رجال أعمال ووزراء سابقين، دون وجود برامج حقيقية، وهذا ما يزيد حمى تشكيل القوائم حاليا.