النساء والانتخابات الفلسطينية.. أصوات قوية وتمثيل ضعيف
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، تتجه الأنظار لنساء فلسطين، كعامل مؤثر وحاسم في المشاركة وتحديد النتائج.
ومع حضور بنسبة 49% للإناث في المجتمع الفلسطيني، ومشاركة وصلت إلى 51% في انتخابات 2006، فإن رهانات كبيرة من القوى والفصائل تجري لكسب أصوات النساء باعتبارها قوة حاسمة للنتائج.
ويبلغ عدد السكان المقدر منتصف 2020 في فلسطين، نحو 5.10 مليون نسمة؛ منهم 2.59 مليون ذكر، بنسبة 51%؛ و2.51 مليون أنثى، بنسبة 49%.
عوامل تأثير
وتؤكد أريج الأشقر، مسؤولة المرأة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن هناك عوامل تأثير كبيرة لمشاركة المرأة في الانتخابات، أهمها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفلسطينيون والنساء تحديدا، لا سيما مشكلة البطالة وعدم رؤية أفق لفتح مجالات العمل لها.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن معدل البطالة بين الخريجين من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى يصل إلى 52%، بواقع 68% للإناث مقابل 35% للذكور.
كما بلغ معدل البطالة بين النساء في عمر العمل 41% مقابل 21% بين الرجال.
وترى الأشقر، في حديثها لـ"العين الإخبارية"، أن تلك الفجوة تدفع نساء فلسطين للمشاركة في تغيير واقع سيئ موجود يعيشه الشعب بأكمله والمرأة على وجه الخصوص؛ لذلك ستسهم في تغيير الواقع المعيشي وتوفير الحقوق والحريات.
ومن واقع تجربة انتخابات 2006، يدرك الفلسطينيون تأثير الصوت النسائي في حسم النتائج الانتخابية، وهو ما يدفع الأطراف كافة لكسب ود النساء في هذه المرحلة.
كوتة نسائية
وتشير الأشقر إلى وجود حراك لتوعية النساء بالمشاركة الواسعة في التصويت للمساهمة في إحداث التغيير المطلوب على الصعيد العام وصعيد المرأة خاصة.
ويمنح قانون الانتخابات الفلسطيني بتعديلاته النافذة كوتة خاصة للنساء، حيث تضمن ألا يقل تمثيل النساء عن امرأة واحدة في الأسماء الثلاثة الأولى، ومن ثم امرأة من كل أربعة أسماء، أي أن القائمة في حدّها الأدنى (16 مرشحًا)، يجب ألا يقل عدد النساء المترشحات فيها عن 4.
ورغم فرض هذه النسبة في الترشيح فإنها لن تعطي نتائج أكيدة لفوز النساء في حال حصلت قوائم صغيرة على أقل من 3 مقاعد، فإنها لن توصل المرشحات لقبة البرلمان.
وترى الأشقر أن القانون الانتخابي غير مرضٍ للنساء و26 % المخصصة للترشيح نسبة مجحفة بحق المرأة الفلسطينية، مشددة على أن المطلوب أن يكون هناك تمثيل بأكثر من 26% في التشريعي.
أمل بالتغيير
وتؤكد هدى عليان، مسؤولة المرأة بحزب "فدا"، أن تأثير أصوات النساء مؤكد، مدللة على ذلك بنسبة مشاركة النساء العالية في انتخابات 2006.
وقالت عليان، لـ"العين الإخبارية": "المرحلة القادمة خطيرة وصعبة للغاية خاصة مع وجود وضع استثنائي في الوطن وفي غزة خاصة، حيث تأثيرات الانقسام والحصار والعذابات التي تركت آثارها على المرأة؛ لذلك سيكون صوت المرأة مؤثرًا".
وبينت أن الوضع الحالي يحتاج لتغيير الواقع للأفضل للمرأة الفلسطينية التي عانت كثيرا، خصوصا أن التشريعي الأخير لم يمنح المرأة أي أهمية ولم يناقش قضاياها الملحة ولم يتطرق للظلم الواقع عليها وينصفها.
وأضافت أن كل قضايا المرأة من قوانين الأسرة والعنف ضد المرأة والميراث والحق في العمل والمشاركة السياسية كلها معلقة، لذلك لا بد من خروج المرأة لحمل كل قضاياها والنضال من أجلها.
ووفقاً لمعطيات فلسطينية رسمية؛ لا تزال مشاركة النساء في مواقع صنع القرار محدودة مقارنة بالرجال، إذ أظهرت البيانات أن 5% من أعضاء المجلس المركزي، و11% من أعضاء المجلس الوطني، و14% من أعضاء مجلس الوزراء هن نساء، و11% نسبة السفيرات الفاعلات في السلك الدبلوماسي.
كما أن هناك امرأة واحدة تشغل منصب محافظ محافظة رام الله والبيرة من أصل 16 محافظا.
وكشفت عليان عن وجود تفكير بخيار أن تشكل نساء قائمة تضم إليها رجال وشباب، وليس فقط أن تنتظر إدراجها في القوائم.
وقالت: "إذا عرفنا أن الوضع صعب للنساء في القوائم سنفكر جديا بتشكيل القائمة، وفق ما ذكرت، لأننا نحن ضد نسبة الـ26 % لأنها مجحفة للمرأة ولن توصلها النتائج للحصول على ما نسبته 26 % من مقاعد التشريعي بل بالكاد تصل إلى 15 % لطبيعة توزيع المقاعد على القوائم المشكلة".
وحسب بيانات ديوان الموظفين العام حتى فبراير/شباط 2020 بلغت نسبة مشاركة النساء في القطاع المدني 44% من مجموع موظفي القطاع العام، وتتجسد الفجوة عند الحديث عن الحاصلين على درجة "مدير عام" فأعلى، حيث بلغت 13% للنساء مقابل 87% للرجال.
توجيه البوصلة
بدورها، تشير الدكتورة عبير ثابت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، إلى أن المرأة الفلسطينية عنصر رئيسي في تشكيل الحالة السياسية القادمة لأنها تمثل 49.7% من المجتمع الفلسطيني وكانت مشاركتها في انتخابات 2006 بالضبط 51%، لذلك هي عنصر رئيسي في توجيه البوصلة الوطنية الفلسطينية.
وأضافت، لـ"العين الإخبارية": "في مجتمعنا الموروث الذكوري يسطو على المجتمع والفكر القبلي ما زال سيد الشارع لذلك فرص تشكيل قوائم نسوية ضعيفة.. قد تصل نسبة وصول النساء للتشريعي إلى 20% بالتالي ممكن هذه النسبة تؤدي إلى عزوف قطاع واسع من النساء عن المشاركة في الانتخابات".
ورأت أن ما يمكن أن يحفز النساء للمشاركة جدية الأطراف الفلسطينية والتزامها بتحقيق حجز المرأة 26% من المقاعد لتحقق بذلك المرأة واقعا أفضل.
وأشارت إلى أن 94% من الفلسطينيات متعلمات وبالتالي عدم تمثيلهن بشكل حقيقي قد يدفعهن للعزوف، مؤكدة أن النساء يرين ضرورة وجودهن في مواقع صنع القرار بشكل مؤثر وحقيقي.
وذكّرت بأنه في انتخابات 2006 كانت حصة المرأة 20 % لكن عند الفرز حصلت على 12% من المقاعد لذلك النساء يطالبن بأن يكون في النتائج لهن 26 % من مقاعد المجلس لأن القوائم المشكلة من أحزاب صغيرة لن تستطيع إيصال نساء للمجلس وبذلك يتراجع حضورها في المقاعد.