"شيطنة" المتظاهرين.. "الملالي" يمهد لتكرار مذبحة 1988
مراقبون يخشون من أن تكون حملة التشويه والشيطنة بحق المتظاهرين مقدمة لتكرار مذبحة 1988 بحق المعارضين.
يواصل النظام الإيراني عناده ورفض الاعتراف بجرائمه في حق شعبه، بل واكتفى بوصف المتظاهرين السلميين بـ"مثيري الشغب" في محاولة لشيطنتهم وتبرير القمع.
ويخشى مراقبون من أن تكون حملة التشويه والشيطنة بحق المتظاهرين مقدمة لتكرار مذبحة 1988 بحق المعارضين، والمحاكمات الصورية التي أعقبت مظاهرات 2009.
تاريخ من القمع الإيراني
وارتكب النظام في 1988 مجزرة بحق السجناء الإيرانيين من أنصار منظمة "مجاهدي خلق" وفصائل أخرى من اليسارين أو "فدائيون" أو غيرهم، أدت إلى إعدام قرابة 30 ألف سجين.
تلك المجزرة التي استمرت قرابة 5 أشهر، تمت عبر لجنة عُرفت بـ"لجنة الموت"، والتي لا يزال بعض أعضائها يؤدون أدوارا بارزة في السياسية الإيرانية.
من هؤلاء الأعضاء، إبراهيم رئيسي، المنافس الانتخابي للرئيس الحالي حسن روحاني، ومصطفي بورمحمدي، وزير العدل في ولاية روحاني الأولي، ثم مستشار لرئيس السلطة القضائية في الولاية الثانية بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي.
ونصب روحاني في ولايته الحالية، الثانية، علي رضا اّوايي، وهو أحد أعضاء لجنة الموت أيضا، وزيرا للعدل. الأمر الذي اعتبره مراقبون أن الكيان الإيراني وخاصة السلطة القضائية مجبولة على ارتكاب الإعدامات والمجازر بحق المعارضين.
من ناحية أخرى، لم ينجُ منظمو الثورة الخضراء، التي انطلقت في 2009 بقيادة الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي، والتي اتهمت الحكومة بتزوير الانتخابات لصالح إعادة انتخاب أحمدي نجاد لولاية ثانية، والإطاحة بالمنافسين له: موسوي وكروبي.
وانتهت تلك المظاهرات، التي فضتها طهران قمعا، باعتقال المئات من المشاركين فيها، خاصة من أنصار الإصلاحيين، فضلا عن فرض الإقامة الجبرية علي موسوي وكروبي.
وبناء، لا يستبعد مراقبون أن تنحو الحكومة الإيرانية نفس المنحى مع الاحتجاجات الحالية، خاصة بعد استهدافها وانتقادها لرأس النظام خامنئي نفسه.
وخرج الإيرانيون في احتجاجات شعبية، منذ الخميس الماضي، في مدينتي قم ومشهد، أحد معاقل الحكومة وأهم المراكز الدينية القوية، مطالبة بإصلاحات اقتصادية مثل القضاء على البطالة المنتشرة ومكافحة الفساد المتوغل.
لكن سرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى كثير من المدن الإيرانية، بلغت قرابة 60 مدينة، خاصة في العاصمة طهران، رافعة شعارات تستهدف رأس النظام المرشد علي خامنئي؛ حيث هتف عشرات الطلاب في جامعة طهران "الموت للديكتاتور"، كما أحرق بعض المتظاهرين ملصقات وصورا له.
رفض مرجعية خامنئي
مراقبون أشاروا إلى أن استهداف الإيرانيين هذه المرة للمرشد وبتلك العلانية والصراحة يجعل تلك الاحتجاجات مختلفة كثيرا عن سابقاتها من المظاهر الاحتجاجية للشعب الإيراني.
كما أنه يعطي تفسيرا أن الشعب الإيراني بات يرفض المرجعيات العتيدة التي يمثلها الحكم الديني في هيكلية نظام بلدهم، ويطالبون بتركيز موارد وطنهم لخدمة الشعب وليس لتمويل ميلشيات في دول الإقليم تحت ذريعة "مساندة المستضعفين" التي يتبعها خامنئي ونظامه للتدخل في شئون الدول المجاورة.
وفي ذات السياق، تقول نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الاحتجاجات الإيرانية، وإن كانت لأسباب داخلية بالأساس مثل الدعوة لمكافحة الفساد وحل مشاكل البطالة، إلا أن تنديد الإيرانيين للمرشد صراحة وعلنا يطرح علامات تساؤل حول ما ستؤول إليه الاحتجاجات وكيفية تعامل الحكومة معها.
وأضافت الشيخ، في تصريحات لبوابة "العين" الإخبارية، أن الحكومة الإيرانية وإن تبدو محاولة لملمة الوضع حتى لا تسوء صورتها أكثر في الخارج، إلا أن السيناريو القمعي لمحاولة وأد تلك المطالب الشعبية وارد، خاصة مع استناد المرشد على الحرس الثوري وقوات الباسيج.
القمع.. سيناريو معتادا
من ناحية أخرى، أدلي عدد من المسؤولين الإيرانيين بتصريحات أفادت أن النظام الإيراني قد يلجأ إلى إعمال أدوات العنف والقمع لمحاولة القضاء على الاحتجاجات والمطالب الشعبية.
وتعزز تلك التصريحات وصف المسؤولون للمتظاهرين بمثيري الشغب والمدفوعين من دول أجنبية. الأمر الذي اعتبره محللون محاولة تمهيدية لتبرير الحكومة أي خطوات قاسية تتخذها ضد المحتجين.
وقال نائب قائد مقر "ثأر الله" التابع للحرس الثوري محمد إسماعيل كوثري: "لن نسمح بأي شكل من الأشكال استمرار حالة الفوضى في طهران، وإذا استمرت هذه الحالة سيتخذ المسؤولون القرارات الضرورية بالتأكيد".
وأضاف كوثري محذرا من أن القوي الأمنية تتواجد في أرجاء العاصمة.
على صعيد متصل، أعلن رئيس محكمة الثورة في طهران حجة الإسلام موسي غضنفر أبادي، اليوم، اعتقال الكثير من "مثيري الشغب في طهران وأماكن أخرى"، منوها بأن محاكمتهم ستتم قريبا.
وأضاف أن "الأمن في إيران هو أكبر نعمة"، في إشارة إلى عزم الحكومة في استتاب ذلك الأمن مهما كانت تكلفته.
بدوره عبر كل من أمين المجلس الأعلى للأمن القومي على شمخاني، ونائب وزير الداخلية للشؤون الأمنية والسياسية إسماعيل جبار زادة، عن أن الاحتجاجات "ستنتهي قريبا". الأمر الذي يثير التساؤل حول كيفية إنهائها رغم عدم استجابة الحكومة لأي مطلب من مطالب المحتجين.
الرئيس الإيراني حسن روحاني ندد هو الآخر بالاحتجاجات، معتبرا أن "الشعب الإيراني سيرد على تلك المجموعة الصغيرة (في إشارة للمحتجين) التي تطلق شعارات تتعارض مع إرادة الشعب".
دعوات دولية لنبذ القمع
من ناحية أخرى، تتخوف عدد من الدول الأوروبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة الحكومة من تكرار السيناريوهات الإيرانية القمعية ضد المتظاهرين، داعية طهران لاحترام مطالب الشعب الإيراني.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس: "لقد حان وقت التغيير في إيران"، متهما نظام الملالي بالفشل ونهب ثروات البلاد.
فيما أعلنت كندا دعمها مطالب المحتجين الإيرانيين، معتبرة أنهم يمارسون حقوقهم المشروعة.
ونصح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون طهران، اليوم، بالدخول في حوار جاد بشأن القضايا التي أثارها المحتجون والابتعاد عن العنف.
وطالب الاتحاد الأوربي، اليوم، طهران بضمان حق التظاهر، وعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين.
قتلي ومعتقلون
ووصل عدد القتلى الذين سقطوا خلال مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين نحو 21 شخصا، منذ اندلاع الاحتجاجات، بحسب التقديرات الرسمية الإيرانية.
وعن المعتقلين، قال نائب محافظ طهران علي أصغر ناصر بخت: "اعتقل 200 شخص يوم السبت، و150 يوما الأحد، ونحو 100 يوم الإثنين"، أي 450 شخصا خلال 3 أيام فقط.
تأتي تلك التصريحات الرسمية، في حين تقول المعارضة الإيرانية إن نظام الملالي اعتقل قرابة 1000 متظاهر حتى الآن.
ويعاني قرابة 12 مليون إيراني من الفقر المطبق، فيما يقبع 33 مليونا تحت وطأة الفقر النسبي، وتصل نسبة البطالة 12% من عدد السكان الباغ 80 مليون نسمة.
aXA6IDMuMTQuMjQ2LjUyIA== جزيرة ام اند امز