متى تبدأ أوروبا الاستقلال عن الغاز الروسي؟.. إجابة رسمية صادمة
تعتبر واردات الطاقة من روسيا "أساسية" بالنسبة إلى "الحياة اليومية للمواطنين" في أوروبا.. فهل يمكن تأمين إمدادات القارة بطريقة أخرى؟
وقال مسؤول سياسة المناخ بالمفوضية الأوروبية إن الاتحاد الأوروبي قد يتوقف عن الاستعانة بالغاز الروسي في غضون سنوات ويمكنه الشروع في الحد من اعتماده عليه في غضون أشهر.
وأثار الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف تتعلق بأمن الطاقة، وستقترح المفوضية الأوروبية اليوم الثلاثاء، خططا لتنويع إمدادات الوقود الأحفوري في أوروبا بعيدا عن روسيا والتحول بشكل أسرع إلى الطاقة المتجددة.
- ما هي شركات التكنولوجيا التي قطعت العلاقات مع روسيا؟
- هل تنجح أوروبا في الاستغناء عن النفط الروسي؟.. خبير يجيب
وقال رئيس سياسة المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانس إن الخطط "ستقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الغاز الروسي بالفعل هذا العام، وفي غضون سنوات ستجعلنا نتوقف عن استيراد الغاز الروسي".
وأضاف أمام لجنة البيئة بالبرلمان الأوروبي يوم الإثنين: "الأمر ليس سهلا، لكنه ممكن".
وتورد روسيا زهاء 40 في المئة من الغاز الذي تستهلكه أوروبا.
وستسعى خطة المفوضية إلى خفض هذا الاعتماد عن طريق زيادة واردات الغاز والغاز الطبيعي المسال من دول أخرى والتشغيل التدريجي للغازات البديلة مثل الهيدروجين والميثان الحيوي، بحسب رويترز.
وتهدف العناصر الأخرى من الخطة إلى بناء مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل أسرع، وضمان قيام البلدان بملء مخزون الغاز قبل الشتاء لتخفيف صدمات الإمداد.
قالت وكالة الطاقة الدولية إن أوروبا يمكن أن تخفض وارداتها من الغاز الروسي بأكثر من النصف في غضون عام، لكن القيام بذلك سيتطلب مجموعة من الإجراءات السريعة، من تبديل غلايات الغاز بمضخات حرارية، إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال.
كما حثت بروكسل دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي على تسريع المفاوضات بشأن مجموعة من سياسات الاتحاد الجديدة بشأن تغير المناخ، والهادفة لخفض الانبعاثات بشكل أسرع هذا العقد. وتقدر المفوضية أن هذه المقترحات قد تخفض استخدام الاتحاد الأوروبي للغاز 23 في المئة بحلول عام 2030.
وقد يتفق زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة هذا الأسبوع على التخلص التدريجي من اعتماد الكتلة على واردات الوقود الأحفوري الروسي دون موعد محدد، وفقا لمسودة بيان اطلعت عليها رويترز.
لكن الدول منقسمة بشأن ما إذا كانت ستفرض عقوبات فورية على إمدادات الطاقة الروسية. ورفضت ألمانيا، أكبر مشتر للنفط الخام الروسي، الفكرة.
إجراءات طارئة
وقال محللون إن أوروبا ستحتاج إلى استخدام إجراءات طارئة مثل إغلاق الصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز من أجل التعامل مع وقف واردات الغاز الروسي بالكامل.
وأمس الإثنين، أثيرت مسألة المحروقات الروسية، وفق الإدارة الأمريكية، خلال مؤتمر عبر الفيديو بين بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وذكر بيان صادر عن البيت الأبيض أنّ الزعماء الأربعة "عازمون على مواصلة زيادة الكلفة" المفروضة على روسيا ردّاً على غزوها أوكرانيا.
من جهته قال الإليزيه إنّ القادة "عازمون على تشديد العقوبات" على روسيا وبيلاروس، فيما قال داونينج ستريت إنّ القادة عازمون على "مواصلة الضغط على روسيا".
أما البيان الذي أصدرته برلين إثر المحادثات، فلم يتطرّق الى موضوع العقوبات، وأشار خصوصاً إلى أنّ الاجتماع ناقش "إمكانات جديدة (لتقديم) مساعدة إنسانية إلى أوكرانيا".
من جهته، يتعرض بايدن لضغوط متنامية من المشرّعين على اختلاف انتماءاتهم لقطع هذا المصدر الرئيسي للعائدات بالنسبة الى موسكو.
لكنّ الولايات المتحدة لا تستورد سوى كميات محدودة من الخام الروسي وخصوصاً أنها من أبرز منتجي النفط. ويكرّر بايدن في كل مرة يتم سؤاله عن هذا الحظر أنّ "لا شيء مستبعد".
تحذير ألماني
وفي سياق متصل، حذر وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، من انهيار اقتصادي حاد في حال فرض حظر على واردات النفط والغاز من روسيا.
وقال هابيك في تصريحات لمحطة "آر تي إل" التليفزيونية الألمانية اليوم الثلاثاء: "سنتحدث بعد ذلك (عقب تطبيق مثل هذا الحظر) عن أزمة اقتصادية خطيرة في ألمانيا وبالتالي في أوروبا".
وذكر هابيك أن إعلان الولايات المتحدة عن وقف محتمل لواردات النفط الروسي وحده أدى إلى ارتفاع سعر النفط بنسبة 50% أمس الاثنين.
وفي الواقع ارتفع سعر برميل برنت بحر الشمال (159 لترا) بنسبة 18% في التعاملات المبكرة إلى أكثر من 139 دولار، ليقترب بذلك من المستوى القياسي الذي يقل قليلا عن 150 دولار، والذي تم تسجيله في صيف 2008.
وذكر هابيك أن كل من يطالب بالاستغناء عن النفط والغاز الروسي يجب أن يكون واضحا لهم الآتي: "لن نتحدث حينها عن قفزات في الأسعار، ولكن عن ارتفاع دائم لأسعار الوقود الأحفوري"، مضيفا أنه ينبغي أن نكون واضحين بشأن الثمن الذي سندفعه جراء اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وقال هابيك إن الأمر حينها لن يتعلق بإطفاء الأنوار في وقت مبكر من الليل، وأضاف: "الأمر حينها سيدور حول انهيارات في الشركات وبطالة"، مضيفا أن هناك من يمكنه القول إن السلام يستحق كل هذا العناء، وقال: "ولكن بعد ذلك عليك المثابرة. نحن لا نتحدث عن ثلاثة أيام ولا نتحدث عن ثلاثة أسابيع، لكن - سأقول ذلك الآن - عن ثلاث سنوات".
واستبعد هابيك فرض حظر في أوروبا وألمانيا لواردارت النفط من روسيا على غرار ما نوقش في الولايات المتحدة، موضحا أن هذا أيضا لم يكن متوقعا أو مطلوبا من الولايات المتحدة، "لأنه بذلك يرتفع خطر ترنح الاقتصاد الأوروبي ومعاناته من ركود حاد، وبذلك لن نتمكن بعد الآن من مواصلة العقوبات الأخرى".
وأشار هابيك إلى أن الولايات المتحدة دولة مصدرة للنفط، وتشكل حصة وارداتها من النفط الروسي 7.5% فقط، بينما تبلغ حصة واردات ألمانيا 35٪، وقال: "هذا يعني أن الوضع غير قابل للمقارنة. الأمريكان يعرفون ذلك أيضا".
فرنسا: أوروبا لديها حلول لتصبح مستقلة
أكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الثلاثاء أن أوروبا لديها "حلول لتصبح مستقلة عن الغاز الروسي".. مضيفا أنه يريد "تسريع العمل بموجبها" لتكون قادرة على "مواجهة تحدي شتاء 2022-2023".
وأكد أن أسعار الغاز سيتم "تجميدها" حتى نهاية العام 2022 للمستهلكين في فرنسا، تحدث الوزير خلال رحلة إلى نورماندي عن سلسلة من الحلول الأوروبية للتعامل مع "صدمة الغاز" المرتبطة بالصراع الروسي وعواقبها على اقتصاد القارة.
وأوضح الوزير الذي كان يتحدث على هامش زيارة لموقع إنتاج الهيدروجين تابع لشركة "إير ليكيد"، "الاعتماد (على الغاز الروسي) ليس نفسه في كل الدول الأوروبية. ففرنسا تعتمد بنسبة 20 في المئة من إمداداتها على الغاز الروسي فيما يبلغ المتوسط الأوروبي 40 في المئة (...) وبعض الدول تعتمد كليا عليه (...) مثل فنلندا التي تحصل على إمداداتها من الغاز بنسبة 100 في المئة من روسيا".
وأشار لومير إلى الحاجة لـ"حل أوروبي جماعي" بشأن هذا الموضوع.
ومن الحلول التي ذكرها، قدّر لومير أنه من الضروري "تسريع تخزين الغاز اعتبارا من الصيف الحالي لتعبئة وتخزين 90 في المئة من الحاجات اللازمة لمواجهة شتاء 2022".
وأضاف "التحدي ليس الآن. التحدي هو شتاء 2022-2023".
وتابع "الاحتمال الثاني: مشتريات جماعية بهدف الحصول على أسعار مخفّضة. والثالث محاولة تنويع الإمدادات من منتجين آخرين".
وعن الاحتمال الرابع ذكر الوزير الفرنسي تحسين أداء محطات الغاز الطبيعي المسال موضحا "هناك سبع في إسبانيا وأربع في فرنسا لكن للأسف لا يوجد أي منها في ألمانيا" مشيرا إلى أنه "بحث" مع قادة مجموعة إنجي في طرق "تحسين تشغيل" المحطات.
وفي مواجهة "صدمة الغاز"، ذكر لومير الاحتمال الأخير وهو الكتلة الحيوية والغاز الحيوي وهما "حلّان بديلان يتم إنتاجهما في فرنسا من شأنهما أن يساعدا على الاستقلال عن الغاز الروسي".