سؤال الساعة.. هل يمكن أن يتخلى الغرب عن النفط والغاز الروسيين؟
هل يمكن أن يتخلى الغرب عن النفط والغاز الروسيين؟.. سؤال أثارته مساع أمريكية لفرض الحظر عليهما ردا على الحرب الروسية في أوكرانيا.
وفي أول رد فعل على الفكرة قفز خام برنت خلال الساعات الأولى من صباح اليوم إلى أعلى مستوياته منذ عام 2008، بعد أن أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن واشنطن تجري "مناقشات نشطة للغاية" مع الحلفاء الغربيين حول فرض حظر على النفط والغاز الروسيين ردا على الحرب التي تشنها موسكو على أوكرانيا. ويمكن أن تحظى هذه الخطوة بتأييد الكونجرس.
- أسعار النفط اليوم لحظة بلحظة.. خام "برنت" لأعلى سعر منذ 2008 تحت ضغط الحرب
- هل تنجح أوروبا في الاستغناء عن النفط الروسي؟.. خبير يجيب
وقالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، أمس الأحد، إن المجلس يدرس قانونا لحظر استيراد النفط الروسي وأن الكونجرس يعتزم اعتماد عشرة مليارات دولار هذا الأسبوع كمساعدات لأوكرانيا ردا على الحرب الروسية.
وقالت بيلوسي في رسالة إن "مجلس النواب يدرس حاليا قوانين قوية ستزيد من عزلة روسيا عن الاقتصاد العالمي".
النفط يحوم بالقرب من 140 دولارا
وكما هو متوقع، تفاعلت الأسواق مع هذه الأخبار، إذ ارتفع سعر برميل النفط بنسبة 18% ليصل إلى 139 دولارا في بداية التعاملات.
وارتفع كلا الخامين في الدقائق القليلة الأولى من التداول يوم الأحد إلى أعلى مستوى لهما منذ يوليو/تموز 2008، حيث بلغ برنت 139.13 دولار للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط 130.50 دولار.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 12.28 دولار أو 10.4 في المئة إلى 130.39 دولار للبرميل بحلول الساعة 2305 بتوقيت جرينتش، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 10.70 دولار أو 9.3 في المئة إلى 126.38 دولار.
وسجلت تعاقدات الخامين أعلى مستوى لها منذ يوليو/تموز 2008 ، مع تسجيل سعر خام برنت 147.50 دولار للبرميل وغرب تكساس الوسيط 147.27 دولار.
ومنذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا وحتى الآن، كانت فكرة حظر النفط الروسي ليست مطروحة على الطاولة، إذ إن موسكو تمثل 17% من إمدادات الغاز العالمية و12% من سوق النفط العالمية التي تعاني بالفعل من تداعيات الصراع، إلى جانب تعافي الطلب لما بعد جائحة "كوفيد-19".
وبالتالي فإن حظر النفط والغاز الروسيين سيكون بمثابة انتحار بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي يعاني من نقص في إمدادات الطاقة، والذي يحصل على نحو 40% من احتياجاته من الغاز الطبيعي من روسيا. كما أن الضغوط التضخمية في الولايات المتحدة وبريطانيا، واللتين تواجهان بالفعل ارتفاعا كبيرا في تكاليف الطاقة، ستكون شديدة أيضا.
وستكون الخطوة المحتملة صعبة بشكل خاص للرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يواجه انتقادات متزايدة في الداخل بشأن تعامل إدارته مع أسعار الوقود التي وصلت الآن إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2008.
والسؤال الآن، هل صناع السياسة الغربيون مدركون لما سيكون عليه العالم دون روسيا؟.. خاصة أن الحرب تسببت بالفعل في حدوث موجات من الصدمات في العالم النامي، حيث ارتفعت أسعار الغذاء والمواد الخام والطاقة بالفعل إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود.
وكان صندوق النقد الدولي حذر الأسبوع الماضي من أن الحرب على أوكرانيا والعقوبات التي يجري فرضها على روسيا ستكون لها "تأثيرات شديدة" على الاقتصاد العالمي، وكان ذلك قبل أن يلمح بلينكن إلى احتمالية حظر النفط والغاز الروسيين.
ألمانيا تعارض
عبّر وزيرا الخارجية والمال الألمانيان، أمس الأحد، عن رفضهما فرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في إطار عقوبات جديدة مرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لقناة إيه آر دي "يجب أن نكون قادرين على الاستمرار (في فرض العقوبات) بمرور الوقت". وأضافت أن فرض العقوبات سيكون "غير مجدٍ إذا اكتشفنا في غضون ثلاثة أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا وبأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات".
ولاحقا قالت بيربوك لقناة زي دي إف "نحن مستعدون لدفع ثمن اقتصادي باهظ جدا"، لكن "إذا انطفأت الأنوار غدا في ألمانيا أو في أوروبا، فهذا لن يوقِف الدبابات".
وبدا وزير المال الألماني كريستيان ليندنر مشككا أيضا، وقال لصحيفة بيلد "يجب ألا نحد من قدرتنا على الصمود بمرور الوقت".. معتبرا أن "اتخاذ قرار أحادي بشأن حظر" واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا "سيكون له تأثير سلبي على هذه القدرة".
عقوبات صارمة
من جهة ثانية، قال ليندنر أمس الأحد إن العقوبات الجديدة التي فرضتها مجموعة السبع على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا "ستؤثر قبل كل شيء على المتمولين" الذين "استفادوا من بوتين".
وأوضح للتلفزيون العام إيه آر دي، عندما سئل عن تحرك مجموعة السبع التي تتولى ألمانيا رئاستها حاليًا "نحن نعمل على عقوبات أخرى".
قال ليندنر "أريد أن تؤثر بشكل خاص على المتمولين. لا يمكن لأولئك الذين استفادوا من (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين وسرقوا ثروات الشعب الروسي خصوصا من خلال الفساد، الاستفادة من ثرواتهم في ديمقراطياتنا الغربية".
وأعلنت مجموعة السبع في بيان يوم الجمعة عزمها على فرض "عقوبات جديدة صارمة" على موسكو "ردا على العدوان الروسي" على أوكرانيا.
ويوم الخميس أدرجت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على لائحتهما السوداء متمولين جددا مقربين من الكرملين كان استهدفهم الاتحاد الأوروبي.
ومن الإجراءات الملموسة ضد النخبة الروسية، مصادرة يخت ضخم مملوك لشركة مرتبطة برئيس شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت يوم الخميس في جنوب فرنسا.
إعلان حرب
وأكد بوتين يوم السبت أن العقوبات المفروضة على بلاده أقرب الى "إعلان حرب"، حتى لو "لم نصل إلى ذلك بعد".
ولدى سؤاله عن إمكان نشوب نزاع نووي بين روسيا وبعض الدول الغربية، أكد ليندنر أن "الحكومة الألمانية الفيدرالية تبذل كل ما في وسعها لتجنب هذا السيناريو الفظيع والمخيف".