وقف القتال بليبيا وخروج المرتزقة.. انتصار لدبلوماسية الردع العربي
خبراء يعتبرون وقف إطلاق النار نقلة نوعية وانتصار لدبلوماسية الردع العربي.
شكل التوافق بين البرلمان الليبي وحكومة الوفاق، اليوم الجمعة، على وقف دائم لإطلاق النار وإخراج المرتزقة وإنهاء الدور القطري والتركي في ليبيا نقلة نوعية في سبيل حل الأزمة الليبية.
ورأى مراقبون للشأن الليبي أن الاتفاق يعد انتصارا للإرادة العربية التي مثلتها التحركات الإقليمية ومن بينها التحرك المصري في ملف الأزمة الليبية الذي اتسم بالحسم والردع المبكر، وفضح الدور التركي القطري والدعوة لضرورة إخراجهما من معادلة الأزمة.
والجمعة رحبت البعثة الأممية للدعم في ليبيا بالتوافق الكبير بين بيانين صادرين عن حكومة الوفاق برئاسة فايز السراح والبرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح.
تضمن البيانان إعلان وقف إطلاق النار في كامل أنحاء ليبيا، والبدء في خطوات حلحلة الأزمة الليبية بإخراج المرتزقة وإنهاء الوجود العسكري التركي والقطري في ليبيا، تتبعها خطوات أخرى تتعلق بانتخاب مجلس رئاسي جديد والبدء في توحيد المؤسسات الليبية وحل المليشيات ونزع سلاحها.
كما شمل البيانان أيضا إعلان إعادة فتح الحقول النفطية بعد تحقيق الاشتراطات المتعلقة بذلك من فتح حساب خارجي خاص بعوائد النفط، إضافة إلى إقرار آلية لصرف عوائده بشكل عادل على جميع الليبيين، عقب الوصول لاتفاق سياسي.
ترحيب عربي ودولي
حظيت الخطوة الليبية بترحيب عربي ودولي في أولى لحظات الإعلان عنها، حيث أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ترحيبه بإعلان وقف إطلاق النار في كافة الأراضي الليبية من قبل مجلس النواب وحكومة الوفاق.
وقال السيسي في تغريدة له على موقع "تويتر" إن "بيانات وقف العمليات العسكرية تشكل خطوة مهمة على طريق تحقيق التسوية السياسية وطموحات الشعب الليبي في استعادة الاستقرار".
ورحبت المملكة العربية السعودية بإعلان المجلس الرئاسي ومجلس النواب وقف إطلاق النار في ليبيا، مؤكدة أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل دائم يمنع التدخل الخارجي.
وأصدرت الخارجية السعودية بيانا، الجمعة، جاء فيه: يجب البدء في حوار سياسي داخلي في ليبيا يضع المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات.
وأعربت الجزائر، عن ارتياحها للقرار، وجددت استعدادها لاحتضان الحوار بين الفرقاء الليبيين.
وذكر بيان عن الخارجية الجزائرية اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، بأنها "تسجل ارتياحها لهذه المبادرة التوافقية".
ودعت الجزائر إلى حوار شامل بين الفرقاء الليبيين بالتنسيق مع دول الجوار والدول الفاعلة.
تونس رحبت كذلك بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا واعتبرته خطوة إيجابية تؤدي إلى حل للأزمة، وتؤسس لتسوية سياسية شاملة وتعيد الاستقرار إلى كافة ربوع ليبيا.
ورحب الأردن بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا، وأكد على أهمية إنخراط الأطراف في مفاوضات سياسية تستهدف إنهاء الأزمة.
الخارجية الكويتية، رحبت أيضا بالاتفاق، معربة عن الأمل أن يفضي الحوار السياسي إلى حل دائم يكفل الأمن والاستقرار ووحدة الأراضي الليبية ويضع حدا للتدخلات الخارجية.
وزارة الخارجية البحرينية رحبت أيضا بالبيانين الصادرين عن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ورئيس مجلس النواب بدولة ليبيا، مؤكدة على ضرورة التزام جميع أطراف الصراع الدائر في ليبيا بهذه الخطوة، واستثمار هذه الفرصة لوقف كافة التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي الليبي.
كما رحبت جامعة الدول العربية بإعلان السراج وعقيلة صالح الالتزام بالوقف الفوري لإطلاق النار وكافة العمليات العسكرية في عموم الأراضي الليبية.
ودعت الجامعة العربية، في بيان لها، إلى العمل على وضع ترتيبات متفق عليها حول الاستئناف الشامل لعمليات إنتاج وتصدير النفط وإدارة عوائده لصالح جميع الليبيين، وطي صفحة الصراع والانقسام عبر مسيرة سلمية للوصول إلى تسوية متكاملة للأزمة الليبية.
ورحب رئيس البرلمان العربي الدكتور مشعل بن فهم السُّلمي بوقف إطلاق النار في ليبيا، داعيا جميع الأطراف الليبية إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية وتغليب مصلحة ليبيا وشعبها الشقيق فوق أي اعتبار من خلال حوار سياسي شامل.
ورحبت منظمة التعاون الإسلامي بالاتفاق، مشددة على أهمية البدء في حوار سياسي ليبي يحقق الأمن والاستقرار ويمنع التدخل الخارجي.
ورحب الاتحاد الأوروبي، الجمعة، بالإعلان عن وقف إطلاق النار ووصفه بـ"المهم والإيجابي".
وقال وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل، في تغريدة عبر "تويتر" إنه "من الأهمية بمكان أن يلتزم كل الأطراف بما أعلنوه. يستحق جميع الليبيين حلا سياسيا وعودة إلى الاستقرار والسلام".
كما رحبت وزارة الخارجية اليونانية بإعلان وقف إطلاق النار اليوم في ليبيا، آملة أن يكون ذلك خطوة أولى إيجابية في إيجاد حل سياسي من خلال المصالحة الوطنية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف دولي يضمن السلام والاستقرار والاستقلال الكامل للشعب الليبي الذي يجب أن تتحقق توقعاته الآن.
من جانبه، أعلن السفير البريطاني لدى ليبيا، نيكولاس هوبتونر ترحيب المملكة المتحدة بإعلان وقف إطلاق النار في ليبيا مؤكدا أن موقف الشعب الليبي واضح "ليس هناك حل عسكري للأزمة الليبية."
وشدد في تغريدة على حسابه بـ"تويتر" على أنه ينبغي الآن على جميع الأطراف، سواء داخل ليبيا أو خارجها، الالتزام بوقف إطلاق النار.
وأعربت الخارجية الإيطالية في بيان عن أملها في أن تشهد التطورات الأخيرة الناتجة عن بياني المجلس الرئاسي ومجلس النواب بشأن استئناف إنتاج النفط في ليبيا تنفيذا ملموسا على أرض الواقع وخطوة جريئة ومهمة نحو استقرار ليبيا.
واعتبرت الخارجية الفرنسية، من جانبها، إعلان وقف إطلاق النار في ليبيا "خطوة إيجابية تمهد الطريق لعملية سياسية لتسوية الأزمة ووضع حد للتدخلات الأجنبية".
في السياق ذاته، أعلن مصدر دبلوماسي بالخارجية الروسية ترحيب موسكو بالبيانات الصادرة عن المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق ومجلس النواب فى ليبيا بوقف إطلاق النار ووقف العمليات العسكرية في كافة الأراضي الليبية.
وقال المصدر لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "نحن دائما نرحب بمثل هذه التصريحات، وقد سبق ذكر ذلك في القاهرة، ثم أعلنا رسمياً أننا ندعم إعلان القاهرة".
وأضاف: "نحن أنفسنا نقترح الوقف الفوري لإطلاق النار طوال الوقت"
وكذا رحبت كندا والسفارة الأمريكية في ليبيا بالبيانات المتعلقة بوقف إطلاق النار، واعتبرتها خطوة مهمة لجميع الليبيين.
وفي سياق متصل، أكدت ألمانيا على ضرورة الالتزام بالهدنة في ليبيا بعد الإعلان عنها بصورة فورية من جانب طرفي الصراع اليوم.
وقالت متحدثة باسم الخارجية الألمانية، في بيان: "نأمل وننتظر أن تتمكن جميع الأطراف الليبية الآن من التوافق بشأن هذه الخطوة البناءة وأن تتم مواصلة السير على الطريق البناء ما أمكن".
وأضافت أنه "بعد كل ما سمعناه في هذه اللحظات يمكن أن تكون هذه خطوة هامة نحو تحقيق السلم ومواصلة حل الصراع الليبي أيضا في ضوء اتفاق برلين".
الإرادة العربية لحل الأزمة
اعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تأتي انتصارا للإرادة العربية ولسياسة الردع العربي التي اتبعتها القاهرة للحيلولة دون التوسع العسكري التركي والقطري في الأراضي الليبية.
تلك السياسة تمثلت بإعلان القاهرة في يونيو الماضي استعدادها للتدخل العسكري في ليبيا لحماية أمنها القومي المحددان بخط سرت-الجفرة والاستجابة لمطالب القبائل الليبية والمؤسسات الشرعية الليبية المتمثلة في الجيش الوطني الليبي والبرلمان المنتخب.
ويرى محللون أن الملمح الإيجابي الرئيسي في خطوة الجمعة هو عودة الحديث الليبي-الليبي مرة أخرى على خلفية مخرجات برلين، وذلك بعد انفراد تركيا لفترة طويلة بالتحدث كطرف في المباحثات الليبية.
وقال مصدر عسكري، فضل عدم نشر اسمه، أن "الخطوة إيجابية لكنها تبقى مرهونة بقدرة القوى الدولية على إيجاد آلية سريعة لإلزام القوات التركية على الخروج من ليبيا وإنهاء التدخل القطري، إضافة إلى إخراج المرتزقة وتفكيك المليشيات ونزع سلاحها".
واعتبر خالد الترجمان، رئيس مجموعة العمل الوطني الليبي، أن تطور اليوم جاء بجهود واشنطن.
ورأى الترجمان في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن "جهود واشنطن تشير لرغبتها في إنهاء الأزمة وهو ما اعتبره ملمحا إيجابيا سيساهم في الحل".
الدعم والالتزام الجدي
بدوره، قال الدكتور عبدالمنعم الحر رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا أن الالتزام الجدي بوقف إطلاق النار يشكل مقدمة جوهرية لإجراء حوار سياسي جاد.
وأضاف الحر في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن هذا الحوار الذي يضم مختلف الأطراف الليبية سيقود لإنهاء حالة الانقسام، واستئناف المسار الانتقالي لعرض مسودة الدستور على الاستفتاء الشعبي وإجراء الانتخابات الرئاسية و البرلمانية.
ودعا الحر بعثة الأمم المتحدة وبعثة جامعة الدول العربية للعمل معاً على رعاية التفاهمات السياسية لانتشال البلاد من أجواء الفوضى التي تُعمق من مأزق الانقسام الذي ترتبط أبعاده السياسية بالانتماءات القبلية والمناطقية.
وأكد الحر استعداد المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا (رئاسته) للعمل على توفير كافة أشكال الدعم التقني لإنجاح مسار توافق وطني يضمن الإسراع بوضع وإقرار الدستور وإجراء الانتخابات لاستكمال بناء نظام سياسي قادر ومستقر.
aXA6IDMuMTQ0LjQyLjE3NCA= جزيرة ام اند امز