نزيف اليمين المتطرف سياسيا.. هل تنجو ألمانيا من الطوفان؟
على عكس فرنسا وهولندا والنمسا، ينزف اليمين المتطرف سياسيا في ألمانيا منذ بداية العام، وتلقى ضربة كبيرة بعدما كان يمني النفس بالحكم.
ووضعت فضائح تجسس حزب البديل من أجل ألمانيا "يمين متطرف"، تحت الضغط خلال الوقت الحالي، بعد أن كان يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي ويراكم الشعبية بشكل متزايد في بداية العام الجاري.
ويعتقد المحققون أن جيان قوه (43 عامًا)، وهو موظف لدى المرشح الرئيسي لحزب البديل لأجل ألمانيا في انتخابات البرلمان الأوروبي، ماكسيميليان كراه (47 عامًا)، تجسس لصالح المخابرات الصينية.
كما يُشتبه في تلقي النائب بيتر بيسترون (51 عامًا) أموالًا من شبكة تابعة للكرملين.
ومنذ بداية العام، فقد حزب البديل لأجل ألمانيا خمس نقاط في استطلاعات الرأي الرئيسية، حيث انخفضت نسبته من 23 إلى 18 في المائة، وسط توقعات بأن يستمر الاتجاه بالهبوط الحاد في الفترة المقبلة.
إذ يتوقع رئيس معهد إنسا لقياس اتجاهات الرأي العام، هيرمان بينكرت، أن تكلف قضايا التجسس، حزب البديل من أجل ألمانيا، الكثير من أصوات الناخبين، قائلاً: ”يحب حزب البديل لأجل ألمانيا اتهام السياسيين من الأحزاب الأخرى بخيانة المصالح الألمانية. وبالتالي فإن الاشتباه في أن ممثليه المنتخبين يعملون لصالح جهات أجنبية، يعد ضربة قاصمة".
لكن قضايا التجسس هي أحدث المشاكل التي يواجهها الحزب المتطرف، كما يقول بينكرت، قبل أن يوضح "يرجع التراجع في حزب البديل من أجل ألمانيا منذ بداية العام إلى حد كبير إلى تشكيل السياسية (المتهمة بموالاة روسيا) ساهرا فاغنكنشت تحالفا سياسيا جديدا اقتنص مؤيدين من حزب البديل".
وتابع "كما أن ملف الاقتصاد أصبح ذا أهمية متزايدة في تحديد اتجاهات تصويت الناخبين، وهو نقطة ضعف في برنامج البديل لأجل ألمانيا".
كما أن الحزب يضعف في الولايات الفيدرالية، خاصة تورينغن وساكسونيا وبراندنبورغ التي تشهد انتخابات محلية خلال العام الجاري، إذ يقول بينكرت في تصريحات لصحيفة بيلد الألمانية: ”أصبح تحقيق حزب البديل لأجل ألمانيا الأغلبية البرلمانية في ولايات شرق البلاد أقل احتمالًا“.
قبل أن يستدرك "ولكن، لدى حزب البديل لأجل ألمانيا قاعدة انتخابية أساسية مستقرة لا تزال موالية له على الرغم من كل الانتقادات. بل أن الانتقادات سوف تحشد بعضًا من هذه القاعدة الانتخابية".
فيما يعتقد ماتياس يونغ، كبير مستطلعي الرأي في مجموعة أبحاث الانتخابات، "من الممكن أن يتعافى الحزب من خسائره"، موضحا ”المزاج العام عرضة لتقلبات قوية خاصة في ظل السخط من أداء الحكومة، ويمكن لحزب البديل لأجل ألمانيا الاستفادة من ذلك“.
وتابع ”كلما كان الناخبون أكثر أيديولوجية وراديكالية، كلما كان رد فعلهم على الاتهامات (التجسس) والمعلومات من خارج الحزب أقل. وينطبق هذا على حزب البديل لأجل ألمانيا بطريقة مماثلة لدونالد ترامب، الذي دفعت الاتهامات الموجهة له، البعض للتضامن معه“.
وأضاف "قاعدة الحزب لا تزال تقف خلفه، لكن بعض المعتدلين الذي صوتوا له في استطلاعات الرأي قبل أشهر، ينشقون باتجاه تحالف ساهرا فاغنكنشت".
بدوره، يرى الخبير السياسي مانفريد جولنر، "مستقبلًا مظلمًا لحزب البديل من أجل ألمانيا؛ خاصة بعد توقف صعود الحزب في الولايات الشرقية".
وأضاف "الاتهامات بالتجسس والفساد تضر بسمعة الحزب، حتى بين الناخبين الأساسيين؛ وهؤلاء الناخبون يتجهون إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي والأحزاب الأخرى“.
ومضى قائلا "قاعدة ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا آخذة في التآكل، والاحتجاجات التي خرجت مؤخرا ضد تسريبات من سياسات الحزب في ملف الهجرة متعلقة بالترحيل، كلفت البديل لأجل ألمانيا، خسارة الناخبين المعتدلين على وجه الخصوص".
جولنر قال "لا يمكن للحزب الذي يزداد تطرفًا أو أن يعتمد على نواة صلبة من الناخبين اليمينيين المتطرفين فقط، فهذه الكتلة فقط ستحصر أصوات الحزب عند حدود 10% فقط"
ووفق مراقبين، فإن تراجع اليمين المتطرف في ألمانيا، يعد اتجاها متناقضا مع مكاسب التيار في دول أخرى، فحزب الحرية اليميني المتطرف يتجه للفوز بالانتخابات العامة في النمسا في الخريف المقبل، ويتجهز اليمين المتطرف للقفز على السلطة في فرنسا بعد نهاية ولاية إيمانويل ماكرون، فيما فاز بالفعل بالانتخابات في هولندا.