مفاوضات مرتقبة بجدة.. 3 عوامل لإنعاش «فرص السلام» بالسودان
جولة جديدة مرتقبة من مفاوضات جدة بشأن السودان لإسكات البنادق ودفع الأطراف المختلفة إلى طاولة التفاوض والحل السياسي بعد أكثر من عام على الحرب التي فاقمت الأزمات الإنسانية والغذائية والاقتصادية.
ومنتصف الشهر الجاري، كشفت وزارة الخارجية الأمريكية عن أن السعودية ستستضيف "خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة" مفاوضات جديدة لوضع حد للحرب، فيما لم تعلن الرياض عن موعد رسمي حتى الآن.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا مروعة، خلفت نحو 15 ألف قتيل ونحو 8.5 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة، فضلا عن دمار هائل بالبنى التحتية.
محاولة جديدة ربط محللون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" نجاحها بمدى توفر الإرادة السياسية لطرفي النزاع وكذلك زيادة الضغوط الإقليمية والدولية لإنهاء الأزمة خشية تعقيدات الأوضاع المتأزمة.
وتزايدت دعوات أممية ودولية إلى تجنيب السودان كارثة إنسانية قد تدفع الملايين إلى المجاعة والموت؛ جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 12 ولاية من أصل 18 في البلاد.
الإرادة السياسية
وعن جولة المفاوضات المرتقبة، قال الكاتب والمحلل السياسي، الطاهر أبوبكر، إن نجاحها مرتبط بتوفر الإرادة السياسية لطرفي النزاع لوقف الحرب، وفتح المسارات الإنسانية لتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، أوضح أبوبكر أن "نجاح الجولة الجديدة يرتبط أيضا بالضغط الإقليمي والدولي، خاصة أن الجولات السابقة، أخفقت في وقف القتل وحماية المدنيين من العنف والدمار".
استراتيجية جديدة
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي، عباس عبدالرحمن، لـ"العين الإخبارية"، إن "الدول المؤثرة بوسعها ممارسة المزيد من الضغط على طرفي النزاع لوقف القتال والعودة إلى طاولة التفاوض بحسن نية للوصول إلى سلام حقيقي في البلاد".
ووفق عبدالرحمن، فإن "الجولة الجديدة من التفاوض، تحتاج إلى (استراتيجية جديدة)، من أجل الوصول إلى سلام يوقف العنف وموجة النزوح واللجوء في البلاد التي أصبحت على شفير الهاوية".
ودعا المحلل السياسي المحيطين الإقليمي والدولي إلى "ممارسة الضغوط اللازمة على طرفي الصراع من أجل إلقاء السلاح والتفاوض بصورة جادة".
ضغوط دولية
وفي خطابه بمناسبة مرور عام على اندلاع النزاع في السودان، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن: "سنعزز الجهود الرامية إلى محاسبة مرتكبي جرائم الحرب وغيرها من الفظائع من قبل الطرفين، بما في ذلك تعزيز العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الأفراد والمؤسسات والكيانات الأخرى المسؤولة عن الانتهاكات وتأجيج الصراع".
كما أعلن الوزير الأمريكي، التواصل مع الشركاء الرئيسيين وخاصة الأفارقة والدول الإقليمية للضغط على الأطراف المتحاربة لإلقاء أسلحتها واستئناف محادثات السلام لأن المزيد من القتال لا يمكن أن ينهي هذا النزاع ولن ينهيه.
كما قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، في تغريدة عبر منصة (X): "في الذكرى السنوية الأولى للنزاع في السودان، لا يمكننا تجاهل أهوال هذه الحرب. رسالة بلينكن واضحة. الآن هو وقت العمل لمعالجة الأزمة الإنسانية، وإنهاء النزاع، وإعادة السودان إلى مسار حكومة ديمقراطية مدنية".
وفي 26 فبراير/شباط الماضي أعلنت الخارجية الأمريكية تعيين بيرييلو؛ مبعوثا خاصا للسودان، بهدف "تعزيز الجهود الرامية إلى إنهاء الأعمال العدائية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق ودعم الشعب السوداني".
مفاوضات جدة
وسبق أن استضافت مدينة جدة محادثات برعاية سعودية أمريكية، في 11 مايو/أيار 2023، أسفرت عن أول اتفاق بين طرفي الحرب على الالتزام بحماية المدنيين.
وأفلح منبر جدة في إعلان أكثر من هدنة، تخللتها خروقات عديدة وتبادل للاتهامات؛ ما دفع الرياض وواشنطن إلى تعليق المفاوضات في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وفي 8 مارس/آذار الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف إطلاق النار في السودان خلال شهر رمضان، في مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وأيدته 14 دولة وامتنعت روسيا عن التصويت عليه، حيث دعا القرار "كافة أطراف النزاع للسعي إلى حل مستدام للنزاع عبر الحوار".
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
وأودت هذه الاشتباكات التي باتت تغطي مساحات واسعة من البلاد، إلى مقتل آلاف الأشخاص، من بينهم نحو 10 في مدينة واحدة في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق الأمم المتحدة.
ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء؛ وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا.