بكاء بعد الإجلاء.. كيف يعيش الأطفال الأفغان في أمريكا؟
قبل أربعة أشهر تشبث أطفال وشباب بالرحلات الأخيرة المغادرة لمطار كابول بحثا عن فرص للنجاة بأرواحهم من مستقبل غامض في أفغانستان.
على الأراضي الأمريكية تجلس طفلة بعمر 8 سنوات تبكي كل ليلة بعدما تضعها خالتها في الفراش، وشاب بعمر 17 عاما يستيقظ وهو متمسك بوسادته ويردد اسم شقيقه الأصغر.
ويسأل مئات من الأطفال الذين يبقون قيد حجز الحكومة الأمريكية أسئلة لا يعلم أحد كيف يجيب عنها؟.. إنهم من بين حوالي 1450 طفلا أفغانيا تم إجلاؤهم إلى الولايات المتحدة بدون آبائهم منذ أغسطس/آب.
وبعد نحو 4 أشهر على وصولهم، لم يتضح متى أو كيف أو حتى إذا ستتمكن بعض من عائلاتهم من الاجتماع بهم مجددا؟ بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
ويكشف الرقم الضخم، الذي أوردته وكالة "رويترز" أولًا وتم تحديثه خلال إحصائية لاحقة لشبكة "سي إن إن" من مكتب إعادة توطين اللاجئين، الواقع المأساوي لعمليات الإجلاء وتبعاتها.
وقالت الدكتورة سابرينا بيرينا، طبيبة أطفال أفغانية أمريكية تعيش في كاليفورنيا وكانت تأمل أن تصبح والدة بالتبني من أجل المساعدة: "صادمة.. فكرة أن أكثر من ألف طفل بدون عائلاتهم الآن، وأنهم على الأرجح يشعرون بالوحدة والخوف".
حاول كثير من الأطفال الفرار من أفغانستان بصحبة عائلاتهم، لكنهم انفصلوا عن بعضهم البعض خلال الفوضى، بحسب حقوقيين.
وبعض هؤلاء الأطفال فقدوا التواصل مع آبائهم خلال التفجير الذي وقع بمطار حامد كرزاي الدولي، ولم ينج بعض الآباء من الهجوم الإرهابي.
ويقول مسؤولون إن غالبية الأطفال -1450 طفلا- الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة بدون آبائهم تم إرسالهم بسرعة ليعيشوا مع أوصياء، بمن في ذلك أفراد آخرون من الأسرة هربوا معهم أو أقارب كانوا يعيشون بالفعل في الولايات المتحدة.
وتم لم شمل البعض مع العائلة من خلال عملية التدقيق السريعة التي أعدتها إدارة الرئيس جو بايدن من أجل الأطفال الأفغان.
لكن يظل حوالي 250 طفلًا قيد حجز الحكومة الأمريكية، بحسب الإحصائيات التي قدمها مكتب إعادة توطين اللاجئين مؤخرًا لـ"سي إن إن".
هنا يقول حقوقيون إن معظم هؤلاء الأطفال ليست لديهم أسر ليجتمعوا بهم في الولايات المتحدة.
وقالت العائلات والنشطاء الذين تحدثوا مع "سي إن إن" إن الأطفال، الذين يعانون صدمة نتيجة ما مروا به بالفعل في أفغانستان، يعيشون الآن حالة عدم يقين ويتلهفون للحصول على إجابات عما يحدث لاحقا.
طوق نجاة
يجلس مراهقان على الأريكة بغرفة معيشة في شمالي فيرجينيا، ويبدوان ضائعين. لم يكن من المفترض أن يأتي رامين (17 عاما)، وامال (16 عاما) إلى الولايات المتحدة بدون والديهما.
كان الصديقان المقربان، الذين ذكرت "سي إن إن" اسمهما الأولين فقط حفاظا على سلامة عائلتيهما، جيرانا في كابول.
حاولا الهرب معا من البلاد مع عائلتيهما في أغسطس/آب، لكن انفصلوا عن بعضهم البعض خلال هجوم المطار، ونجح فقط الصبيان وأحد أعمامهما في الوصول، أما والديهما وأشقاؤهما ظلوا بالبلاد.
عندما وصل رامين إلى الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول كان مذعورا، بحسب ما قالته ويدا أمير، عضو مجلس إدارة المؤسسة الأفغانية الأمريكية التي التقت به عندما كانت تساعد في أعمال الترجمة للأشخاص الذين تم إجلاؤهم.
وغمرت رامين مشاعر الخوف على والديه وأشقائه. وفي كابول، كان مقربا من شقيقه الأصغر ذي الـ18 شهرا، كانا يمضيان اليوم بأكمله تقريبا معا، ولم يستطع تخيل أن يعيشا بعيدين عن بعضهما.
وذات ليلة، في مأوى بفيرجينيا، استيقظ رامين وهو متمسك بوسادته مثل الطفل الصغير ويردد اسم شقيقه.
وبعد قضاء أكثر من شهر بالمأوى، يعيش الصبيان الآن مع عم امال وعائلته، التي جاءت إلى الولايات المتحدة قبل خمسة أعوام بتأشيرة هجرة خاصة للعمل مع منظمة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في أفغانستان.
وبدأ المراهقان الذهاب إلى المدرسة الثانوية، ويقولان إنهما يحاولان التركيز على بناء حياة جديدة في الولايات المتحدة، وأنهما يشعران بالامتنان على فرصة الحياة في سلام، لكن كان التكيف صعبا وهما يعلمان أن عائلاتيهما في أفغانستان لا تزالان تواجهان الخطر.
ويتحدث المراهقان مع عائلاتهما يوميا، وكانت مكالمات الفيديو الأولى بينهم صعبة.
وقال امال على لسان المترجم: "بكى الجميع. نظرنا إلى بعضنا بعضا فقط. كان من الصعب إجراء محادثة"، لكنه يقول الآن إن تلك المكالمات هي ما تساعده على الصمود.
وأضاف: "إذا لم أحادثهم أو أرى وجههم، لا أستطيع النوم".
ويريد المراهقان الاجتماع بآبائهما وأشقائهما في الولايات المتحدة، لكن لا أحد يعلم كيف يحدث ذلك؟
aXA6IDMuMTQxLjMyLjUzIA==
جزيرة ام اند امز