اللاجئون الأفغان.. قنبلة في وجه ماكرون قبل انتخابات الرئاسة
يحتدم الجدل في فرنسا حول مصير اللاجئين الأفغان بين أصوات معارضة بشدة، وحكومة في موقع دفاعي.
تلك المناكفات حذر خبراء من خطورتها على الرئيس إيمانويل ماكرون قبل بضعة أشهر من الانتخابات الرئاسية.
وبعد أيام على سيطرة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، توجه ماكرون بكلمة إلى الفرنسيين مساء الإثنين، في بداية أسبوع من البلبلة لحكومة مضطرة إلى تنظيم عملية إجلاء رعاياها، والرد بشكل سريع على الاتهامات بعدم بذل جهود كافية لحماية الأفغان الساعين للفرار من النظام الجديد.
وما أشعل السجال جملة أدلى بها ماكرون إذ قال "علينا أن نستبق الأمور ونحمي أنفسنا من موجات هجرة كبرى غير نظامية"، بعدما أكد أن باريس ستتحمل قسطها من المسؤولية بالكامل "لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر".
وسارع اليسار إلى اتهام ماكرون بالسعي لكسب تأييد ناخبي اليمين واليمين المتطرف، الذين يدعوان إلى "أشدّ الحزم" في مواجهة "موجة الهجرة" المقبلة.
وأثارت الانتقادات استياء الرئيس فدعا في اليوم التالي "كل الذين يقضون أيامهم في إصدار تعليقات" إلى تخصيص "11 دقيقة من وقتهم للاستماع إلى ما قلته".
بدوره، أبدى وزير الخارجية جان إيف لودريان، الأربعاء، استياءه بعدما نعته المعارضة بـ"الساذج" لمطالبته حركة طالبان بتشكيل حكومة جامعة.
ورأى الخبير السياسي باسكال بيرينو أن هذا التوتر يعكس "سياسة انفعال" على وقع مشاهد اليأس في مطار كابول التي تبثها الشبكات التلفزيونية بشكل متواصل.
وأثارت مسألة استقبال اللاجئين الأفغان سجالا في الدول الأوروبية المجاورة أيضا، خصوصا في ألمانيا حيث أدى قرار المستشارة أنجيلا ميركل فتح أبواب البلاد أمام المهاجرين السوريين عام 2015 إلى زعزعة معسكرها.
وأوضح بيرينو أنه في فرنسا ثمة "على الدوام ظل التجمع الوطني (يمين متطرف) الذي يخيم على هذا النقاش".
انقسام فرنسا
ورأى رئيس معهد "بولينغ فوكس" للدراسات جيروم سانت ماري أن الجدل حول الهجرة "مدفوع إلى حدّ الهستيريا"، موضحا "لديكم المعارضون للهجرة الذين يعتبرون المؤيدين لها خونة أو سذّجا، ولديكم المؤيدون للهجرة الذي ينعتون كل من يريد ضبط حركة الهجرة بأنه عديم الإحساس".
وتعتبر السلطة التنفيذية الانتقادات "غير عادلة"، وأكدت الرئاسة الثلاثاء "أننا إحدى الدول التي تستضيف أكبر عدد من الأفغان".
ويستقبل ماكرون منذ ذلك الحين وصول كل طائرة تحمل لاجئين إلى باريس برسالة ترحيب على شبكات التواصل الاجتماعي.
على أرض الواقع، هناك غالبية تدعو إلى موقف متوازن إنساني ومسؤول في آن واحد، موقف وسط بين "الذين يريدون استقبال الجميع، وهو ما ليس بمستوى قدراتنا" و"الذين لا يريدون استقبال أي كان، وهو ما ليس بمستوى قيمنا"، على قول حزب "موديم" (الحركة الديمقراطية-يمين وسط).
لكن فيليب مورو شوفروليه، أستاذ الإعلام السياسي في معهد العلوم السياسية في باريس، رأى أن "هذه حدود نهج في الوقت نفسه" الذي يعتمده ماكرون.
وقال الخبير إن "مسألة تحديد موقعه إلى اليمين أو إلى اليسار مسألة أليمة، فكلما اتخذ موقفا باتجاه أو بآخر، يثير استياء البعض أو مخاوف البعض ويتسبب بتوتر"، معتبرا أن ماكرون أخفق في خطابه، إذ إن "كل ما نذكر منه" هو كلامه على موجات الهجرة.
وقال باسكال بيرينو "نرى حدودا من اليمين ومن اليسار في آن واحد، إنما كذلك حدود رئيس ومرشح في آن واحد".
وإن كان ماكرون لم يعلن بعد ترشحه لولاية ثانية، إلا أن خوضه انتخابات أبريل/نيسان 2022 يبدو أمرا مؤكدا بحسب الرأي السائد.
والرئيس الآتي أساسا من حكومة اشتراكية، متهم بالجنوح إلى اليمين سعيا لانتزاع أصوات ناخبيه.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDIuNDgg جزيرة ام اند امز