سلاح أمريكا وكنز معلومات.. "غنيمة" طالبان تنعش شبح الإرهاب
أسلحة أمريكية ينتهي بها المطاف إلى طالبان التي استولت على "تركة" الحكومة الأفغانية، وسط مخاوف من ظهور سوق إقليمية تنعش الإرهاب.
مخاوف تدخل على خط التطورات في بلد كانت الولايات المتحدة الأمريكية تدعم قواته بالتدريب والعتاد، خصوصا في ظل تقارير تشير إلى أن طالبان غنمت ما قيمته مليارات الدولارات من الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية، وذلك عقب فرض سيطرتها على العاصمة كابول ومعظم أنحاء أفغانستان.
ومع أن المسؤولين الأمريكيين لا يستطيعون حتى الآن تقدير حجم المعدات التي استولت عليها الحركة، لكن المؤكد أن كل ما تركته واشنطن للقوات الأفغانية قبل انسحابها سيؤول إليها إن عاجلا أم آجلا، ما يصب في المخاوف ذاتها من ظهور سوق إقليمية للأسلحة قد تصبح بدورها مصدرا لتزويد الجماعات الإرهابية.
أسلحة ومعدات عسكرية ومدرعات وشاحنات وطائرات قتالية وأخرى بدون طيار.. ترسانة قادرة على تعزيز تسليح الحركة من جهة، وخلق سوق من جهة أخرى لدعم مصادر تمويلها، وفي الحالتين، يطل شبح انتعاش القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى بقوة.
تقارير إعلامية نقلت عن نيلز دوكيه، المدير المؤقت لمعهد السلام الفلمنكي، قوله إن "ما نراه الآن هو أن هذه الأسلحة التي انتهى بها المطاف في أيدي طالبان، من المحتمل أن تنتشر في المنطقة لعقود عديدة قادمة. في الوقت الحالي، هم فعالون للغاية (خطيرون) فإذا كنت تريد السيطرة على الأرض، فأنت بحاجة إلى أسلحة صغيرة".
من جانبه، قال كولين كلارك، مدير السياسات والبحوث في مجموعة صوفان للاستشارات الأمنية والاستخباراتية بالولايات المتحدة: "لدي ثقة كاملة في أن بعض هذه المعدات سينتهي بها المطاف في أيدي القاعدة والجهات الفاعلة السيئة الأخرى، فهذا أمر لا مفر منه. لن ينتهي هذا مع طالبان فقط".
خطر إقليمي
أفغانستان الغارقة في الحروب والويلات منذ عقود لن تكون وحدها المتضررة من وقوع السلاح الأمريكي تحت سيطرة طالبان، بل يحذر محللون من أن الأمر يمثل أيضا خطرا أمنيا على البلدان المحيطة بأفغانستان، لأنه يمكن بيع الأسلحة بسهولة لمليشيات داخل البلاد وفي أماكن مثل باكستان.
فما يحدث في مثل هذه المواقف هو أن سماسرة السلاح سيعرفون عن أنفسهم ويعرضون نقودا أو سلعا ثمينة مقابل تلك الأنواع من الأسلحة، وهذا ما سينعش هذه التجارة ويقدم بالتالي للتنظيمات الإرهابية صفقات مغرية لتعزيز عتادها وإعادة ترتيب صفوفها.
ومنذ 2003، دعمت واشنطن القوات الأفغانية بما لا يقل عن 100 ألف قطعة سلاح خفيف، مثل "M-16" و"M-4"، بالإضافة إلى 76 ألف مركبة، و16 ألف جهاز رؤية ليلية، و162 ألف جهاز اتصال لاسلكي.
وبين عامي 2017 و2019، شحنت الولايات المتحدة إلى أفغانستان 4700 عربة "همفي" أخرى و20 ألف قنبلة يدوية وآلاف الذخائر الصغيرة وقاذفات القنابل اليدوية، بحسب تقارير سابقة.
لكن ما يقلل من المخاوف على المدى المتوسط، هو أن الأسلحة الأمريكية قد تفقد فاعليتها حين تنتهي صلاحيتها أو تبقى دون صيانة أو قطع غيار، ما يدفع واشنطن للسعي جاهدة لجرد جميع المعدات التي تخلى عنها الجيش الأفغاني لدى انسحابه، كما تعمل على تقدير ما إذا كانت صالحة للاستخدام عند استيلاء طالبان عليها.
أمر آخر قد يقلص منسوب المخاوف، حيث يستبعد محللون أن تكون طالبان قادرة على تشغيل أي من الطائرات التي استولت عليها، نظرا لما تتطلبه من إصلاحات معقدة، في طرح يظل محتملا وإن يخشى البعض أن تفاجئ الحركة العالم بقدرات أعلى من المتوقع في هذا المجال، استنادا إلى خبرتها الطويلة في قتال القوات الأمريكية في أفغانستان.
كنز معلوماتي
ولم تكتف طالبان بالأسلحة، بل صادرت أجهزة قياس بيومترية عسكرية أمريكية يمكن أن تساعد في تحديد هوية آلاف الأفغان من الذين ساعدوا القوات الأمريكية أو التحالف.
ووقعت أجهزة "HIIDE" المتطورة التي تكشف الهوية بين أيدي عناصر الحركة، الأسبوع الماضي، وفقًا لما أكد مسؤول في قيادة العمليات الخاصة المشتركة وثلاثة أفراد عسكريين أميركيين سابقين، لموقع The Intercept.
وأجهزة HIIDE تحتوي على بيانات تحديد الهوية مثل مسح قزحية العين وبصمات الأصابع، بالإضافة إلى معلومات عن السير الذاتية.
وغالبا ما تستعمل كوسيلة لتعقب الإرهابيين، إلا أنها استعملت أيضا ضمن البيانات البيومترية لأفغان ساعدوا الولايات المتحدة على نطاق واسع، واستخدمت في استصدار بطاقات هوية.