تغير المناخ.. الأزمة تحمل السلاح على الحدود الأفغانية الإيرانية
يخشى الباحثون أن يؤدي تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة إلى اشتعال الصراع على المياه على الحدود الأفغانية الإيرانية.
وأشارت مجلة ساينس الأمريكية إلى أن الجفاف الذي تعاني منه المنطقة تسبب في تصاعد التوترات بشأن المياه بين إيران وأفغانستان، حيث اتهمت إيران قادة طالبان بانتهاك اتفاق قائم منذ فترة طويلة لتقاسم المياه من نهر هلمند الذي يتدفق من أفغانستان إلى إيران.
وذكرت تقارير في أواخر مايو/ أيار، أن الاشتباكات بالقرب من النهر أدت إلى مقتل اثنين على الأقل من قوات حرس الحدود الإيراني وأحد جنود طالبان.
ويتوقع الباحثون أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الصراع. وقد خلصت دراسة حديثة إلى أن متوسط درجات الحرارة في أفغانستان ارتفع بما يتراوح بين 0.6 درجة مئوية و1.8 درجة مئوية منذ عام 1950. وأن المنطقة التي شهدت أعلى تغير في درجات الحرارة هي المنطقة التي وقع فيها الصراع.
وخلص تقرير صدر مؤخرا إلى أن الارتفاع في درجات الحرارة والتحولات في هطول الأمطار وارتفاع عدد السكان والتوسع الزراعي وعدم الاستقرار السياسي، عوامل أدت لمزيد من الضغوط على إمدادات المياه في حوض نهر هلمند، الذي يغطي احتياجات حوالي 40 بالمائة من سكان أفغانستان.
وتظهر صور الأقمار الصناعية، نشرتها منظمة علوم الأرض انخفاض مستويات المياه الجوفية بمعدل 2.6 متر، في الفترة من عام 2003 إلى عام 2021، نتيجة للجفاف والضخ وتحويل المياه.
ووفقا للبيانات التي نشرت العام الماضي في مجلة علوم البيئة، تقلصت بحيرات هامون على طول الحدود بأكثر من 90 في المئة، منذ عام 1999، فيما تراجع حجم مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران بأكثر من النصف على مدى العقود الماضية، نتيجة لبناء سدود جديدة والتوسع في الزراعة المروية في أفغانستان.
وأفادت شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة بأن حجم الثلوج السنوي في أفغانستان كان أقل من المتوسط، مما أثر على كمية المياه الناتجة عن ذوبان الجليد. وسجل عام 2021 أكبر انخفاض في الثلوج في جبال هندو كوش الوسطى، حيث تنبع جميع الأنهار الرئيسية في أفغانستان، بما في ذلك هلمند.
وأدى كل هذا إلى تفاقم التوتر القائم منذ فترة طويلة بشأن معاهدة عام 1973 بين أفغانستان وإيران التي تضمن لإيران حصة من مياه هلمند.
وزعمت الحكومة الإيرانية هذا العام أنها تلقت أقل من 4 بالمائة من حصتها الموعودة، لكن طالبان ألقت بدورها باللوم على الجفاف في الحد من تدفق المياه.
ويقول نجيب الله سديد، أخصائي المياه الأفغاني في جامعة شتوتغارت الألمانية: "إذا نظرت إلى تاريخ النزاعات بين إيران وأفغانستان، بدءا من 1872 و1898 و1902 و1935، ستجد أنها تتزامن جميعا مع سنوات الجفاف في المنطقة".
ويخشى الباحث وآخرون غيره من أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة المناخ وعدم الاستقرار السياسي إلى تأجيج صراعات أكثر شدة.
وتقول المجلة إن أحد العوامل التي تغذي انعدام الثقة بين البلدين هو الافتقار إلى وجود بيانات مراقبة قوية، إذ جرى تدمير إحدى محطات القياس الرئيسية على طول منطقة هلمند في أفغانستان خلال سنوات الصراع في البلاد... مما جعل من الصعب تقدير تدفق المياه".
وفي عام 2021، اكتسبت أفغانستان سيطرة أكبر على تدفق النهر مع الانتهاء من تشييد سد كمال خان، مما أدى إلى إنشاء خزان ليس بعيدا عن الحدود الإيرانية يمكنه تخزين حوالي 52 مليون متر مكعب من المياه.
وتتهم إيران طالبان بحجب المياه خلف السد بطرق تنتهك معاهدة تقاسم المياه. وفي يونيو/حزيران الماضي، قال مسؤولون إيرانيون إن طالبان وافقت على طلب "فريق فني" إيراني لزيارة السد لقياس منسوب المياه.
وفي أواخر الشهر الماضي، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إنها توصلت إلى "اتفاق مبدئي" مع طالبان بشأن تقاسم المياه، لكنها لم تنشر تفاصيل.
وعلى المدى الطويل، يرى الباحثون أن تحديث أنظمة الري وتطبيق تقنيات جديدة سوف يساعد البلدين في توفير المياه وتوزيعها في اتجاه مجرى النهر".