فرار الكوماندوز الأفغاني لإيران.. مخاوف أمريكية من "حساسية المعلومات"
تخوفات أمريكية من تداعيات فرار آلاف من أفراد الجيش الأفغاني من بينهم عدد من نخبة الكوماندوز الذين دربتهم الولايات المتحدة إلى إيران.
وتخشى الولايات المتحدة من سقوط أسرار متكتم عليها عن المشغلين الخاصين الأمريكيين بأيدي خصم كبير في الشرق الأوسط، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وتعتبر أزمة الكوماندوز الذين أجبروا على الفرار إلى إيران أحد عدة أمور أزيح عنها الستار في تحقيق للكونجرس أجراه مشرع جمهوري بارز بشأن الأيام الأخيرة للحرب في أفغانستان والانسحاب الأمريكي الفوضوي من كابول مع سيطرة حركة طالبان على البلاد منذ حوالي عام.
وقال تقرير النائب مايكل ماكول، الجمهوري البارز بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إن وزارة الخارجية الأمريكية كانت غير مستعدة للانهيار السريع للحكومة الأفغانية في أغسطس/آب عام 2021 وطريقتها كانت غير مناسبة في المساعدة بإدارة عمليات الإجلاء الجوية الضخمة في الفوضى التي تلت ذلك.
وقال ماكول خلال حوار: "اليوم، لا نزال نترنح من الضرر الذي أحدثناه أغسطس/آب الماضي، بما في ذلك تشجيع وتمكين الخصوم الأجانب".
وخلال الأيام الأخيرة للانسحاب، أجرت الولايات المتحدة إجلاء جويا ضخما لما يقارب من 130 ألف شخص، في أكثر عملية مماثلة في تاريخ الولايات المتحدة.
ومع ذلك ترك عشرات آلاف الأفغان، الذين قدموا المساعدة في جهود الحرب الأمريكية التي استمرت عقدين، في أفغانستان جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة الأفغانية التي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية وعدد صغير من المواطنين الأمريكيين ومقيمين دائمين.
وتصر إدارة الرئيس جو بايدن على أنها تعمل على إخراج أكبر عدد ممكن من الناس، مع عدم وجود تاريخ انتهاء للجهود الأمريكية. أما عملية استخراج التأشيرات للأفغان الذين يسعون للهرب من حكم طالبان، وتعرف باسم تأشيرة الهجرة الخاصة، فغارقة في الإجراءات الروتينية والأعمال المتأخرة البيروقراطية، رغم أن مسؤولي الإدارة يصرون على أنهم يعملون على تيسير العملية، وفق المجلة الأمريكية.
وطبقًا لتقرير ماكول الجديد، المكون من أكثر من 120 صفحة، والذي سينشر، الثلاثاء، أجبر ما يقدر بـ3 آلاف من عناصر الأمن الأفغانية، بينهم عدد من كبار الضباط والمشغلين الخاصين الأفغان الذين دربتهم الولايات المتحدة، على الفرار إلى إيران.
لكن خلص التقرير إلى أنه في الجهود الأمريكية المستمرة لإجلاء الأفغان الذين عاونوا الحكومة الأمريكية بسلام، "لم يتم منح وضع الأولوية الخاصة لأي فرد عسكري أفغاني سابق بالرغم من المخاطر الأمنية التي أوضحتها وزارة الخارجية في إدارة بايدن".
وأكد أربعة مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين تفاصيل تقرير ماكول بشأن المشغلين الخاصين الأفغان.
واتفقوا مع نتائج التقرير، الذي حذر من أنه من الممكن أن المشغلين الخاصين الأفغان الذين فروا إلى إيران قد ينقلوا معرفتهم بمعلومات عسكرية أمريكية حساسة – بما في ذلك تكتيكات القوات الخاصة وجمع المعلومات الاستخباراتية الحساسة – إلى الحكومة الإيرانية، إما طواعية أو بالإكراه.
وقال ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق: "أعتقد أن معظم الأفغان الذين كانوا ضمن صفوف الكوماندوز والوحدات الخاصة الأخرى كانوا مقربين حقا من الأمريكيين. لكن إذا لم يكن لديك خيار والمكان الوحيد الذي يمكنك الهرب إليه من طالبان كان إيران، وهم من سيدفون فواتيرك، وسيهتمون بعائلتك، سيكونون تحت ضغط شديد لعدم اغتنام الفرصة لأن ليس لديهم خيارات بالفعل".
بدوره، أوضح مير حيدر أفضالي، الرئيس السابق للجنة الدفاع بالبرلمان الأفغاني، إن إيران أعطت عناصر الكوماندوز الأفغان الذين هربوا من البلاد تأشيرات إقامة لسبعة شهور مقابل أن يثبتوا للسلطات الإيرانية أنهم خدموا بالجيش الأفغاني. ويتوقع أفضالي أن تجدد إيران تلك التصاريح إلى أجل غير مسمى.
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون الذين تحدثوا مع "فورين بوليسي" إنهم لم يتتبعوا جهودا منسقة لإيران لتنظيم أو الحصول على معلومات استخباراتية من المشغلين الخاصين الأفغان السابقين لكن نبهوا إلى أنه سيكون من الصعب معرفة ما إذا فعلت إيران ذلك استنادا للمعلومات المتوفرة للجمهور.
ولدى سؤاله عن الكوماندوز الأفغان الذين اضطروا للهرب إلى إيران وما إذا كانت هناك خطط جارية في الولايات المتحدة لإعادتهم إلى بر الأمان، كتب متحدث باسم وزارة الخارجية: "لم تستمر قوات الأمن الوطنية الأفغانية طويلا كما كان متوقعا. كانت هذه لحظة مؤلمة للأفغان ومئات الآلاف من الأمريكان الذين خدموا في أفغانستان لدعم الشعب الأفغاني".
وأضاف: "بعد مرور عام، نحن في وضع استراتيجي أقوى بسبب قرار الرئيس بالانسحاب من أفغانستان، وللمرة الأولى خلال حوالي عشرين عاما، لا تقف قواتنا في طريق الأذى في أفغانستان، ونركز تماما على التحديات والفرص التي تحدد القرن الحادي والعشرين". ولم يرد البنتاجون فورًا على طلب التعليق.
ويبدو أن العديد من المشغلين الخاصين السابقين الذين تمكنوا من الوصول إلى إيران تم تكليفهم بأعمال شاقة أو كأصحاب متاجر.
وفي مقطع فيديو على "تيك توك" نشر في مايو/أيار وتمت مشاركته على نطاق واسع بين المسؤولين الأفغان السابقين، قال أحد أفراد الكوماندوز الأفغان سابقا إنه وجد وظيفة بموقع بناء في إيران.
وأجرت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) عمليات إجلاء للأفغان بشكل مستقل، بينهم مشغلون بمكافحة الإرهاب دربهم مجتمع الاستخبارات الأمريكي، من مجمع آمن يسمى "قاعدة النسر" خلال الأيام الأخيرة للانسحاب الأمريكي من البلاد.
لكن قال مسؤولون مطلعون على الأمر إن هناك عددا أكبر بكثير من عناصر الكوماندوز الحاليين والسابقين الذين طلبوا الإجلاء.
وخلص تحقيق الكونجرس إلى أن عناصر الجيش الأفغاني والكوماندوز الذين هربوا إلى إيران اضطروا لذلك بعدما تخلت عنهم الولايات المتحدة، وقال إن إدارة بايدن لم تتخذ قرارها بعد بشأن ما إذا كانت ستبدأ حملة جديدة لمحاولة وإجلاء الكوماندوز الأفغان الذين تم تركهم.