مصرع لاعب أفغاني.. المكالمة الأخيرة قبل سقوط "الدرع"
حاول شقيقه إثناءه عن مغادرة أفغانستان في مكالمة كانت الأخيرة قبل أن ينتهي الشاب جثة مقطعة متناثرة على عجلات طائرة عسكرية أمريكية.
نهاية أليمة للاعب المنتخب الأفغاني زكي أنواري، الفتى الذي لم يتجاوز الـ17 من عمره، في مأساة لا تزال تثير تعاطف وصدمة الرأي العام العالمي، وسط الكم المتسارع للأحداث في بلد عاد لتوه لنفوذ طالبان، وارتدادات المشهد المفتوح.
فقد تابع الملايين حول العالم -بذهول- تدفق الآلاف من الأفغان بذعر، قبل أيام، نحو مطار العاصمة كابول، وراقبوا الحشود المتشبثة بجانبي طائرة عسكرية تابعة للقوات الأمريكية وهي تستعد للإقلاع، قبل أن ترصد عدسات الكاميرات نقاطا قاتمة تتساقط من الناقلة الصخمة وهي تتجه إلى السماء.
كانت تلك أجساد أفغان وهي تتهاوى قبل أن تتحول إلى أشلاء يصعب التقاطها أو تجميعها، وكان من بينها زكي؛ الفتى الذي حصد تعاطفا لافتا حول العالم، وتصدرت قصة موته وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وتطرقت حتى لآخر محطات الفتى قبل رحيله: ماذا فعل قبل تلك النهاية المأساوية؟
صحيفة "نيويورك تايمز" تطرقت للموضوع، الأربعاء، وذكرت أن زكي لاعب خط الوسط بالمنتخب الأفغاني للشباب اتصل، قبل الحادثة بسويعات، بشقيقه الأكبر ذاكر، ليخبره بأنه إذا لم يفر من أفغانستان فلن يلعب الكرة مرة أخرى.
ورد ذاكر يحذره من مغادرة البلاد بتلك الطريقة، قائلا: "لا تذهب، عد، أنت ذكي، لا تذهب"، إلا أن الشاب أجاب بإصرار: "يجب أن أحاول".
تشبث زكي بتلك "المحاولة" ولم يكن يدرك أنها ستكلفه حياته بطريقة تدمي القلوب، كان كل ما ارتسم بذهنه في تلك السويعات هو حلمه وهو يحلق عاليا في السماء ينشد العبور نحو الولايات المتحدة الأمريكية، هناك حيث يمكن أن يستقر في سلام ويمارس هوايته المفضلة ويعيش في أمان بعيدا عن طالبان.
كان الفتى يعتقد -بحسب إفادات مجموعة من أصدقائه-، أن طالبان ستحرمه من ممارسة اللعبة التي عشقها منذ نعومة أظافره وهي كرة القدم، فلقد كانت ذاكرته -كغيره من الشباب في سنه- مثقلة بفظاعات الحركة وتطرفها حين سيطرت على البلاد من 1996 إلى 2001، وهي الفترة التي لم يكن ولد حينها، لكنه قرأ كل تفاصيلها المرة في أعين والديه وشقيقه الأكبر.
وعلى ما يبدو، فإن زكي تملكه ذات الهلع الذي طوق الأفغان بدخول طالبان كابول وانهيار الحكومة السابقة، وكان كل ما يعنيه في كل تلك الفوضى هو كيف سيمارس كرة القدم التي يعشقها، وبلغ الأمر حد مناقشته مع أصدقائه في الفريق الاحتمالات والخيارات الموضوعة أمامهم.
الحلم أقوى
حالة من الارتباك طوقت الفتى في الساعات الأخيرة من حياته.. ساوره التردد الوجودي الذي غالبا ما يطوق الإنسان قبل أي قرار مصيري وجذري في حياته، لكن حماس اللاعب الذي كان يلقب بـ"الدرع" لقدرته على الاحتفاظ طويلا بالكرة، غلب على كل شيء، واختار في النهاية حلمه.
تشبث بعجلات الطائرة العسكرية الضخمة الرابضة في مطار كابول، وبدا أن الأمر على ما يرام، لكن بمجرد أن تحركت الناقلة، عجز عن الصمود قبل أن يتهاوى كنقطة قاتمة في السماء، ويصرخ أحدهم من على الأرض: "يا إلهي.. إنهم يسقطون".
تهاوى جسده الصغير ليتحول إلى أشلاء بشرية غير قابلة للتجميع كما وصفت وسائل إعلام أفغانية وأمريكية، ومعه سقط حلمه ليتلاشى بدوره وسط تلك الفوضى التي قضت على أحلام الكثيرين من شباب بلاده.
ولم يكن زكي الوحيد الذي قضى يومها، إذ سقط يومها 3 أشخاص على الأقل من الطائرة العسكرية الأمريكية في ذلك اليوم، فيما أفاد مسؤول من حلف شمال الأطلسي (الناتو) وآخر من حركة طالبان أن 12 شخصا قتلوا خلال الأيام الماضية في المطار.
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA=
جزيرة ام اند امز