"طالبان" تفرض البرقع على الأفغانيات.. قيود رغم الوعود؟
شبح التسعينيات يخيّم على أفغانستان ويستنسخ تجربة حكم مرة اختبرتها النساء، خصوصا ممن فرضت عليهن "طالبان" قيودا صارمة ألغت حقوقهن وحرياتهن.
ورغم أن عودة الحركة إلى الحكم ترافق هذه المرة مع وعود بالمحافظة على حقوق الإنسان كشرط لحصولها على نوع من الشرعية الدولية، إلا أن طبيعتها المتطرفة غلبت على ما يبدو الوعود.
ففي خطوة جديدة ترمي إلى تشديد القيود على حرية النساء في أفغانستان، وقع زعيم حركة طالبان هبة الله أخوند زاده، قبل أيام، مرسوما يفرض على النساء ارتداء البرقع في الأماكن العامة.
ومع أن الحركة فرضت قيودا سابقة منذ عودتها للحكم في أغسطس/آب الماضي، إلا أن فرض البرقع يعتبر الأكثر صرامة حتى الآن، في قرار دعا النساء أيضا إلى ملازمة منازلهن إذا لم يكن لديهن عمل مهم في الخارج.
تضييق يفجر الجدل مجددا بشأن حقوق النساء في بلد سقط بقبضة حركة متشددة حاولت في البداية إظهار بعض المرونة للحصول على ود الغرب والاعتراف بشرعيتها، أملا بإعادة تدفق المساعدات نحو بلد تطوقه الأزمات.
وجاء في المرسوم الصادر عن القائد الأعلى للحركة أن النساء متوسطات العمر "ينبغي أن يغطين وجوههن باستثناء العينين بما تنص عليه أحكام الشريعة عندما يلتقين رجالا من غير المحرمين".
وأشار إلى أنه "يفضل أن تلازم النساء المنزل" إذا لم يكن لديهن عمل مهم في الخارج، مستعرضا عقوبات بحق أرباب الأسر ممن لا يفرضون البرقع على نساء العائلة.
ومما يزيد من المخاوف أن طالبان سبق أن نشرت باسم وزارتها "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، توصيات عدة بشأن طريقة لباس النساء، لكن هذا أول مرسوم بهذا الشأن يصدر على المستوى الوطني.
وفي وقت يثير فيه القرار غضب النساء في أفغانستان، تستعيد مهنة خياطة البرقع بريقها الذي فقدته عقب الإطاحة بالحركة المتشددة من الحكم العام 2001، فالنساء بهذا البلد يكتفين بالحجاب غالبا.
ففي مختلف أرجاء العاصمة كابول، ينكب الخياطون على القماش القاتم لتشكيله بمقصاتهم قبل خياطته استعدادا لارتفاع الطلب على البرقع وما يرافقه من ملابس فضفاضة تتطلب الكثير من القماش.
وبفرض البرقع، تعود طالبان بأفغانستان إلى حقبة حكمها في تسعينيات القرن الماضي حين حرمت النساء من كافة حقوقهن، بموجب تفسيرها المتشدد لأحكام الشريعة الإسلامية.
ودأب موظفون في وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" على جلد كل امرأة يجدونها لا ترتدي البرقع، مع أن الغالبية العظمى من الأفغانيات محجبات بوشاح فضفاض.
أين الوعود؟
بعد عودتها إلى الحكم إثر حرب استمرت 20 عاما مع الولايات المتحدة وحلفائها التي سبق أن طردتها من السلطة عام 2001، وعدت طالبان بأن تكون أكثر ليونة هذه المرة، لكنها سرعان ما نكثت بوعودها بانتهاك تدريجي لحقوق النساء وصادرت جميع حرياتهن التي اكتسبنها بالسنوات الماضية.
عادت طالبان مطلة بملامح حاولت أن تمنح طمأنينة باعتدال مزيف لم يصمد طويلا أمام فكرها المتشدد ورؤيتها لنمط الحكم، فباتت النساء مستبعدات إلى حد بعيد من الوظائف العامة، كما مُنعنَ من السفر إلى الخارج أو لمسافة بعيدة داخل البلاد ما لم يكن بصحبة محرم.
وفي مارس/ آذار الماضي، أثارت طالبان غضبا دوليا عبر إغلاق كل المدارس الثانوية المخصصة للفتيات بعد ساعات من السماح بإعادة فتحها للمرة الأولى منذ استيلائها على السلطة.
الحركة فصلت أيضا بين النساء والرجال في الحدائق العامة بكابول، مع تحديد أيام الزيارة المسموح بها لكل من الجنسين، في قرارات متشددة تؤكد مخاوف المجتمع الدولي، وتفاقم عزلة الحركة خارجيا وهي التي لم تحصل حتى الآن على أي اعتراف دولي.
aXA6IDMuMTQwLjE5OC4yMDEg جزيرة ام اند امز