زئير "الأسود الخمسة".. أحمد مسعود لـ"طالبان": مستعد للحرب والسلم
"مستعد للحرب ضد طالبان، استعداده للسلام"؛ هذا ما قاله القيادي الأفغاني أحمد مسعود من ولاية بنجشير، موطنه وموطن والده الراحل أحمد شاه مسعود، التي ما زالت عصية على الحركة التي سيطرت على أرجاء البلاد.
بنجشير أو "الأسود الخمسة" كما يطلق عليها في اللغة الطاجيكية، ساحة استعداد للقادم، أو على الأقل كما يبدو من التعبئة والحشد، اللذين دأب عليهما القيادي الأفغاني، منذ أضحت طالبان على مشارف كابول، حيث ترك العاصمة، وعاد لـ"قواعده"، في مسقط رأسه.
وتقول صحيفة "الشرق الأوسط" التي قام مراسلها بمرافقة لأحمد مسعود، وأجرى معه حوارا مطولا، إن نجل وخليفة الراحل، أحمد شاه مسعود، "كان مشغولاً خلال هذه الفترة بلقاء القادة السياسيين والعسكريين من قندهار في الجنوب إلى بدخشان في الشمال".
"الانتقال إلى المريخ"
وعاد مسعود إلى بنجشير، شمال شرق العاصمة الأفغانية، في رحلة من كابول وصفها مراسل الصحيفة بـ"الانتقال من الأرض إلى المريخ"، بسبب سيطرة طالبان على الأراضي الأفغانية، والطرق المؤيدة إلى الولاية، الوحيدة خارج سلطان الحركة.
يقول مسعود لمراسل "الشرق الأوسط"، إنه على استعداد للتحدث مع طالبان؛ بل كشف عن اتصالات جارية مع الحركة، ولقاء جمع ممثلين مشتركين من الجانبين عدة مرات.
لكنه يستدرك قائلا: "مع ذلك، فإنه لن يتم إجبارنا على فعل أي شيء، وحتى والدي قد تحدث مع طالبان. لقد ذهب أعزل دون أي حراسة للتحدث مع قيادة الحركة خارج كابول في عام 1996، وقال لهم: ماذا تريدون؟ تطبيق دين الإسلام؟ فنحن أيضاً مسلمون ونريد السلام أيضاً، ولذا فدعونا نعمل معاً، ومع ذلك، فإن الحركة تريد فرض الأشياء بالسلاح، وهو ما لن نقبله، فإذا كانوا يريدون السلام، وتحدثوا إلينا وعملوا معنا، فنحن جميعاً أفغان وسيكون هناك سلام".
خطة التفاوض
ولافتا إلى ورقته ضد طالبان حاليا، أكد القيادي الأفغاني الشاب، أن "بنجشير هي الوحيدة التي تقاوم، فقد سقطت البلاد كلها، ولكننا نقف شامخين، تماماً كما هزمنا السوفيات في الثمانينات، وكما هزمنا طالبان في التسعينات، ويجب أن تتذكروا أنه في عهد والدي، لم تستطع طالبان الاستيلاء على الشمال، ثم قام تنظيم القاعدة بقتله، والبقية معروفة في التاريخ. لكنني لدي الرغبة والاستعداد للعفو عن دماء والدي من أجل إحلال السلام والأمن والاستقرار في البلاد".
واتخذ مسعود خطوة إلى الأمام في خطة التفاوض مع طالبان، قائلا: "نحن مستعدون لتشكيل حكومة شاملة مع طالبان، من خلال المفاوضات السياسية، ولكن ما هو غير مقبول هو تشكيل حكومة أفغانية تتسم بالتطرف، والتي من شأنها أن تشكل تهديداً خطيراً، ليس لأفغانستان فحسب، ولكن للمنطقة والعالم بأسره".
وضمن سياق الخطوط العريضة للتفاوض مع طالبان، عرض أحمد مسعود على الحركة، إنهاء الحرب المستمرة منذ 40 عاماً، وجنوح طالبان للسلم، مطالبا ببعض الأشياء الأساسية، من قبيل: "اللامركزية التي تشمل الحكم الذاتي الإقليمي ونقل السلطة، كما يجب أن يقولوا لا لأي تطرف ولوجود الجماعات الإرهابية الدولية في أفغانستان، ويجب أن يكون هناك تقاسم للسلطة، كما أننا لا نريد أن يتم حكم مناطقنا بالقوة من قبل أحد".
واتهم القيادي الأفغاني بعض مقاتلي طالبان، بأنهم "اليوم أكثر تطرفاً من آبائهم الذين قاتلوا في التسعينات، وذلك بسبب صلاتهم بالجماعات المتطرفة الحديثة، مثل داعش والقاعدة"، على حدّ زعمه.
ورغم ذلك يقول الرجل: "ما زلنا قادرين على الجلوس معهم والتحدث، ونحن نتحدث معهم بالفعل ونأمل في الوصول إلى مخرج وإنهاء أي قتال، فهم يقولون إنهم ضد الإرهاب الدولي، ولكن يجب أن نرى ذلك بشكل عملي، ونأمل ونصلي أن يكونوا يرغبون في ذلك بالفعل"
وتابع: "نحن لا نريد القتال، ومع ذلك، فإننا على استعداد للقتال إذا دخلوا بنجشير، صحيح أنه يمكنهم الدخول بسلام دون أسلحة، ولكن في حال دخلوا بالبنادق، فنحن مستعدون للدفاع حتى آخر رجل، ولكن يجب إعطاء السلام فرصة حتى ولو كان هذا السلام مع طالبان".
وسيطرت طالبان على كابول يوم الأحد الماضي بعد حملة عسكرية سريعة استمرت 11 يوما، وقادت الحركة للسيطرة على أغلبية أقاليم البلاد، لكنها لم تسيطر على منطقة بنجشير .
وتقول تقارير صحفية إن ولاية "بنجشير" لا تزال خارج سيطرة حركة طالبان، مشيرة إلى أن هذه الولاية يقطنها قرابة 172 ألف نسمة، ومعظم سكانها من الطاجيك ( 98.9% ) وتستعد لمواجهة طالبان.
وتتجمع القوات الحكومية والمليشيات المحلية على طول حدود بنجشير، وقد تصبح المنطقة حصنا لمقاومة طالبان، وهذه المرة الثانية التي تؤدي مثل هذه المهمة.
وكانت القوات الحكومية والرئيس برهان الدين رباني قد لجأوا عقب استيلاء المسلحين على كابول في سبتمبر/أيلول من عام 1996، إلى وادي بنجشير، ومنعت قوات المقاومة طالبان من السيطرة على كامل البلاد.
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg جزيرة ام اند امز