الأفغانية سومية تورا.. من جحيم التفجيرات إلى أعرق الجامعات
اللاجئة الأفغانية سومية تورا تمثل معاناة اللاجئين الباحثين عن حياة مستقرة ناجحة بعيدا عن الحروب والصراعات
جسدت رحلة فتاة أفغانية هربا من القتل والتفكير إلى أعرق جامعات العالم "أوكسفورد"، معاناة اللاجئين الذين يتركون بلدانهم بحثا عن حقهم في التعليم وحياة آمنة متزنة بعيدا عن الحروب والصراعات التي تدمر مستقبل الكثيرين.
وفي اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، عرضت الـ"بي بي سي" قصة وصول الفتاة الأفغانية سومية تورا إلى أوكسفورد، أرقى جامعات العالم، بعد أن كانت تقطن في منزل بغرفة نوم واحدة مع 4 عائلات بمدينة بيشاور شمال غربي باكستان، حيث لجأت عائلتها في التسعينيات هربا من حركة طالبان.
"كنت أعيش في خضم العنف، لكن ذلك كان أمرا واقعا، لم أكن أستطيع تغييره، وأحيانا كانت تقع تفجيرات مرة أو مرتين أسبوعيا، حتى إن الناس كانوا، أحيانا، يفضّلون تناسي الأمر والتعايش مع الوضع"، بتلك الكلمات افتتحت سومية حديثها لـ"بي بي سي"، مضيفة: "لكن هذا الوضع كان أفضل بكثير لدى مقارنته بنظيره في أفغانستان، على الأقل كنت أستطيع الذهاب إلى المدرسة".
ولا تزال سومية تذكر عهدا أخذته على نفسها وهي في السادسة من عمرها بأنْ توالي تعليمها بكل جدّية، ليتحول العهد إلى حقيقة عندما بلغت عامها الـ22، وأصبحت أول أفغانية تحصل على منحة "رودس" بجامعة أكسفورد، من بين 102 من الطلاب الحاصلين على مكان في دفعة 2020 للدراسة ضمن منحة الدراسات العليا الأقدم في العالم.
ويعد وصْف امرأة أفغانية بالمتعلمة أمرا نادرا في حدّ ذاته، إذ تبلغ نسبة الأمية بين الإناث في أفغانستان نحو 17%، طبقا لإحصاءات منظمة اليونسكو.
ولا تزال الأرقام ضعيفة في باكستان المجاورة، حيث يستطيع نحو 45% من النساء فقط القراءة، لكن يُتاح للبنات دخول المدارس، بخلاف الوضع في أفغانستان، فحتى أصحاب الأحوال الميسّرة غير مسموح لهم بإلحاق بناتهن بالمدارس.
وهذا يعني أن حظ سومية كان جيدا أن عائلتها نزحت إلى باكستان حيث كانت تتلقى تعليمها الأولي.
وحصلت سومية على منحتها في عملية بحث محظوظة على الإنترنت، حين عثرت على مدرسة ثانوية "كليات العالم المتحد" التي تمنح الطلاب من أنحاء العالم فرصة للتعلم.
ولم تخلُ أجواءُ تجربة تأمين مقعد في المدرسة، في نيو مكسيكو، من العنف، فبعد يوم من دخول سومية الامتحان في كابول، في مارس/آذار 2014، تعرّض الفندق الذي انعقد فيه الامتحان لهجوم دامٍ على أيدي مسلحي طالبان، وخلّف 9 قتلى، من بينهم رئيسة لجنة الاختيار بكليات العالم المتحد روشان توماس، وهي كَندية كانت في المدينة من أجل متابعة الامتحان.
وتتذكر سومية كيف كانت روشان تشجّع الطلاب على استغلال الفرص، أملاً في "العودة ذات يوم إلى أفغانستان والقيام بشيء من أجل تغيير الأوضاع، لأن هذا هو الهدف الحقيقي".
وتقول سومية: "خاطرتْ روشان بحياتها، لأنها آمنت بأن طلابا مثلي، من بلاد مثل أفغانستان، أو لاجئين من باكستان، ينبغي أن يحصلوا على فرصة لطلب العلم".
وكان سيسيل رودس، رئيس وزراء مستعمرة الكاب عام 1890، والملقب بـ"ملك الماس"، أوصى عام 1902 بتدشين منحة للدراسات العليا في أكسفورد، تستهدف في الأساس تشجيع التقارب بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وكانت المنحة، في معظم تاريخها، مفتوحة لرجال من الولايات المتحدة وألمانيا ودول الكومنويلث البريطاني.
وكان رودس يدعم رؤية تستهدف "جمْع العالم كله تحت التاج البريطاني".
تقول سومية: "كان رودس إمبرياليا يؤمن بسيادة الجنس الأبيض، ولم يكن يريد أن يحصل أشخاص ملونون أو نساء على هذه المنحة الدراسية"، وهو ما جعل سومية في بادئ الأمر تعزف عن التقديم للمنحة.
لكنها عدلت عن رأيها عندما اعتقدت أنه سيكون بإمكانها أن تقول لا، لكن الأصعب قبولها، وحمل عبء هذا الإرث، والإقدام على تغييره - إنها حقا مسؤولية.
تقول سومية: "هداني تفكيري إلى أنه لا مناص من الاعتراف بالتاريخ الاستعماري، وأن مسؤولية تغيير إرث منحة رودس تقع على عاتق أشخاص مثلنا".
تضع سومية خططا لما بعد التخرج حول حركة اللجوء والهجرة، على أمل أن تعود يوما إلى ذلك البلد الذي نزحت منه عائلتها.
aXA6IDE4LjIyMy40My4xMDYg جزيرة ام اند امز