القرصنة البحرية في أفريقيا 2019.. خليج غينيا الأسوأ
73% من حوادث الاختطاف التي شهدتها مختلف البحار حول العالم و92% من حوادث احتجاز الرهائن في النصف الأول من 2019، وقعت بخليج غينيا
عادت ظاهرة القرصنة البحرية في أفريقيا مرة أخرى للأضواء في عام 2019، خاصة بخليج غينيا.
وتشكل ظاهرة القرصنة على السواحل الأفريقية تحديا أمنيا جديدا لقادة دول القارة السمراء، يوازي في خطورته تحديات محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وغيرها من المشكلات التي تعصف بالقارة السمراء.
فعلى سواحل الصومال، رغم انحسار ظاهرة القرصنة البحرية نسبيا، فإن هناك تخوفات دولية وإقليمية من عودة القراصنة لمهاجمة السفن المارة بالبحر الأحمر وخليج عدن بتلك المنطقة الاستراتيجية التي تمر عبرها نسبة كبيرة من سفن التجارة البحرية العالمية.
ويشير مراقبون إلى أن تداعي الوضع الأمني في البلاد وصعوبة سيطرة الحكومة في مقديشو على السواحل يشكل دافعا قويا لعودتها.
ووفقا لتقارير صحفية فإن حوادث خطف وتهديد للسفن والناقلات البحرية ومهاجمتها لم تختف بشكل كامل، حيث سجل عام 2019 من 5 - 10 حوادث اختطاف سفن في سواحل الصومال واحتجاز للبحارة وقوارب الصيد.
كما تمت العديد من المحاولات الفاشلة التي تم التصدي لها من قبل القوى الأوروبية لمحاربة القرصنة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن المعروفة باسم "أتلانتا".
ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقعت خلال العام الجاري حادثتا قرصنة في مناطق نشاط قراصنة الصومال، مبينا أن الجماعات التي تورطت سابقا في القرصنة على نطاق واسع يبدو أنها لا تزال تحقق أهدافها المالية بممارسة أنشطة أقل خطورة.
وحذر التقرير الأممي من خطورة الجماعات التي تعمل على القرصنة، مؤكدا أنها لا تزال لديها القدرة على استئناف أعمال القرصنة إذا سنحت لها الفرصة، وأن عملية قرصنة واحدة يحصل منفذوها على الفدية كفيلة بتشجيع أصحاب رؤوس الأموال في الصومال على العودة للاستثمار في أعمال القرصنة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الجاري ذكرت الأمم المتحدة أن قراصنة البحر في الصومال يشكلون خطرا على السفن التي تنقل المساعدات الإنسانية في السواحل الأفريقية.
ووافق مجلس الأمن الدولي في الشهر نفسه على تمديد مهمة القوات الدولية لمكافحة القرصنة في الصومال لمدة عام، بناء على مشروع قرار أمريكي، ووجود مسؤولية رئيسية تقع على عاتق السلطات الصومالية في مجال مكافحة القرصنة في البحر قبالة سواحلها.
خليج غينيا
ومع انحسار ظاهرة القرصنة على سواحل الصومال، فقد عادت من جديد في غرب القارة بمنطقة ما يعرف بخليج غينيا التي تضم حدود المياه الإقليمية لكل من بنين وتوجو وغانا والكاميرون والجابون، وباتت توصف المنطقة بأنها المركز الجديد للقرصنة البحرية العالمية.
وتقع منطقة خليج غينيا في الساحل الجنوبي الغربي لأفريقيا على المحيط الأطلسي الذي تطل عليه أكثر من 6 بلدان أفريقية.
وحذرت تقارير أفريقية ودولية من توسع عمليات القرصنة لتمتد إلى منطقة دلتا النيجر التي تعد منطقة نيجيرية غنية بالنفط الذي يشكل عصب الاقتصاد في هذا البلد.
وتتمتع منطقة خليج غينيا بأهمية استراتيجية كما تعد من المناطق البحرية ذات النشاط العالي في حركة التجارة البحرية الدولية، وتمثل بوابة رئيسية للتجارة الخارجية بالنسبة لبلدان منطقة غرب ووسط القارة السمراء.
كما تطل على الخليج دول تمتلك احتياطات نفطية وغازية هائلة، ما أكسب المنطقة أهمية جيوغرافية وجعلها وفقا لتقارير هدفا لمؤسسات وعصابات القرصنة الدولية.
وبحسب تقرير صادر عن المكتب البحري الدولي، فإن 73% من حوادث الاختطاف التي شهدتها مختلف البِحار حول العالم و92% من حوادث احتجاز الرهائن في النصف الأول من عام 2019، وقعت ضمن حدود المياه الإقليمية للبلدان المطلة على خليج غينيا.
وقال التقرير في عام 2018: "وقع 156 اعتداء على السفن التجارية، وخلال الأشهر الـ6 الأولى من 2019 تم احتجاز 75 بحارا كرهائن حول العالم، كما قتل المئات من البحارة أثناء الهجمات".
وبحسب الإحصائية فإن 62% من حوادث الاحتجاز وقعت في البلدان نيجيريا وغينيا والكاميرون وبنين وتوجو المطلة على خليج غينيا، كما أن هناك مخاوف من توسعها إلى دولة الجابون التي تشهد اضطرابات سياسية وشهدت حدوث عمليات قرصنة.
ويقول مراقبون إن أغلب السفن التي تتعرض لاعتداءات القرصنة ذات السطو المسلح في خليج غينيا، هي سفن حمولة وبضائع أو ناقلات نفط، ويقوم بها القراصنة للحصول على فدية، فيما تنجح بعض السفن في التخلّص من هذه الهجمات.
ويؤكد خبراء ومراقبون دوليون أن منطقة خليج غينيا المحورية مؤهلة لأن تدخل في دوامة من الفوضى العارمة، بسبب نشاط القراصنة القريب جدا من نشاطات الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام في شمال نيجيريا والكاميرون ودول الساحل الأفريقية الأخرى، ما يتطلب تدخلا دوليا عاجلا لحفظ الممرات البحرية والنظام في تلك الدول.
وباتت نيجيريا من أكثر الدول الأفريقية معاناة من هذه الظاهرة الخطيرة، وقالت مجموعة "أي أو إس" لتقييم المخاطر: "إن سواحل هذا البلد تعد مركز هجمات القرصنة البحرية حول العالم".
وحذر وزير الشؤون الخارجية والتعاون في غينيا الاستوائية سيميون أويونو إيسونو من الأنشطة غير القانونية في الفضاء البحري الأفريقي.
وقال: "إن الإرهاب البحري وغسل الأموال وتصريف النفايات السامة والنفط الخام في البحر، وسرقة النفط الخام والغاز الطبيعي، والاتجار بالأسلحة والمخدرات، والاتجار بالأشخاص واللاجئين، والقرصنة والسطو المسلح والصيد غير المشروع، كلها تشكل خسارة في الأرواح البشرية والاقتصاد في القارة، ويجب التصدي لها بشكل حازم".