"نصرة الإسلام والمسلمين".. خنجر إرهاب في خاصرة أفريقيا
ولدت من رحم مزيج هجين لجماعات إرهابية وتنظيمات دموية مسلحة ما يجعلها بمثابة "كوكتيل تطرف" رابض في خاصرة أفريقيا.
هذه هي "نصرة الإسلام والمسلمين"، الجماعة التي طفت للواجهة مجددا، خصوصا بعد انسحاب آخر جندي فرنسي من مالي، مستثمرة ثغرات أمنية عبدت طريق تمددها بالمثلث الحدودي مع كل من بوركينا فاسو والنيجر.
تسونامي تطرف لم يقتصر على تلك المنطقة فقط بل ضرب وصولا إلى تشاد وموريتانيا، ليستكمل نجوم الساحل الأفريقي الخمس ويرسم شهب نار تقض مضاجع السكان والجيوش.
تعد هذه الجماعة ذراع تنظيم القاعدة بالمنطقة، وهناك من يعتبرها رأس حربتها منذ 2017، وهذا ما يفسر التناحر الكبير بين الفصيل وداعش، خصوصا عقب تمدده في الساحل، وهو أيضا ما يرفع وتيرة هجمات يعتقد خبراء أن تنفيذها كان ضمن حلبة العداء المستفحل بين التنظيمين.
فمن هي هذه الجماعة المرشحة لأن "تطيح" بداعش وتجبرها ومعظم التنظيمات المسلحة الأخرى على "تقاعد اضطراري" في ظل تمدد متسارع قد يكتسح بشكل أكبر منطقة الساحل وربما يتجاوزها؟
"نصرة الإسلام والمسلمين".. إرهاب على طريق مالي "الملغوم"
طرح تدعمه الثغرات الأمنية التي خلفها انسحاب فرنسا من مالي في مرحلة أولى، والقوى السائدة في بوركينا فاسو، علاوة على حمم انقلاب الجيش على الرئيس في النيجر.
وكان آخر ظهور للتنظيم في أبريل/نيسان الماضي، حين أعلن مسؤوليته عن هجوم نفذه قرب بلدة نارا وأسفر عن مقتل مدير مكتب رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي في مالي مع ثلاثة مرافقين قرب الحدود مع موريتانيا.
النشأة
حركة جهادية سلفية تابعة لتنظيم القاعدة تنشط في منطقة الساحل والصحراء، تستهدف بشكل خاص القوات الفرنسية والمالية والأفريقية في مالي.
ورغم أنها تأسست منذ مارس/آذار 2017، إلا أنها بقيت في الظل لنحو عام كامل قبل أن تعلن عن وجودها بتبنيها مسؤولية هجومين وقعا في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو.
وبمرور الوقت، تمددت الجماعة لترسم خطوط اتجاهات النار عبر الحدود الثلاثية، أي شمال وسط بوركينا فاسو، ووسط مالي، وجنوب شرق وجنوب غرب بوركينا فاسو، وغرب النيجر.
وتضم هذه المناطق الخمس مجتمعة أكثر من ٧٠ في المائة من عنف الإرهابيين في منطقة الساحل، وهذا ما جعلها أرضا خصبة للوافد الجديد.
الجماعة عبارة عن مزيج يضم أربع حركات مسلحة في مالي ومنطقة الساحل، قررت الاندماج قبل 6 سنوات، وهي: "أنصار الدين"، "كتائب ماسينا"، "كتيبة المرابطون"، "إمارة منطقة الصحراء الكبرى"، وجميعها تنظيمات تمتلك خبرات في تنفيذ الضربات الموجعة لخصومها.
أما إعلان التأسيس فجرى حينها عبر مقطع فيديو ظهر فيه قاضي "القاعدة في بلاد المغرب" أبوعبدالرحمن الصنهاجي، والحسن الأنصاري نائب أمير كتيبة "المرابطون" وأمير جماعة أنصار الدين "إياد أغ غالي" وأمير إمارة منطقة الصحراء يحيى أبوالهمام، وأمير كتائب ماسينا "أمادو كوفا".
وآنذاك جرى أيضا اختيار أمير جماعة "أنصار الدين" المالية أغ غالي أميرا لـ"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، الذي أعلن فور تشكيله مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة حينها أيمن الظواهري، وأمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب أبومصعب عبدالودود.
ومع أنه من الصعب تحديد قوة الجماعة من حيث العدد، لكن المخابرات الفرنسية قدرته، بعد أشهر فقط من ظهور التنظيم، بنحو 500 إرهابي.
أهداف ورسائل
جاء تأسيس الجماعة ردا على قرار دول الساحل الخمس (مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو) تأسيس قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب بالمنطقة.
قرار كان من البديهي أن ترد عليه التنظيمات بمحاولة الاصطفاف والتكتل لمواجهة 5 جيوش إقليمية، في رسائل بعثتها الجماعة على أجنحة عمليات نوعية نفذتها، ووجهتها بالخصوص إلى فرنسا التي شنت عملية عسكرية في شمالي مالي بداية من 2013.
وخلال إعلان الاندماج، أعلن زعيم الجماعة أن الهدف منه يكمن في "الوقوف صفا واحدا ضد العدو الصليبي المحتل" بلسانه، وفي إشارة غالبا ما يستخدمها المتطرفون للحديث عن الفرنسيين وحلفائهم.
الاندماج شكل أيضا رسالة مضمونة الوصول إلى خصم الجماعة الأول وهو داعش، مفادها بأن القاعدة لا يزال يهيمن على المنطقة ولو عبر فصائله.
aXA6IDMuMTQ0LjI5LjIxMyA= جزيرة ام اند امز