أطول ممر للحكم العسكري.. حزام الانقلابات يمتد 3500 ميل
أكمل الانقلاب العسكري في النيجر سلسلة حجارة الدومينو للدول التي حكمها زعماء استولوا على السلطة بالقوة، لتشكل معضلة للولايات المتحدة.
ويمتد حزام الانقلابات في أفريقيا عبر 6 بلدان بطول 3500 ميل، من ساحل الأطلسي إلى ساحل البحر الأحمر، والذي يشكل أطول ممر للحكم العسكري على وجه الأرض.
كان آخر أوراق الدومينو التي سقطت رئيس النيجر محمد بازوم، الحليف الأمريكي المنتخب ديمقراطيا والذي اختفى يوم الأربعاء عندما احتجزه حرسه الرئاسي بالعاصمة نيامي.
صفعة للديمقراطية
وتردد صدى الانقلاب على الفور خارج النيجر، البلد المترامي الأطراف والفقير في أحد أكثر مناطق العالم تطرفا مناخيا. ودق القادة الأفارقة ناقوس الخطر بشأن آخر صفعة للديمقراطية في قارة تتلاشى فيها عقود من التقدم الذي تحقق بشق الأنفس.
وأثار الانقلاب تساؤلات ملحة لدى الولايات المتحدة وحلفائها، حول الحرب ضد التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل، المنطقة شبه القاحلة الشاسعة حيث تكتسب الجماعات المتطرفة الموالية للقاعدة وداعش موطئ قدم ينذر بالخطر.
وتفوقت منطقة الساحل على منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا لتصبح بؤرة التطرف الجديدة في العالم، حيث سجلت 6701 حالة وفاة جراء الإرهاب عام 2022، لتشهد ارتفاعًا بنسبة 1% مقارنة بعام 2007 لتصل لـ43%، وفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي، وهو دراسة سنوية لمعهد الاقتصاد والسلام.
وحتى الأسبوع الماضي، كانت النيجر حجر الزاوية في استراتيجية البنتاغون الإقليمية، حيث يتمركز ما لا يقل عن 1100 جندي أمريكي في البلاد. وأقام الجيش الأمريكي قواعد للطائرات المسيرة في نيامي ومدينة أغاديز الشمالية، تبلغ تكلفة القاعدة الواحدة 110 ملايين دولار، والتي تقع جميعها في عين العاصفة الآن.
وقد حذر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحفي في أستراليا، من أن الولايات المتحدة قد تنهي دعمها المالي وتعاونها الأمني للنيجر إذا لم يعد بازوم إلى منصبه.
فتح الباب أمام روسيا
كان مشهد مؤيدي الانقلاب وهم يلوحون بالأعلام الروسية في نيامي الأسبوع الماضي مماثلا لما جرى عقب انقلاب بوركينا فاسو العام الماضي.
ويرى محللون أن رفع الأعلام لا يعني بالضرورة وقوف الكرملين وراء الانقلاب، لكنها ترمز إلى الكيفية التي حاولت روسيا تسويق نفسها بها في السنوات الأخيرة باعتبارها حامل مشعل المشاعر المعادية للغرب، خاصة الفرنسيين، في تلك الرقعة من أفريقيا.
فقد نشأت الانقلابات من مزيج من العوامل المحلية، ففي غينيا برر قادة الانقلاب تحركهم بالتعبير عن الغضب الشعبي من الفساد المستشري، وفي مالي وبوركينا فاسو زعموا قدرتهم على مواجهة موجة التطرف التي ابتليت بها بلادهم.
حقيقة الأمر، أن أعمال العنف تفشت تحت قيادة المجالس العسكرية، مما أدى إلى تسريع دوامة عدم الاستقرار.
ففي بوركينا فاسو اقتربت الهجمات التي كانت في السابق محصورة في شمال البلاد من العاصمة في الأشهر الأخيرة. وفي مالي، حيث استبدل الجيش 5000 جندي فرنسي بحوالي 1000 من مرتزقة فاغنر، ارتفع عدد القتلى المدنيين، وفقًا لمشروع بيانات أحداث الصراع المسلح، الذي يحصي الخسائر.
وتضم منطقة الساحل بعضاً من أفقر دول العالم وأعلى معدلات المواليد (تتصدر القائمة النيجر، بمتوسط إنجاب 7 أطفال للمرأة الواحدة). وتضخم أعداد الشباب المحبطين والعاطلين عن العمل في صفوفهم المرتفعة في صفوف المتمردين.
النيجر بدت مختلفة
وعلى الرغم من تاريخها الطويل من الانقلابات بدت الدولة، التي تقع أربعة أخماسها في الصحراء والتي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، في طريقها إلى الاستقرار في عهد بازوم، الذي انتخب رئيسًا عام 2021.
وأحرزت النيجر تقدمًا في حربها ضد المسلحين، وبدا وكأن بازوم يحظى بدعم القوات المسلحة واحتفت به شخصيات غربية معروفة، فظهر مع بيل غيتس وميليندا غيتس في في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واللذين أشادا بجهوده في تعليم الفتيات وخفض معدل المواليد.
ولكن كما يقول الدكتور إيزاكا سوار، مؤلف كتاب الانقلابات في غرب أفريقيا، إن "الانقلابات أشبه بعدوى. فعندما ترى نظراءك في الدول المجاورة وقد أطاحوا بالرئيس المنتخب، تحدثك نفسك للقيام بالشيء ذاته".
aXA6IDEzLjU4LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز