الجراد وكورونا.. آفات تبعثر أولويات القرن الأفريقي
وسيكون التحدي لمنطقة القرن الأفريقي أكبر أمام كورونا؛ نظرا لما واجهته المنطقة من اجتياح للجراد مطلع العام الجاري
من الجراد الصحراوي إلى فيروس كورونا.. آفات اجتاحت القرن الأفريقي لتفاقم من معاناته، وتبعثر أولويات ومبادرات كانت ترنو لانتشال المنطقة من أزماتها وكوارثها المتتالية.
تواتر سريع للآفات شكّل صدمة رفعت سقف التحديات التي تواجهها المنطقة، ووضع مسؤوليها أمام رهانات جديدة تضاف إلى لائحة سابقة مكتظة بالمطالب التنموية والحياتية والاقتصادية، في قارة تكابد بدورها في حربها ضد الوباء المستجد القاتل.
صدمة جديدة
الخبير الاقتصادي الإثيوبي جيتاتشو تدرا، رأى أن جائحة كورونا تمثل "صدمة كبرى لدول منطقة القرن الأفريقي التي لطالما ظلت تعاني من أزمات وكوارث متتالية، كان أخرها آفة الجراد، فضلا عن الصراعات والمجاعة والجفاف وانعدام الديمقراطية الذي ظل يلاحق المنطقة طيلة العهود الماضية".
وأضاف تدران، في حديث مع "العين الإخبارية"، أن فيروس كورونا المستجدّ يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار في الاقتصاد الكلّي واضطرابات؛ نظرا لانعكاساته السلبية على شعوب المنطقة التي تعتبر من أفقر البلدان في معدلات الدخل، فضلا عن الأوضاع السياسية المتقلبة، والتي قد تنتهزها الحركات (المسلحة) لزعزعة استقرار دول المنطقة.
ووفق الخبير، كان المتوقّع أن يتحسّن نمو اقتصادات منطقة القرن عقب عملية السلام التي تمت بين إريتريا وإثيوبيا، ومبادرة التكامل الاقتصادي التي انطلقت بين بلدان القرن الأفريقي.
ومستدركا: "لكن الأخيرة باتت مهددة بسبب الآفات المتتالية من الجراد إلى فيروس كورونا الذي ستكون عواقبه الأكثر تأثيرا إن لم تعمل الدول بشكل وثيق لمنع انتشار الفيروس".
الاستعداد لأسوأ السيناريوهات
تدران دعا أيضا الحكومات والمنظمات غير الحكومية بدول القرن الأفريقي إلى الأخذ بزمام المبادرة أولاً في مواجهة هذه التحديات، والاستعداد لأسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تحدث في ظل متلازمة الكورونا وآثار آفة الجراد التي ما زالت تعاني منها دول القرن الأفريقي.
بدوره، يرى الخبير الزراعي والاقتصادي أداني جلاجاي، أن القرن الأفريقي يجب أن يستعد ويتهيأ لمواجهة الآثار الثقيلة التي سيتركها كورونا على نمو واستقرار دول المنطقة.
وقال جلاجاي، في حديث مع "العين الإخبارية"، إن دول القرن الأفريقي ما زالت تعتبر من أفقر المناطق في ضمان الأمن الغذائي، فضلا عن التقلبات السياسية المختلفة.
وحذر من أن "متلازمة كورونا وآفة الجراد التي ما زالت تضرب المنطقة ستطرحان عددا من المشاكل الاقتصادية والسيناريوهات السياسية المختلفة، من تأجيل الانتخابات التي بدورها ستنعكس على الأوضاع السياسية والمشهد السياسي في منطقة ما زالت تعاني من انعدام الديمقراطية".
واعتبر جلاجاي أن على دول المنطقة "الاستعداد لأسوأ الاحتمالات التي قد يسببها ركود الاقتصاد العالمي، والذي لا تنفصل عنه اقتصادات منطقة دول القرن الأفريقي.
كما أن "من المهم أيضا إعداد التحليلات والتوقعات المستقبلية لهذه الدول لمواجهة الآثار المترتبة على المتلازمتين"، بحسب الخبير.
خطوات لمواجهة التحديات
تداعيات وخيمة يتوقع خبراء أن تضرب القرن الأفريقي بسبب كورونا الذي يجتاح المنطقة بعيد الجراد، ما يرفع سقف التحديات على مستوى البحث عن حلول طارئة وناجعة .
تحديات دفعت بالحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بمنطقة القرن الأفريقي إلى التحرك، وعلى رأسها الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيجاد".
والإثنين الماضي، عقدت "إيجاد" قمة طارئة اتفق خلالها قادة رؤساء دول الهيئة على اعتماد استراتيجية استجابة إقليمية، وإنشاء صندوق طوارئ لمواجهة فيروس كورونا.
وجرى الاتفاق أيضا على تشكيل آليات للتنسيق بين وزارات الصحة والمالية في دول الإقليم، واستمرار غلق حدود الدول وعدم السماح بالسفر للأفراد، مع التنسيق وفتح المعابر للبضائع والمعدات الصحية ذات العلاقة بمكافحة جائحة كورونا وضمان الرقابة على الحدود.
تدابير تأتي في وقت تتفاقم فيه أعداد المصابين بفيروس كورونا، وإن بدت حتى الآن أقل بكثير مما تواجهه بقية دول العالم، وخصوصا أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
لكن تكمن خطورة الوضع في دول القرن الأفريقي بأنها منطقة تعاني أصلا من تبعات اجتياح الجراد ، فضلا عن ضعف المنظومة الصحية، وما تتطلبه عملية التصدي لوباء كورونا من أجهزة كشف حديثة وعمليات غرف مجهزة.
ووفق التقرير اليومي الصادر عن المركز الأفريقي للسيطرة على الأمراض، سجلت منطقة شرق أفريقيا 483 حالة إصابة بالوباء، و9 حالات وفاة، فيما شفي 6.
في الأثناء، يبذل الاتحاد الأفريقي جهودا حثيثة في إطار الحرب على الوباء، حيث أصدرت مفوضية التكتل القاري العديد من القرارات والتوجيهات لمنع تفشي الفيروس بالقارة السمراء.
كما وافقت مفوضية الاتحاد الأفريقي على إنشاء صندوق قاري لمكافحة وباء كورونا، بتمويل أولي قدره 12.5 مليون دولار لتوفير استجابة منسقة قارية للفيروس.
وأيضا، وافقت الدول الأعضاء على المساهمة بمبلغ 4.5 مليون دولار من أجل تعزيز قدرة المركز الأفريقي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg جزيرة ام اند امز