الإفريقي التونسي.. حاضر كارثي يهدد الماضي المجيد
خسر النادي الإفريقي في السنوات الأخيرة رونقه كأحد أبرز الفرق التونسية، وذلك جراء المشاكل الإدارية والمالية التي يتخبط فيها.
ويعيش نادي العاصمة التونسية وضعية كارثية للغاية في عام احتفاله بمرور 100 عام على تأسيسه، حيث يحتل الفريق المركز الـ11 في جدول ترتيب الدوري التونسي برصيد 25 نقطة، على بعد 21 نقطة من المتصدر الترجي.
النتائج الضعيفة التي حققها الإفريقي في الموسم الحالي دفعت بالجماهير للخروج إلى الشارع بهدف إحداث تغييرات إدارية في صفوف النادي، وهو الأمر الذي حصل مؤخرا بتولي يوسف العلمي رئاسته خلفا للرئيس المقال عبدالسلام اليونسي.
وارتبط اسم الإفريقي طوال السنوات الأخيرة بالمشاكل الإدارية حيث أصبح صديقا وفيا لدى لجنة نزاعات الاتحاد الدولي لكرة القدم بسبب عدم احترامه لالتزاماته التعاقدية مع لاعبيه ومدربيه.
وتسعى الإدارة الجديدة في مرحلة الأولى للتخلص من لعنة الديون، ومن بعدها لبناء فريق جديد قادر على إعادة أمجاد النادي على الصعيدين المحلي والخارجي.
ماض مجيد
يملك الإفريقي تاريخا كبيرا في المنافسة على الألقاب المحلية والخارجية، حيث فرض نفسه في فترة من الفترات الأفضل على الأصعدة المحلية والأفريقية والإقليمية.
وعرف نادي "حي باب جديد" فترة مجده في تسعينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي حصد فيها الفريق 5 ألقاب محلية، وهي دوريات تونس لمواسم 1989-1990 و1991-1992 و1995-1996، فضلا عن كأسي تونس لعامي 992 و1998.
خارجيا، صنع الإفريقي الحدث في عام 1991، وذلك عندما أهدى تونس لقبها الأول في مسابقة دوري أبطال أفريقيا في نسختها القديمة.
وفرض "الأحمر والأبيض" سيطرة مطلقة على نسخة عام 1991 من أمجد الكؤوس الأفريقية للأندية، حيث توج بها بعد تغلبه ذهابا في المباراة النهائية على ناكيفوبو فيلا الأوغندي بنتيجة 6-1، وتعادله معه إيابا بنتيجة 1-1.
الإفريقي هو أيضا أول ناد تونسي يتوج بالكأس الأفروآسيوية للأندية، وحصل ذلك عام 1992 عندما تغلب على الهلال السعودي بنتيجة 4-3 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب.
كما فاز عملاق تونس أيضا في عام 1995 بالبطولة العربية للأندية الفائزة بالكؤوس على حساب مواطنه النجم الساحلي. وتفوق الفريق في دور المجموعات على عملاق آخر هو الأهلي المصري بنتيجة 4-1.
حاضر صعب
يعيش نادي العاصمة التونسية حاضرا صعبا، فالفريق فقد المقومات التي جعلت منه في فترة من الفترات أحد كبار الأندية في تونس وفي أفريقيا وفي العالم العربي.
ففضلا عن المركز الكارثي الذي يحتله في الدوري التونسي، والذي قد يجعله مهددا بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية، في صورة عدم تحقيقه نتائج جيدة خلال المباريات المتبقية في مرحلة الإياب، فإن الفريق أصبح لقمة سائغة على الصعيدين الخارجي.
تترجم ذلك الأمر خسارة الفريق التاريخية أمام مازيمبي الكونغولي بنتيجة 0-8 في مجموعات دوري أبطال أفريقيا لموسم 2018-2019، فضلا عن فشله في الترشح لنهائيات البطولة العربية لموسم 2018-2019 بعد خسارته في الدورة الترشيحية أمام النجمة اللبناني.
المشاكل الرياضية التي يعيشها النادي التونسي ناجمة بشكل كبير عن الأخطاء الإدارية الفادحة التي ارتكبها الرؤساء السابقون الذين ورطوا ميزانية النادي في تعاقدات مكلفة من دون أن تكون للنادي الموارد المالية اللازمة لخلاصها.
هذه الوضعية جعلت الفريق يغرق في أزمة الديون بعد أن حكم الفيفا بتعويضات كبيرة للاعبيه ومدربيه السابقين، وبات النادي محروما من الانتدابات حاليا، كما يواجه خطر خصم نقاط من رصيده في صورة عدم خلاصه للعقوبات المسلطة عليه من قبل لجنة نزاعات الاتحاد الدولي للعبة.
ومن حسن حظ الفريق أن الجماهير تحملت مسؤوليتها التاريخية ووفرت مبالغ مالية معتبرة قادرة على حل المشكل بشكل وقتي في انتظار حلول جذرية تنهي أزمة الديون.
مستقبل غامض
يبدو مستقبل النادي الإفريقي مفتوحا على كل الاحتمالات، خاصة أن الإدارة الجديدة، رغم طموحاتها الكبير، لا تملك ثقلا ماليا كبيرا قادرا على إيجاد الحلول للمشاكل التي يتخبط فيها النادي.
وفي انتظار اتضاح الرؤية بخصوص الاستراتيجية المستقبلية التي ستعتمدها الإدارة الجديدة، فإن الأولوية ستمنح للجانبين الرياضي، من خلال محاولة إنقاذ الفريق من شبح الهبوط، والإداري عبر خلاص الخطايا المستوجبة من قبل لجنة النزاعات التابعة للفيفا، لتفادي عقوبات جديدة قد تكون انعكاساتها خطيرة على مستقبل النادي.
ومن الواضح أن الإفريقي يحتاج لمزيد من الوقت قبل استعادة سالف توهجه، باعتبار أنه يعاني من مشاكل هيكلية كبيرة تحتاج لفترة طويلة من الزمن لمعالجتها وبناء استراتيجية جديدة قادرة على إعادة الفريق لسكة التتويجات.