كيف ترى أفريقيا مشروع الغزو التركي لليبيا؟
أردوغان أعلن الأحد أن وحدات من الجيش التركي بدأت التحرك إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج
رصدت مجلة "لوبوان" الفرنسية ردود فعل الدول الأفريقية، الرافضة للتدخل العسكري التركي في ليبيا، وحذرت من خطوة الرئيس التركي رجب أردوغان بجعل ليبيا نواة لمشروعه الاستعماري بأفريقيا.
وتحت عنوان "كيف ترى أفريقيا مشروع الغزو التركي لليبيا؟"، قالت المجلة الفرنسية: "إن التوتر الحالي في منطقة الساحل الأفريقي يرجع بشكل رئيسي إلى الفوضى في ليبيا منذ عام 2011".
وأشارت إلى أن الدول الأفريقية تهتم بشكل رئيسي بالوضع في ليبيا لارتباطها بأمن القارة.
واعتبرت "لوبوان" البلدان المتاخمة لليبيا هي أول الرافضين للإعلان التركي بالتدخل العسكري في ليبيا، وذلك خوفا من نشر أنقرة للإرهابيين على حدودهم.
تأهب الجزائر
ووفقا للمجلة الفرنسية، فإن هذا التدهور في المناخ السياسي والأمني في ليبيا أدى إلى تجدد الإرهاب في المنطقة، والتأثير على الوضع الأمني في المغرب العربي، لا سيما الجزائر، التي تشترك معها في حدود طويلة بطول ألف كيلومتر.
ونظم الرئيس الجزائري المنتخب عبدالمجيد تبون اجتماعا للمجلس الأعلى للأمن في 26 ديسمبر/كانون الأول الذي ضم أعلى السلطات المدنية والعسكرية في البلاد، لمناقشة الوضع المتدهور في ليبيا.
بدوره، قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، 2 يناير/كانون الثاني الجاري، "ستتخذ الجزائر عدة مبادرات في الأيام المقبلة لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، وهو حل مشترك بين الليبيين".
وأضاف أن "الجزائر لا تقبل أي وجود أجنبي على أرض الدولة المجاورة، أيا كانت الدولة التي تريد التدخل".
ووافق البرلمان التركي، الخميس الماضي، على اقتراح يسمح للرئيس التركي بإرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة السراج.
تحذير مصر
أشارت "لوبوان" إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حذر، في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، من أي محاولة "للسيطرة" على الأراضي الليبية.
وترأس السيسي اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن القومي ضم بشكل خاص وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ورئيس جهاز المخابرات، لتقديم رد على الضوء الأخضر من البرلمان التركي لإرسال الجنود في ليبيا.
وبحسب المجلة الفرنسية فإن مصر، التي تشترك في أكبر الحدود مع ليبيا تصل إلى 1111كم، تحاول منذ عدة أسابيع للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، خشية أن يجد الإرهابيون في سوريا أنفسهم على أبواب مصر.
وفي اجتماع طارئ في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي، شددت جامعة الدول العربية على "الحاجة إلى منع التدخل الأجنبي في ليبيا التي قد تساعد تسهيل وصول المقاتلين الإرهابيين المتطرفين إلى ليبيا".
يقظة تونس
قالت المجلة الفرنسية: "إن هناك بلدا آخر من دول الجوار تعيش تحت الضغط وهي تونس، حيث استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد نظيره التركي في قصر قرطاج في نهاية ديسمبر/كانون الأول، في زيارة تعرضت لانتقادات شديدة، وبعدها عقدا مؤتمرا صحفيا ونشرا "إعلان تونس من أجل السلام".
وحث النص المشترك جميع الليبيين على "الجلوس على طاولة الحوار من أجل التوصل إلى صيغة توفيقية للخروج من الأزمة الليبية الحالية، في إطار الاتفاق السياسي الليبي واحترام الشرعية دوليا، لينتقل من هذه الشرعية إلى الشرعية الليبية التي تقوم على الشرعية الشعبية"، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء التونسية الرسمية آنذاك.
وشدد الرئيس التونسي على أن بلاده متمسكة بموقف الحياد تجاه ليبيا، كما أعلن التزامه مرارا وتكرارا بمبادرة حوار بين القبائل الليبية، نافيا وقوف بلاده مع أي جبهة.
قلق دول الساحل الأفريقي
لفتت المجلة الفرنسية إلى أن دول الساحل الأفريقي تشعر بالقلق من تدهور الوضع الأمني في ليبيا.
وقال رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد، في بيان الجمعة الماضية، إنه قلق بشأن "تدخل" محتمل في ليبيا بعد قرار تركيا بنشر قوات في هذه الدولة التي تسودها الفوضى، مضيفا أنه "يشعر بقلق عميق إزاء تدهور الوضع في ليبيا واستمرار معاناة الشعب الليبي".
وأضاف البيان: "التهديدات المختلفة للتدخل السياسي أو العسكري في الشؤون الداخلية للبلاد تزيد من خطر المواجهة، وتهدد المصالح الأساسية للشعب الليبي وتطلعاته إلى الحرية والسلام والديمقراطية والتنمية".
وطلب رئيس الاتحاد الأفريقي من المجتمع الدولي الانضمام إلى أفريقيا في السعي إلى تسوية سلمية للأزمة في ليبيا، محذرا من "عواقبها الخطيرة" على القارة بأكملها.
وفي نيجيريا، قال الرئيس محمد إيسوفو، خلال مقابلة مع قناة "فرانس 24" الشهر الماضي، إن "المجتمع الدولي هو الذي خلق الفوضى في ليبيا وما يحدث في الساحل هو إحدى عواقب الفوضى الليبية"، معتبرا أن "ليبيا هي المصدر الرئيسي للأسلحة والإرهابيين".
فيما رأى الرئيس التشادي إدريس ديبي أن "زعزعة الاستقرار في الساحل بسبب الإرهاب مرتبط ارتباطا وثيقا بالفوضى التي نشبت في ليبيا بعد التدخل العسكري في عام 2011".
وكان أردوغان أعلن، الأحد، أن وحدات من الجيش التركي بدأت التحرك إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وقال في مقابلة مع محطة "سي.إن.إن ترك" التلفزيونية: "إن تركيا سترسل أيضا كبار قادة الجيش".
وأضاف أن تركيا وليبيا قد تعملان مع شركات دولية للتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في أعقاب إبرام اتفاق بين أنقرة وحكومة طرابلس لترسيم الحدود البحرية.