"القمة الأفريقية".. مهمة شاقة لإطلاق أكبر سوق للتجارة الحرة عالميا
قبل ثلاثة أعوام، ووسط موجة تفاؤل أطلق قادة الاتحاد الأفريقي اتفاقا للتجارة الحرة على مستوى القارة، وذلك بعد 17 عاما من المفاوضات.
لكن يبدو تنفيذ الاتفاق التاريخي مهمة شاقة أمام القادة الأفارقة، الذي يواجه العديد من العراقيل من بينها خلافات بشأن خفض رسوم وإغلاق حدود.
وانطلقت أعمال القمة الأفريقية العادية في دورتها الـ36 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فيما تفرض أزمة الغذاء وقضايا الأمن نفسها على أجندة الاجتماعات.
وضمن الملفات، يبحث القادة الأفارقة في القمة السنوية للاتحاد الأفريقي تسريع إقامة منطقة للتجارة الحرة، على وقع تداعيات الحرب في أوكرانيا واستمرار حركات التمرد المسلح.
وتضم منطقة اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA)، أكبر سوق للتجارة الحرة في العالم من حيث عدد سكان منطقتها، 54 من أصل 55 دولة أفريقية تغيب عنها إريتريا.
وقال آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، خلال كلمته أمام القمة التي جاءت تحت عنوان "تسريع تطبيق AfCFTA": "علينا أن نؤمن بمبدأ التضامن الأفريقي لتجاوز التحديات، فقد حان الوقت أن تكتفي قارتنا ذاتياً من الغذاء".
وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي، أن مشكلات القارة يجب ألا تتجاوز حدودها وحلها يتوقف علينا، كما أن جائحة كورونا أجبرتنا على إعادة النظر في مسألة الدين المستدام.
وفيما يتعلق بمحاربة التغير المناخي، قال آبي أحمد إن "التغير المناخي من أهم التحديات التي تواجه أفريقيا، ودول قارتنا ملتزمة بالاستثمار في الطاقة النظيفة".
ويهدف مشروع الاتفاقية إلى تعزيز التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة 60% بحلول عام 2034، عبر إلغاء جميع الرسوم وإنشاء كتلة اقتصادية 1.3 مليار شخص مع إجمالي ناتج محلي قدره 3,4 تريليون دولار.
وتبلغ نسبة التجارة بين الدول الأفريقية حاليا 15% من السلع والخدمات، مقارنة بأكثر من 65% مع دول أوروبية.
50 مليونا
في حال تطبيقها بالكامل ستُخرج الاتفاقية 50 مليون أفريقي من الفقر المدقع وترفع المداخيل بنسبة 9% بحلول 2035، بحسب البنك الدولي.
لكن التطبيق لا يزال بعيداً عن ذلك الهدف، ويواجه عراقيل من بينها خلافات بشأن خفض رسوم وإغلاق حدود بسبب وباء كوفيد، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
تحديات
تأتي القمة هذا العام في "فترة حساسة" لأفريقيا، بحسب مجموعة الأزمات الدولية للأبحاث، لافتة إلى عملية السلام الحديثة في إثيوبيا والنزاعات في جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة الساحل ودولة جنوب السودان وحركات تمرد متطرفة في الصومال وموزمبيق.
ويضيف مركز الأبحاث أن الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الغربية التي أعقبتها "هزت اقتصادات أفريقية وتسببت بمحنة شديدة للكثير منها"، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية.
وفي مقابل أسواق داخلية أوروبية متماسكة عبر خطوط أنابيب الطاقة والطرق السريعة والسكك الحديدية ووجهات الطيران، تسعى أفريقيا للحاق بالركب مع بنى تحتية متقادمة وفساد يعوّق العملية.
وحقق الاتحاد الأفريقي بعض النجاح في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي في التوصل لاتفاق سلام في إثيوبيا بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير شعب تيغراي.
وسيسعى كل من السودان ومالي وغينيا وبوركينا فاسو، الدول الأربع التي شهدت انقلابات عسكرية، للانضمام مجددا إلى الاتحاد الأفريقي.
البنك الدولي
ذكر تقرير للبنك الدولي أن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يمكن أن تحقق مكاسب اقتصادية واجتماعية كبيرة للمنطقة تؤدي إلى زيادة الدخول والحد من الفقر وتسريع وتيرة النمو الاقتصادي.
التقرير تم إعداده في شراكة مع أمانة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، يقول إذا تم تنفيذ الاتفاق التجاري تنفيذا كاملا للمواءمة بين قواعد الاستثمار والمنافسة، فإنه قد يؤدي إلى زيادة الدخول في المنطقة نحو 9% إلى 571 مليار دولار. ويُمكِن أيضا أن يؤدي إلى خلق قرابة 18 مليون وظيفة جديدة، كثير منها وظائف أعلى أجرا وأفضل جودة، وستشهد العاملات أكبر المكاسب.
وبحلول عام 2035، قد تساعد الوظائف الناجمة عن الاتفاق ونمو الدخول حوالي 50 مليون شخص على الخروج من دائرة الفقر المدقع.
وسيؤدي تنفيذ الاتفاق التجاري أيضا إلى زيادات أكبر في الأجور للنساء والعمال المهرة. وبحلول 2035، من المتوقع أن تزداد أجور العاملات بنسبة 11.2% عن مستوى الأجور في غياب الاتفاق، متخطية بذلك نمو أجور الذكور من العمال الذي ستبلغ نسبته 9.8%.
وتشير النتائج الرئيسية إلى أن منطقة التجارة الحرة لديها القدرة على تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تحتاج إليه أفريقيا للتنويع بما يضم صناعات جديدة مثل الصناعات الزراعية والخدمات والحد من مواطن ضعف المنطقة في مواجهة دورات الرواج والركود للسلع الأولية.
وقد يساعد توطيد التكامل بما يتجاوز نطاق التجارة، وتدابير تسهيل التجارة التي تكفل تنسيق السياسات بشأن الاستثمار والمنافسة والتجارة الإلكترونية، وحقوق الملكية الفكرية، على تعزيز كفاءة الأسواق وتنافسيتها، وتقليص المخاطر المتصلة بالبيئة التنظيمية، واجتذاب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.
وبحلول عام 2035، سيؤدي هذا التكامل إلى زيادة الدخول بنسبة 9% أو 571 مليار دولار، وخلق 18 مليون وظيفة جديدة مع انتقال 2.5% من العمال في القارة إلى صناعات جديدة.
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuOTgg جزيرة ام اند امز