بعد وقوفها في "حلق ماسك".. ما هي "الحبة السامة" بالشركات؟

قبل 40 عاما شهد محامي الأعمال الأمريكي مارتن ليبتون "عصر غزاة الشركات" الذي تضمن موجة استحواذات في بورصة "وول ستريت".

والغزاة، وفقا لتصريحات سابقة أدلى بها ليبتون عام 2011، هم مستثمرون من نوع جديد يتقنون الهندسات المالية، ومن أبرزها شركات "كولبرغ كرايفيس روبرتس" الاستثمارية وكارل إيكان وبكيرك كيركوريان.

• هل اقترب إيلون ماسك من التهام "تويتر"؟.. تسريبات جديدة عن التمويل
• إيلون ماسك يحرق "حبة السم".. 46.5 مليار دولار جاهزة لالتهام "تويتر"
  

وقد ابتكر ليبتون حيلة "الحبة السامة" لمواجهة موجة الاستحواذات هذه.

ما هي الحبة السامة؟

يمثل الإجراء المسمى "الحبة السامة" آلية ذات فاعلية مؤكدة لوقف الاستحواذات العدائية.

وقد اشتهر هذا الإجراء بعد أن لوح به مجلس إدارة تويتر في الملياردير المثير للجدل مواجهة إيلون ماسك لإجباره على الدخول في مفاوضات للتمكن من الاستحواذ على المنصة، بدلاً من أن يفعل بطريقة غير توافقية.

ولمنع ماسك من الاستحواذ على تويتر، يخطّط مجلس إدارتها لتفعيل "الحبة" في حال اشترى الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" أكثر من 15% من أسهم الشركة في البورصة.

ويمتلك ماسك أساساً 9.2% من أسهم الشركة. وأعلن الخميس أنّه تمكّن من تأمين الـ46,5 مليار دولار اللازمة لتقديم عرض على الأسهم المتبقية.

ومن شأن أي استحواذ يفوق الـ15% من أسهم الشركة أن يتيح للمساهمين جميعهم باستثناء ماسك شراء الأسهم بنصف السعر، ما سيؤدي إلى إغراق السوق بالأسهم المتداولة ويقلل بالتالي نسبة أسهم ماسك، مما يجعل استحواذه على تويتر بالتالي أكثر صعوبة.

وسيصبح من شبه المستحيل عندها أن يسيطر الملياردير على الشركة، مع أنه سينفق مبلغاً أكبر بكثير من الذي كان يُفترَض أن يدفعه.

الحبة "في حلق ماسك"

ويوضح الأستاذ المساعد في مادة الشؤون المالية في جامعة "ويسترن واشنطن" إريك ويرلي أنّ "التخفيض (أي انخفاض نسبة ملكية حصة من الأسهم بسبب إصدار سهم جديد) الناجم عن هذا الإجراء الدفاعي يلعب عموماً دوره الرادع".

ويوضح الأستاذ في جامعة واشنطن جون كاربوف أنّ "نصف الشركات المدرجة أُنشئت في ولاية ديلاوير" ذات النظام الضريبي المتساهل، "ما عزز الاجتهاد المتعلق بإجراءات (الحبوب السامة) فيها".

ويضيف "ما لم يكن في (حبة) تويتر، شيء غير عادي، وهو أمر استبعده، ستكون فرصة ماسك ضئيلة للفوز أمام القضاء" وإلغاء الآلية.

ويقول الأستاذ المساعد في جامعة "بوسطن كوليدج" برايان كوين "لا أعتقد أنّ الموضوع سيُحال على القضاء لأنّ إيلون ماسك لا يتمتع بحجج قانونية" تتيح له الفوز.

 ويشير كوين إلى أنّ البديل الأول لاستحواذ ماسك على غالبية الشركة يتمثل في "تغيير مجلس الإدارة"، وتثبيت أعضاء فيه متحالفين مع رجل الأعمال.

لكنّ جدول أعمال الاجتماع العام المقبل لتويتر المقرر في 25 أيار/مايو، حُدّد أصلاً، ما يعني أن على إيلون ماسك الانتظار لعقد الاجتماع التالي عام 2023.

الحبة السامة.. حصانة ضد تغيير مجلس الإدارة

 أما العقبة الثانية التي تواجهه، فتتمثل في أنّ عزل مجلس الإدارة غير ممكن إلا على دفعات. وفيما تنتهي عضوية بعض الأعضاء هذا العام، يستمر آخرون في مناصبهم حتى 2023 أو 2024 أو 2025. وينبغي على ماسك الانتظار حتى عام 2024 أقلّه ليحصل على غالبية المقاعد في مجلس الإدارة.

ويقول بريان كوين "لم يتغلب سابقاً أي مشتر على آلية (الحبة السامة) من خلال استبدال مجلس الإدارة في عمليتين انتخابيتين متتاليتين".

ويرى كوين أنّ "الخيار الوحيد أمام ماسك يتمثل في التفاوض مع مجلس الإدارة"، على الأرجح من خلال اقتراح عرض أعلى للاستحواذ على الشركة، من دون ضمان نجاح هذه الخطوة.

وفي حال لجأ ماسك إلى المفاوضات، لن يتمكن من الاعتماد على مؤسس تويتر ومديرها السابق جاك دورسي ما لم تحصل تسوية سريعة.

وكان دورسي أعرب مرات عدة علناً عن تعاطفه مع الملياردير الخمسيني، لدرجة أنّه ردد انتقادات ماسك الموجهة ضد مجلس الإدارة.

وبعد استقالته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلن جاك دورسي أنه لن يترشح لولاية جديدة كمدير، وسيغادر مجلس الإدارة بعد الاجتماع العام.

ويشير جون كاربوف إلى أنّ ماسك يتعين عليه توازياً مع المفاوضات، البدء في طرح قضيته للمساهمين، وهي خطوة بدأها أصلاً الملياردير، وللمفارقة، عبر تويتر.

ويقول كاربوف "أعتقد أن شعبيته لدى أشخاص كثيرين ستساعده"، مضيفاً "لن أتفاجأ إذا حشد صغار المستثمرين لمساعدته في الضغط على مجلس الإدارة".