إذا دخلت أمريكا في صراع عسكري مع إيران فهذا يعني أنها ستجند العالم الحليف لها ضد النظام في طهران.
يبدو جليا أن الحرب بين إيران وأمريكا تبتعد بشكل تدريجي مع تصريحات متداولة تبين رغبة الجانب الأمريكي بالحوار كخيار استراتيجي أساسي يخدم المصالح الدولية والإقليمية، وسوف يبقى خيار الحوار مطروحا ولمدة طويلة ولكن هناك إمكانية أن يحدث شيء ما على عكس التوقعات فقد تلجأ أمريكا إلى معالجة عسكرية نوعية محدودة في نهاية المطاف إذا لم تستوعب إيران مصطلحات الرسالة الأمريكية.
الحقيقة أن مساحة الالتقاء الأمريكي الإيراني لم يكشف عنها بعد، وفيما إن كانت هي مساحة تفاوض أم مساحة للحوار، أما بالنسبة لإيران فهي تستفيد من خبراتها الماضية في تعزيز فكرة الحوار ولكن بطريقة ملتوية، فهي لا تفضل أن تدخل مفاوضات مشروطة، ومن هنا، فإن التصريحات السياسية الإيرانية تصدر من جميع المستويات في النظام الإيراني بشكل متوازٍ تهدف لإرباك المشهد ابتداء من المرشد وحتى أقل منصب مسؤول ثانوي في مؤسسة دبلوماسية أو عسكرية إيرانية.
الخيار الوحيد أمام إيران هو صيغة جديدة تضم اتفاقا لا يستثني دول المنطقة الراغبة في المشاركة ووفق شروط تدركها إيران جيدا وترغب أمريكا في تنفيذها. لا شك أن دول المنطقة ليست عدوة لنظام إيراني مستقر يبتعد عن التدخلات وخلق المشكلات سواء الأيديولوجية أو السياسية في المنطقة
أمريكا جلبت القوات لأنها تملك هدفا يمكن تحقيقه بعدة طرق، ولكن أيا من هذه الطرق لا يمكن أن يتم بشكل آمن، وخاصة أن إيران لا تبدي رغبة في اتفاقيات ذات أطراف متعددة وخاصة دول المنطقة. لقد كان تصريح بالأمس لسمو وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان يشير إلى مسار يؤدي إلى إنتاج اتفاق آمن تشارك فيه دول المنطقة وتحديدا دول الخليج التي تستهدفها إيران، فهذه الدول هي الضامن الوحيد لتنفيذ مثل هذه الاتفاقية ليس من حيث المراقبة، ولكن من حيث التعاطي والتفاعل مع إيران.
إذا كانت إيران تريد أن تتفادى حربا مباشرة مهما كان نوعها أو درجتها مع أمريكا فلا بد أن تفكر باتفاق يضعها وشركاءها في المنطقة في نفس المساحة، ولكن هذا لن يتحقق إلا بشروط يأتي في مقدمتها تفكيك إيران لمشروعها الأيديولوجي في المنطقة ومنعها من التدخل المباشر في شؤون دول عربية وخليجية.
إذا دخلت أمريكا في صراع عسكري مع إيران فهذا يعني أنها ستجند العالم الحليف لها ضد النظام في طهران الذي يدرك أن ذلك سوف يجعل إيران في حرب فعلية وطويلة وعلى عدة جبهات سياسية واقتصادية مع أمريكا، وسوف تكون إجراءات دول العالم ضد إيران في هذه الحالة مبررة ومدعومة بشكل دولي من المنظمات الدولية ومدعومة من أقوى دولة في العالم.
الخيار الوحيد أمام إيران هو صيغة جديدة تضم اتفاقا لا يستثني دول المنطقة الراغبة في المشاركة ووفق شروط تدركها إيران جيدا وترغب أمريكا في تنفيذها. لا شك أن دول المنطقة ليست عدوة لنظام إيراني مستقر يبتعد عن التدخلات وخلق المشكلات سواء الأيديولوجية أو السياسية في المنطقة، ولكن على الجانب الآخر أيضا فدول المنطقة لن تسمح بنظام يمكن أن يسهم في زعزعة الأمن والاستقرار القومي لدول الخليج المتضررة من هذا النظام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة