جراح أول عملية زراعة رئة في مصر يكشف لـ"العين الإخبارية" كواليس مهمة الـ10 ساعات (حوار)
ملحمة إنسانية استثنائية جسدها أشقاء ثلاثة، في تنفيذ عملي للآية القرآنية الكريمة "سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ"،
وبعطاء ممزوج بالحب تبرع شقيقان لأختهما بفصي رئتيهما، ليدونوا قصة ميلاد جديدة من رحم الموت.
وأثبت الشقيقان أن الأخوة رباط مقدس، فلم يفكرا أو يترددا ولو للحظة واحدة في التبرع لشقيقتهما، فقد نطق لسانهما بما قرره عقلهما وأراده قلبهما لإنقاذ حياتها والقضاء على معاناتها، حتى لو كلفهما الأمر حياتهما.
وبهذه العملية، فتح الدكتور محمد حسين، أستاذ جراحة الصدر ومدير وحدة زراعة الرئة بجامعة عين شمس، باب أمل جديد طال انتظاره من مرضى تليف الرئة في مصر.
واستطاع بمساعدة فريقه الطبي إتمام أول عملية زراعة رئة من متبرع حي في مصر والشرق الأوسط، والتي كانت أشبه بالحرب المتواصلة شارك فيها الكثير من الجنود البواسل.
وتواصلت "العين الإخبارية" مع الدكتور محمد حسين، ليكشف تفاصيل هذه العملية الدقيقة، وأكد أن العملية بالرغم من صعوبتها، إلا أن لديه خبرة طويلة ومتمرس في مثل هذه الجراحات.
وإلى نص الحوار:
هل هذه أول عملية زراعة رئة تقوم بها؟
- لا، أجريت أكثر من 300 عملية زراعة رئة على مدار 18 عاما في فرنسا، وفي جامعة مونتريال بكندا، ومستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.
ما الحالة المرضية التي كانت تعاني منها الفتاة؟
- المريضة كانت في حالة حرجة جدا، ولم يكن هناك حل سوى إجراء جراحة زراعة رئة، فبالرغم من أنها لم تتجاوز الـ28 عاما، إلا أنها كانت تعاني من تليف رئوي، بالإضافة إلى وجود ضغط شديد جدا في ضغط الشريان الرئوي، وأثر ذلك على عضلة القلب بشكل كبير وأدي في النهاية إلى فشلها.
كيف تم التنسيق مع شقيقها وإقناعه بالتبرع لها؟
- المريضة لديها شقيقان إحداهما 32 عامًا والآخر 26 عامًا، وهما من بادراا بتقديم عرض التبرع لشقيقتهما الوحيدة بحماس شديد، فقد كان تفكيرهما مُنصبا على شفاء شقيقتهما فقط ومنحها حياة جديدة.
كيف تم الاستعداد لهذه الجراحة؟
- قمنا بعمل جميع التحليلات والفحوصات اللازمة بشأن هذه العملية للأشقاء الثلاثة، وفوجئنا بتناسق وتطابق أنسجتهم الثلاثة بدرجة ممتازة.
أي الشقيقان تبرع لها؟
- الاثنان تبرعا لها.
كيف تم التبرع منهما؟
- قرر الشقيقان تحويل آلام شقيقتهما وأحزانها إلى فرح وسعادة، وتبرع كل منهما لها بفص من رئته، الأول تبرع لها بفص الرئة السفلي الأيمن، والثاني تبرع لها بالفص السفلي الأيسر.
ما حالة المتبرعين والمريضة حاليا؟
- العملية تمت بنجاح، والأشقاء الثلاثة بحالة جيدة جداً.
هل تعافوا الثلاثة بشكل كامل؟
- بدأوا في التماثل للشفاء، فالمتبرعان سيخرجان من المستشفى خلال يومين، والمريضة حالتها بدأت في التحسن.
متى ستخرج المريضة من المستشفى؟
- هي مازالت بالعناية المركزة تحت إشراف الأطباء، وحالتها مستقرة وجيدة للغاية، وكفاءة عمل الرئة الجديدة ممتازة.
هل تخوف الشقيقان على حياتهما قبل إجراء العملية؟
- لا، ولكنهما مثل أي شخص كانا يسألان عن المخاطر التي من الممكن أن تحدث أثناء وبعد العملية.
كيف استقبلتم طلب الشقيقين التبرع لشقيقتهما؟
- تعاملنا معهما بكل شفافية، وكشفنا لهما كل المخاطر والمضاعفات التي قد تحدث على المدى القريب والبعيد، ولكنهما أصرا على موقفهما.
هل المضاعفات التي تحدث بعض إجراء عملية الزراعة خطيرة؟
- لا، جميعها أعراض بسيطة لا تؤثر على حياة المريض ولا المتبرع، ولا تؤثر على الوظائف الحيوية لجسمه.
إلى أي نسبة تصل خطورة عملية زراعة الرئة؟
- 10% وهي نسبة مقبولة جدًا.
كم ساعة استغرقتها العملية؟
- 10 ساعات تقريباً، بدأنا الساعة 10 وانتهينا الساعة 8.
ما عدد الجراحين الذين شاركوا في العملية؟
- 9 جراحين شاركوا فيها.
هل كان الأشقاء الثلاثة في غرفة عمليات واحدة؟
- لا، العملية أجريت في 3 غرف عمليات في آن واحد، الغرفة الأولى كانت بقيادة الدكتور أحمد مصطفي، والثانية بقيادة الدكتور أحمد النوري، والثالثة بقيادتي.
هل عمليات زراعة الرئة منتشرة في مصر؟
- لا، هذه أول عملية لزراعة الرئة في مصر، وأول عملية زراعة رئة من متبرعين على قيد الحياة في الشرق الأوسط، جراحات زراعة الرئة تتم من متبرع حديث الوفاة، ولكن لعدم توافر هذا البرنامج في مصر، لجأنا للتبرع من أشخاص على قيد الحياة.
ما الذي تحتاجه مصر للتوسع في مجال زراعة الرئة؟
- مصر بحاجة إلى العمل ببرنامج التبرع من شخص حديث الوفاة مثلما تفعل دول العالم أجمع، لأن هذا البرنامج أفضل من الناحية التقنية والأمنية للمتبرعين وللمريض.. كما أننا بحاجة إلى زيادة التوعية الإعلامية على المستويين الحكومي والخاص، للدعوة وتشجيع التبرع بالأعضاء.
كيف يتم التبرع من المتوفى؟
- يظل المتوفى على جهاز التنفس الصناعي بعد وفاته في العناية المركزة، ويظل القلب يعمل لأسابيع، وخلال هذه الفترة يمكن إجراء عمليات التبرع منه للشخص المريض.
