نجاد يتهرب من سؤال حول خامنئي.. مراوغة خشية البطش
كشف تهرب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد من سؤال عن رسالته لولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان حول اليمن، خشية بطش نظامه.
وخلال استضافته في أولى حلقات برنامج "المدار" على قناة "الشرق" الإخبارية السعودية، الأحد، تهرب نجاد أكثر من مرة من الإجابة على سؤال للصحفي السعودي عضوان الأحمري عن الرسالة الشهيرة التي وجهها إلى ولي العهد السعودي، ويعرض فيها أفكاراً لمبادرة بغية إنهاء الحرب في اليمن.
وسأل الأحمري نجاد عن سبب عدم توجيهه هذه الرسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني باعتبارهم الداعمين للميلشيات الحوثية في اليمن، لكنه تهرب من الإجابة.
فأعاد عليه الأحمرى السؤال مرة ثانية ، ثم ثالثة، وأمام إصرار الإعلامي السعودي للحصول على إجابة من ضيفه الإيراني، فما كان منه إلى التهرب كليا من المقابلة وطلب إنهاءها متذرعا أن لديه اجتماعا.
أسباب التهرب
مراقبون رأوا أن تهرب نجاد من الإجابة على السؤال فضح نظام الملالي في إيران، كونه يكشف خوف نجاد من بطش النظام، وإيمانه وإدراكه بأنه لا يريد حل أزمة اليمن.
وبينوا كذلك أن نجاد يدرك جيدا أنه مغضوب عليه من النظام، ولا يريد أن يفاقم العلاقة مع نظام الملالي على أمل ألا يرفض مجلس صيانة الدستور مجددا طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية العام القادم بعد رفضه العام 2017.
كما بينوا أن رد نجاد على السؤال كان من شأنه أيضا إما أن يفضح تناقضاته هو نفسه عندما كان في الرئاسة لولايتين خلال الفترة من 2005 إلى 2013، أو الكشف عن أسرار خطيرة من شأنها فضح النظام وآلية اتخاذ القرار داخله.
وسبق أن انتقد نجاد في يناير/كانون الثاني 2010، عندما كان رئيسا لإيران، السعودية على خلفية عمليات تقوم بها بحدودها الجنوبية ضد بعض العناصر المتسللة الحوثية.
ورد عليه وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل آنذاك متهما إيران بشكل صريح ومباشر، بتدخلها في الشأن الداخلي اليمني.
وقال تصريحه الشهير" ''كاد المريب أن يقول خذوني(...) الاتهام الحقيقي هو أن إيران تتدخل في الشؤون الداخلية لليمن وهذا لا يمكن أن يغطي عليه اتهام الآخرين بهذا الشأن".
ولم تختلف تجربة نجاد في الحكم عن سابقيه، إذ استمرت السياسة الإيرانية في نشر الفوضى والإرهاب في المنطقة، وقمع المعارضين داخليا.
تحفظ وقلق
مقابلة نجاد مع "الشرق" ظهر خلالها شديد التحفظ في إجاباته على غير عادته، وكانت الكثير من إجاباته مقتضبة ودبلوماسية، في مؤشر واضح على تلقيه تحذيرات بشأن تلك المقابلة، فرفض نجاد الإفصاح عما إذا كان يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة أم لا.
وبخصوص إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، كما ذهبت إلى ذلك تقارير اعتبرته "مرشحاً قوياً"، قال الرئيس الإيراني السابق إنه لم يعلن نيته الترشح لتلك الانتخابات.
كما رفض التعليق على توقعاته بشأن ما إذا كان مجلس صيانة الدستور سيرفض ترشيحه للانتخابات الرئاسية مجددا أم لا.
وعند سؤاله حول تصريحات منسوبة له بأنه هدد بإفشاء أسرار لو منع من الترشح للانتخابات الرئاسية مجدد، قال: لم أهدد أحداً حتى الآن بإفشاء أسرار خطيرة!
تهرب نجاد أيضا من الإجابة على السؤال بشأن رسالته لولي العهد السعودي، رغم إصرار الأحمري، وإعادة السؤال أكثر من مرة، جاء بعد الانتقادات التي تعرض لها من نظام الملالي على خلفية تلك الرسالة.
وكان نجاد قد وجه رسالة إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يوليو / تموز الماضي يعرض فيها أفكاراً لمبادرة لإنهاء الحرب في اليمن.
واقترح أحمدي نجاد في رسالته أن يتولى "تشكيل لجنة تضم عدداً من الشخصيات الموثوقة عالمياً والمعنية بالحرية والعدالة لإجراء محادثات مع الطرفين المتخاصمين (في اليمن) وذلك بهدف إنهاء الأزمة وإحلال السلام والصداقة".
وقال مخاطباً الأمير محمد بن سلمان: "إنني على ثقة بأن سماحتكم في الرد على مطالب شعوب المنطقة والمجمتع الإنساني منكم، وبالتأمل الجيد في نتائج هذه الحرب المدمرة، ستقومون بعمل تُذكرون به خيراً ويرضي الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه".
واعتبر الرئيس الإيراني السابق، في رسالته التي أرسل نسخة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، أنه "مهما تطول هذه الحرب، فلن تثمر غير الدمار وقتل الأبرياء من الجانبين، ولا منتصر فيها، ففي نهاية المطاف سيخسر الجميع".
وتوجه إلى الأمير محمد بن سلمان، قائلاً: "أعرف أن الوضع القائم لا يرضيكم، وأن ما يحدث يومياً ويذهب ضحيته الأبرياء وتُدمر البنى التحتية قد يلُم بكم الهم والحزن... ولذلك ترحبون بسلام عادل. وأثق تماماً بأنه بمرافقتكم وبتعاونكم البناء يمكننا تطبيق مبادرات مؤثرة من شأنها أن تلعب دوراً أساسياً في وضع الحد من تفاقم الوضع القائم وإنهاء الحرب والخصومة".
وكالة أنباء تسنيم المقربة من مليشيا الحرس الثوري الإيراني انتقدت رسالة نجاد، وأبدت امتعاضها من محتوى الرسالة إلى الأمير محمد بن سلمان.
وقالت الوكالة، في تقرير مطول، إنه ”بالإضافة إلى محتوى الرسالة، فإن استخدام مصطلحات مثل ”صاحب السعادة“، ”أخي العزيز“، ”أخوك محمود أحمدي نجاد“ في مخاطبة الأمير محمد بن سلمان، هي النقطة الأكثر إثارة للدهشة في هذه الرسالة.
ووصفت الوكالة نجاد بالشخصية المتطرفة والمتناقضة.
سياسة الشد والجذب
واعتبر مراقبون أن إجابات نجاد المتحفظة تعكس رغبته في عدم التصعيد مع النظام، وتأتي في إطار سياسة الشد والجذب التي يتبعها في الفترة الحالية مع قرب الانتخابات الرئاسية، فتارة يهادن النظام، وتارة يهاجمه بقوة في إطار رسائل متبادلة بينه وبين نظام الملالي.
وكان عباس أميري فر، المستشار الثقافي السابق بالرئاسة الإيرانية، قد كشف في تصريحات سابقة أن مكتب المرشد علي خامنئي رفض مرارا طلبات من نجاد للقاء الأخير خلال السنوات الماضية.
واعتبر المسؤول الإيراني السابق، المقرب من نجاد، أن الأخير لن يحصل على موافقة مجلس صيانة الدستور (منوط به الموافقة على المرشحين للانتخابات) إذا خاض منافسات الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
وأيد خامنئي الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد بشكل كامل خلال الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009.
ولكن بعد وصول نجاد إلى السلطة اختلف مع خامنئي على منصب رئاسة وزارة الاستخبارات الإيرانية، مما أدى إلى بقاء نجاد في منزله رافضا مزاولة مهام منصبه لأكثر من 10 أيام.
وظهر خلاف المرشد والرئيس للعلن في أبريل/نيسان عام 2011، عندما طلب نواب برلمانيون من نجاد الالتزام بتنفيذ أوامر خامنئي بإعادة تعيين وزير الاستخبارات حينها حيدر مصلحي في منصبه بعد استقالته بسبب خلاف نشأ بين الأخير ونجاد.
وقدم أحمدي نجاد أوراق ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية الماضية التي أجريت عام 2017، رغم رفض المرشد الإيراني، قبل أن يرفض مجلس صيانة الدستور منحه (نجاد) أهلية للترشح.
وأكد مقربون من نجاد مؤخرا أنه يعتزم خوض منافسات الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع انعقادها في الربع الثاني من عام 2021.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4xMzMg جزيرة ام اند امز