الشرع يرسم خريطة طريق سوريا.. قطيعة مع الإخوان و«تاريخ جديد» مع لبنان والعراق

في تصريحات بدت وكأنها خريطة طريق لسوريا الجديدة، نفى الرئيس السوري أحمد الشرع صلته بتيارات الإسلام السياسي أو موجات «الربيع العربي»، راسما ملامح سياسة دمشق في عدة ملفات؛ أبرزها أمن الحدود والاقتصاد.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها الشرع خلال لقائه في دمشق وفدا إعلاميا عربيا؛ بينهم: سكاي نيوز عربية التي نقلت عن الرئيس السوري قوله إنه «ليس امتدادا للأحزاب الإسلامية، سواء الجهادية أو الإخوان المسلمين»، مضيفا أنه لا ينتمي إلى ما يعرف بـ«الربيع العربي».
وكان أحمد موفق زيدان مستشار الرئيس السوري للشؤون الإعلامية، دعا تنظيم الإخوان إلى حل نفسه، أسوة بالفصائل العسكرية والسياسية الأخرى، مشيرًا إلى أن «حل التنظيم اليوم، كما فعلت المكونات الأخرى سيخدم البلد، الذي هو رأسمالنا جميعا، ومقصدنا كلنا».
وأوضح مستشار الرئيس السوري، أن تنظيم الإخوان الذي سبق وحل نفسه، في بعض البلدان، «ومارس العمل السياسي والدعوي بتسميات جديدة كان أفضل حالا ممن أصر على التمسك بسياسة ديناصورية، محكوم عليها بنظر بعض الجيولوجيين بالاندثار، ما دام الديناصور قد عجز عن التأقلم مع الظروف الطبيعية الجديدة، وهو حال تنظيم يرفض أن يتأقلم مع ظروف داخلية وإقليمية ودولية تجاوزته».
ولا يزال الشرع خاضعا لعقوبات فرضتها الأمم المتحدة بسبب ماضيه في التنظيمات المتطرفة، ويتعيّن عليه الحصول على استثناء خاص لكلّ مرة يسافر فيها إلى الخارج.
خارطة طريق
اللقاء شهد أيضا تصريحات للشرع في عدة ملفات بدت أشبه بملامح خريطة طريق لسياسة سوريا المقبلة؛ بينها ملف التفاوض الأمني مع إسرائيل، والعلاقات مع لبنان، والانفتاح الاقتصادي على العراق والعالم العربي والغربي.
ففي الملف الأول، كشف الشرع أن بلاده تخوض حوارا أمنيا مع إسرائيل على قاعدة خط وقف إطلاق النار لعام 1974، الخط الذي رسم بعد حرب أكتوبر وشكل عبر عقود خط تماس ساكنا في الجولان وحال دون الانزلاق إلى مواجهات شاملة.
حديث الشرع هنا بدا إشارة واضحة إلى محاولة دمشق تثبيت معادلة أمنية جديدة تبقي الجبهة تحت السيطرة، وربما تمهد لتفاهمات أوسع مع تل أبيب برعاية دولية أو إقليمية.
وكانت سوريا قد كشفت للمرة الأولى عن مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي هذا الشهر، حيث ذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن وزير الخارجية أسعد الشيباني التقى وفدا إسرائيليا في باريس الأسبوع الماضي.
وفي وقت سابق من اليوم، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان (مستقل)، عما قال إنه بنود اتفاق التسوية الأمنية المتوقع بين سوريا وإسرائيل، حيث لا تزال الدولتان رسميًا في حالة حرب منذ عام 1948.
وبحسب المرصد السوري، تشمل التفاهمات المتوقعة «تجريد الجولان السوري من السلاح»، و«حظر نشر الأسلحة الاستراتيجية»، و«إنشاء ممر إنساني للدروز في السويداء».
في المقابل، ستتلقى دمشق «مساعدات لإعادة الإعمار من الولايات المتحدة ودول إقليمية»، في خطوة تهدف على ما يبدو إلى استقرار سوريا وإبعادها عن المحور الإيراني.
وكانت تقارير إعلامية غربية قد رجحت توقيع الاتفاق في أواخر سبتمبر/أيلول المقبل بوساطة أمريكية ورعاية إقليمية.
وبحسب المرصد السوري، تلتزم دمشق بالآتي:
- تجريد منطقة الجولان السوري من السلاح، من دمشق حتى السويداء، لمنع تهديدات الإرهاب من المنطقة المتاخمة لإسرائيل
- الامتناع عن إعادة بناء الجيش السوري اعتمادًا على تركيا، وهي نقطة تراها إسرائيل ذات أهمية خاصة.
- حظر نشر الأسلحة الاستراتيجية في الأراضي السورية، بما في ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، للحفاظ على حرية عمل وسيطرة سلاح الجو الإسرائيلي.
تاريخ جديد مع لبنان
أما في الملف اللبناني، فكان خطاب الرئيس السوري أكثر صراحة من أي وقت مضى. فقد أكد أن دمشق "تنازلت عن الجراح التي سببها حزب الله" خلال سنوات الحرب، داعيا إلى "كتابة تاريخ جديد للعلاقات السورية – اللبنانية".
هذا التصريح، بتوقيته ومضمونه، قد يشير إلى محاولة تجاوز عقدة الماضي مع الحزب، وإلى رغبة في صياغة علاقة ثنائية مع الدولة اللبنانية بعيدا عن نفوذ السلاح والتوترات القديمة.
شراكات مع العراق
الملف الثالث تمحور حول الاقتصاد، إذ شدد الشرع على أن سوريا تتجه إلى بناء شراكات اقتصادية مع العراق ودول عربية وغربية، بما يوحي بمرحلة جديدة من الانفتاح ومحاولة لكسر طوق العزلة الذي كبل دمشق لأكثر من عقد.
ومنذ إطاحة بشار الأسد من الرئاسة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عملت السلطات السورية الجديدة على جذب الاستثمارات لإعادة إعمار البنية التحتية التي دمرتها الحرب.
ووقعت سوريا مؤخرا اتفاقات بقيمة تزيد على 28 مليار دولار، تشمل استثمارات في مطار دمشق ومشاريع أخرى في مجال النقل والعقارات والطاقة والموانئ وغيرها من استثمارات.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMiA= جزيرة ام اند امز